تأتي زيارة جلالة الملك محمد السادس، يوم الاثنين الماضي إلى المنامة (البحرين)، في سياق العلاقات السياسية المتينة والمثالية التي تربط بين البلدين، والورغبة الكبيرة في تنمية وتطوير التعاون الاقتصادي بينهما، واستغلال فرص الاستثمار الهائلة التي يزخران بها. وقد أبرم البلدان منذ الثمانينيات عشرات الاتفاقيات شملت شتى القطاعات، فيما تمت بلورة العديد من مشاريع الاتفاقيات، في أفق تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري وتنمية حجم المبادلات التجارية الذي يفوق مبلغ مئة مليون دولار. وتمثلت آخر وثيقة تعاون بين الطرفين، في توقيع وزارة التربية والتعليم البحرينية وجامعة القرويين، في شهر مارس الماضي، على برنامج عمل تنفيذي تستضيف جامعة البحرين بموجبه برنامج الدراسات العليا بجامعة القرويين. وشهدت السنوات الأخيرة زخما قويا في اتجاه تطوير التعاون الاقتصادي للارتقاء به إلى المستوى المميز الذي بلغته العلاقات السياسية التي تربط المملكتين، وذلك عبر إقرار نسق مهيكل لشراكة إستراتيجية في مختلف مجالات الاستثمار، تمكن من رفع حجم المبادلات واستغلال فرص الاستثمار بالبلدين. وتتمثل صادرات البحرين للمغرب، أساسا، في منتجات الألمنيوم، فيما تنحصر وارداتها منه، خصوصا، في بعض السلع الغذائية والخضر والملابس والمنسوجات المغربية. وتتيح اتفاقيات تفادي الازدواج الضريبي وحماية وتشجيع الاستثمارات والنقل الجوي والملاحة التجارية، المبرمة بين البلدين، فرصا كبيرة تسهل ولوج المنتوجات الصناعية والفلاحية والصناعات الغذائية المغربية إلى السوق البحريني الذي يعتبر من الأسواق المهمة على صعيد المنطقة. وعلاوة على الإطار القانوني على المستوى الثنائي، فإن للبلدين ارتباطات على المستوى متعدد الأطراف، بحيث إنهما طرفان في اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية التي نصت على إنشاء منطقة تجارة عربية حرة كبرى. ويرتبط المغرب، الذي يشكل أرضية صلبة للإنتاج والتصدير والاستثمار، والبحرين التي تعتبر مركزا ماليا واستثماريا مهما بمنطقة الخليج العربي، بعدة اتفاقيات ثنائية للتجارة الحرة، مما يشكل قاعدة مواتية للإنتاج والتصدير في كليهما. ويعتزم الجانبان تنشيط حركة المبادلات، خاصة عبر تفعيل الاتفاق المبرم عام 2012، بين المركز المغربي لتنمية الصادرات وغرفة تجارة وصناعة البحرين، وإقامة خط بحري، تنفيذا لأحكام الاتفاقية الموقعة بين البلدين في مجال الملاحة التجارية، وإعادة تشغيل الخط الجوي الذي كان يربط بينهما سابقا، وتفعيل مجلس الأعمال المشترك بعد استكمال هيكلته عن الجانب المغربي، بعد أن بادر الجانب البحريني إلى تعيين أعضائه في السنة الماضية. وتأتي هذه الدينامية في سياق زخم جديد تشهده علاقات المغرب مع دول مجلس التعاون الخليجي، مع انعقاد القمة المغربية - الخليجية الأولى من نوعها بالرياض، بحضور جلالة الملك محمد السادس، ترسيخا للإرادة المشتركة في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والسياسي، والرفع من قيمة المبادلات التجارية بين الطرفين. وتعتبر البحرين من الدول الداعمة للمغرب ووحدته الترابية، وقد جدد عبد الحليم عبد الله مراد رئيس وفد مجموعة الصداقة البرلمانية البحرينية المغربية ، امس بالرباط ، دعم وتضامن مملكة البحرين مع المملكة المغربية في قضية وحدتها الترابية وسيادتها على أراضيها. ونوه مراد، لدى استقباله والوفد المرافق له من قبل رئيس مجلس المستشارين المغربي، بمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. وأبدى رئيس الوفد البحريني استعداد بلاده للاستفادة من التجربة المغربية الرائدة في مجال العمل البرلماني والنهوض بحقوق الإنسان. وفي اطار التعاون الديني بيم المملكتين من جهته، أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن التعاون المغربي البحريني في مجال تدبير الشأن الديني يشكل درعا حقيقيا لحماية البلدين من التهديدات التي يواجهانها، والتي تستهدف المس باستقرارهما. وقال الوزير، في تصريح للصحافة، عقب حفل التوقيع على برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الأوقاف والشؤون الإسلامية لسنوات 2016 - 2017 -2018 بقصر الصخير بالضاحية الجنوبية للبحرين، ، أن هذا التعاون الذي يكتسي أهمية قصوى ، تعزز اليوم بالتوقيع على هذا البرنامج. وأضاف أن البرنامج يهدف بالخصوص إلى تبادل الخبرات بين البلدين في مجال تدبير المساجد، وتأطير الأئمة، وتأهيل القيمين الدينيين، والتعليم العتيق، ونشر تعاليم القرآن الكريم. وأوضح التوفيق أن التعاون المغربي البحريني في ميدان تدبير الشأن الديني يرتكز على دعائم علاقات الأخوة التي تربط بين صاحب الجلالة الملك ، وأخيه صاحب حمد بن عيسى آل خليفة، وكذا الثوابت التي تجمع بين البلدين والمتمثلة في ثوابت العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي.