يرتقب أن يعرف إنتاج الزيتون انخفاضا مهما هذا الموسم، خصوصا في المناطق البورية، بسبب الجفاف. وتعتبر هذه السنة الثانية على التوالي التي ينخفض فيها إنتاج الزيتون، إذ تراجع خلال الموسم الماضي بنسبة 27 في المائة مقارنة مع الموسم الأسبق الذي عرف إنتاجا قياسيا بحجم 1.6 مليون طن، حسب وزارة الفلاحة. وتوقع رشيد بنعلي، رئيس الفدرالية البيمهنية للزيتون ، أن ينخفض إنتاج الزيتون في المناطق البورية بنحو 40 في المائة هذه السنة. وقال للاتحاد الاشتراكي «بالنسبة للمناطق المسقية لن يكون هناك أثر كبير، لكن ننتظر اكتمال الإزهار والظروف المناخية التي سيتم فيها ذلك قبل أن نتحدث بدقة عن توقعات الإنتاج". وعرف قطاع الزيتون توسعا قويا خلال العشر سنوات الأخيرة إذ تضاعفت المساحات المغروسة بأشجار الزيتون لتناهز 1.3 مليون هكتار، وذلك نتيجة دخول استثمارات محلية ودولية ضخمة مجال زراعة الزيتون، من جهة، وإلى برامج تحويل الفلاحين الصغار نحو زراعة الزيتون في إطار مخطط المغرب الأخضر. غير أن القطاع يعاني من مفارقة صارخة بين الأراضي البورية والجبلية التي يرتبط إنتاجها بالأمطار، وتندرج في إطار الزراعات المعيشية لجزء هام من سكان العالم القروي، وبين الضيعات العصرية الكبرى في المناطق المسقية والتي توسعت كثيرا في السنوات الأخيرة مع طرح أراضي وضيعات الدولة للإيجار واهتمام المستثمرين الكبار بقطاع الزيتون. وتتجلى هذه المفارقة في أداء القطاع خلال العام الماضي. ففي حين انخفض الإنتاج الوطني للزيتون بنسبة 27 في المائة، عرفت صادرات زيت الزيتون قفزة نوعية إذ ارتفعت خلال سنة 2015 بنسبة 56 في المائة من حيث الحجم و105 في المائة من حيث القيمة، حسب إحصائيات مكتب الصرف. ويرجع هذا الارتفاع إلى شروع بعض الضيعات العصرية التي غرست في السنوات الأخيرة في إعطاء منتوجها. وهذه السنة أيضا يرتقب دخول ضيعات جديدة مرحلة الإنتاج، ومنها على الخصوص الأراضي التي غرستها شركة الظاهرة الإماراتية على مساحة تفوق 500 هكتار قرب فاس. وللإشارة، فإن الشركة الإماراتية وقعت اتفاقيات خلال العام الحالي لتوسيع مجال نشاطها في زراعة الزيتون إلى ألف هكتار، تشمل ضيعات جديدة في منطقة بني ملال. وتتميز الاستثمارات الجديدة في القطاع بإدخال أصناف جديدة من شجر الزيتون، خاصة من إسبانيا، والتي تمتاز بإنتاجها المبكر وكون منتوجها من الزيتون موجه حصريا لإنتاج زيت الزيتون، بخلاف الشجرة التقليدية المغربية التي يمكن توجيه محصولها إما لاستخراج زيت الزيتون أم لإنتاج زيتون المائدة. وبالتالي فإن صادرات المغرب من زيت الزيتون مرشحة للارتفاع بشكل قوي خلال السنوات المقبلة. وفي سياق هذه الدينامية أصبح زيت الزيتون المغربي يغزو الأسواق العالمية، أصبح المغرب يتنافس على المراتب الرابعة والثالثة عالميا في هذا المجال. وحازت زيت الزيتون المغربية على العديد من الجوائز العالمية التي تشهد بجودتها، خاصة في أوروبا واليابان وكندا. وقال غريبلون كريستوف، مدير شركة أوليانفست الفرنسية التي تسوق علامة زيت الزيتون فوليبيليا التي تصنعها في ضيعة "زوينا" قرب مكناس، "نحن موجودين في المغرب منذ 14 سنة، وعلامتنا فوليبيليا فازت في سنة 2006 بجائزة مسابقة أفضل زيت زيتون في العالم بإيطاليا". وأضاف غريبلون، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن زيت الزيتون المغربي تترقى سنة بعد أخرى خاصة مع دخول استثمارات كبيرة في مجالات الزراعة والتثمين والتي تولي أهمية خاصة للجودة وتنتج زيت بكر راقية موجهة للتصدير. أما محمد المريني، مكلف بمهة لدى شركة أوليا كابتال، فيتحدث عن تجربة أخرى، "يشمل مشروعنا 3000 هكتار من الأراضي في ﻷهم مناطق إنتاج الزيتون في المغرب. وننتج زيت بكر حرة موجهة للتصدير ذات جودة عالية، إذ تقل نسبة الحموضة فيها عن 2 في المائة أي نصف المعيار المسموح به دوليا وهو 4 في المائة". ويضيف المريني أن أوليا كابتال شركة مغربية يساهم فيها مستثمرون مؤسساتيون وأبناك، وتهدف زراعة وتثمين الزيتون. وحول مصدر الأراضي التي تستغلها الشركة قال إنها حصلت عليها عن طريق الإيجار، وأنها من أراضي الدولة والأراضي السلالية التي تديرها الدولة، بالإضافة إلى سعي الشركة لتجميع الفلاحين الصغار على مساحة تناهز 1400 هكتار في مكناسوبني ملال. وقال المريني للاتحاد الاشتراكي "في هذا الإطار لدينا عقود مع 140 فلاح نوفر لهم إمكانية التثمين المباشر دون المرور عبر وسطاء، إضافة إلى الاستفادة من امتيازات التجميع التي يوفرها مخطط المغرب الأخضر. كما نضع رهن إشارتهم المعاصر الحديثة ذات القدرة الإنتاجية العالية التي استثمرنا فيها في الحاجب والفقيه بنصالح». وأشار إلى أن من أبرز هذه الامتيازات دعم الدولة للاستثمار في تجهيزات السقي بالتنقيط بنسبة 100 في المائة وفي المكننة الزراعية بنسبة 50 في المائة عندما يتعلق الأمر بالتجميع.