الملك يهنئ الرئيس الفيدرالي النمساوي        مصالح التحقيق والبحث لدى مجلس المنافسة تقوم بعملية زيارة وحجز في قطاع التوصيل حسب الطلب    إسرائيل تقصف مصانع صواريخ إيران    مشاركة عدائين عالميين يمثلون أزيد من 50 بلدا في الماراطون الدولي للدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    وهبي: القانون الدولي يخدم البلدان القوية .. و"التأويلات المفرطة" تستدعي اليقظة        "ائتلاف دعم حراك فكيك" يدعو الحكومة إلى رفع التهميش والتضييق السياسي والاقتصادي والاجتماعي على المدينة    تنسيق نقابي يدعو وزير الصحة الجديد إلى تنفيذ جميع بنود الاتفاق الموقع مع الحكومة    إيران تعلن مقتل عسكريين اثنين في الضربات الإسرائيلية التي استهدفت أراضيها    جيش إسرائيل يهاجم أهدافا عسكرية إيرانية        المخرجة سعدي تهتم ب"إدمان النساء"    مشروع صوت المساواة المغاربي ودعوات لتعزيز أنظمة حماية النساء ضحايا العنف    إيران: إسرائيل استهدفت نقاطا عسكرية في طهران وخوزستان وإيلام مخلفة "أضرارا محدودة"    اختبار أول صعب ل"الصديقي" رفقة يوسفية برشيد أمام "الراك"    كيوسك السبت | توقع إحالة أزيد من 65 ألف موظف على التقاعد خلال الفترة 2024-2028    هجوم إسرائيلي جديد يستهدف مواقع لتصنيع الصواريخ في إيران    خطوة دبلوماسية جديدة.. فرنسا تتجه لافتتاح قنصلية عامة في الصحراء المغربية    إسرائيل تنفذ هجمات واسعة النطاق على أهداف عسكرية في إيران وتؤكد نجاحها وسط توتر متصاعد    تلفزيون إيران: 6 انفجارات قرب طهران    الجيش الإسرائيلي يشن هجومًا على أهداف عسكرية في إيران    استثمارات متوقعة لتنمية الفلاحة بنحو 11,23 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2025 و2027    موسى: العرب يعيشون مذلة قومية.. وازدواجية المعايير أسوأ طعنة للسلام    أكاديمية المملكة تتذوق "الطبخ الأندلسي" .. مؤرخ: المطبخ يصنع الأخوة الحقيقية    الرباط.. افتتاح الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للمعاهد المسرحية    وزير إيطالي: المغرب شريك استراتيجي متميز لإيطاليا وركيزة مرجعية للقارة الأفريقية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى فخامة السيد لونغ كوونغ بمناسبة انتخابه رئيسا لجمهورية الفيتنام الاشتراكية    "الماط" يحقق فوزه الأول في البطولة    اتصالات المغرب تسجل رقم معاملات موطد بقيمة 27,46 مليار درهم    أهم توصيات مؤتمر الموثقين بمراكش    تدشين أول رحلة جوية مباشرة تربط نيويورك بمراكش    باريس سان جرمان يرفض قرار لجنة الاستئناف في رابطة المحترفين بدفع 55 مليون يورو لمبابي    أمن مراكش يحبط عملية تهريب طن من حشيش "الكيف"    بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    نادي أولمبيك مارسيليا يكرم الراحل برادة    خزينة المملكة: فائض في الميزانية يصل إلى 26,6 مليار درهم            الأميرة لالة حسناء تترأس حفل "فاشن تراست أرابيا" العربية    بونو والركراكي والسكيتيوي والكعبي ودياز خارج المرشحين لجائزة الأفضل في إفريقيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الوكيل العام يرفض استدعاء "أحمد أحمد" لتبرير اقتناء الناصري "فيلا كاليفورنيا"    الغافولي يعيد إصدار "المعفر" بتوزيع جديد    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش.. قائمة المشاريع والأفلام المختارة في ورشات الأطلس    بورصة البيضاء تفتتح التداولات ب "ارتفاع"    "أمو تضامن".. تحويل 15,51 مليار درهم من طرف الدولة إلى الضمان الاجتماعي    لا بَيْتَ في الدَّارْ!    زياد فكري.. قصة بطل انطلق من أكاديمية محمد السادس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    وفاة وحالات تسمم ببكتيريا في أحد منتجات "ماكدونالدز"    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب والإسلام: التحول من التوجس والعداء إلى الفوبيا
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 26 - 04 - 2016

لن تجد رجل علم من العلوم الإنسانية في العالم يقرر دراسة ظاهرة من الظواهر الاجتماعية أو النفسية أو السياسية دون البدء بالبحث في أسبابها القريبة والبعيدة ما أمكنه ذلك، وعلى أساس فرضيات أولية يخضعها للدرس والتمحيص قبل أن يخلص إلى عرض نتائج بحثه على العموم سواء جاءت لتبرهن على صحة فرضيات الانطلاق أو تفنيدها.
ولا يتردد العالم الباحث، في هذا السياق، في عقد كل المقارنات الممكنة بين الظواهر التي يبدو عليها بعض التشابه على أي مستوى من مستوياتها لبلورة فرضيات مفسرة لتلك الظواهر ، بحيث يمكن توقع بروز مثيلاتها عندما تتوفر لها كل العناصر والعوامل الأساسية التي تحكمت فيها في إطار ما يسمح به استخلاص بعض المحددات على أساس تواتر العوامل والعناصر الدالة عليها.
غير أن هذا السلوك العام في التعامل مع عدد من الظواهر الاجتماعية والسياسية عادة ما يصاب بأعطاب كثيرة، بعضها قاتل للمنهج العلمي في مقاربة ظواهر المجتمع والسياسة، عندما يتعلق بظواهر ذات أبعاد عاطفية أو سياسية استراتيجية تتجاوز في جوهرها الظواهر العينية إلى ما وراءها وما تدفع الرغبة أو المصالح المعلنة أو الخفية إلى تركيز الأضواء عليه دون غيره، مما يفقد أصحاب هذه المقاربة حتى النزر اليسير من الموضوعية الضرورية في أي بحث أو مقاربة جادة للظواهر رغم الاعتراف أن الظواهر الإنسانية لا تخضع للقوانين الصارمة كما هو حال العلوم الدقيقة.
يمكن رصد هذا الواقع في مختلف تصريحات عدد من الساسة وبعض الباحثين في الغرب خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد استفحال ظاهرة الإرهاب التي عرفت تطورا نوعيا انطلاقا من الاعتداءات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن عام 2001 بواسطة انتحاريين مسلمين ينتمون إلى تنظيم القاعدة الإرهابي بزعامة أسامة بن لادن حينئذ والذي باركها وأطلق عليها «غزوة نيويورك» . فقد أطلقت هذه العمليات الإرهابية العنان أمام عدد من الكتاب والإعلاميين بل وبعض الباحثين في مجالات العلوم الإنسانية المختلفة لتوزيع التهم على نطاق لا تحده حدود ونسب كل عمل إرهابي إلى الإسلام والمسلمين حتى قبل التأكد من طبيعة العمل الإجرامي أو الإرهاب المعني، وقبل تحديد هوية مرتكبيه في بعض الأحيان. بل قد تم استغلال تلك الاعتداءات لبلورة خطط حربية تحت مسمى محاربة الإرهاب بغاية التدخل العسكري في عدد من البلدان والإطاحة بأنظمة سياسية لا تتوافق سياساتها مع سياسات الولايات المتحدة التي قادت هذا النوع من الحروب وخاصة في العراق، وهذا على مستوى الدول والاستراتيجيات الدولية. أما على المستويات الاجتماعية فيمكن ملاحظة ما يلي وله دلالاته الخطيرة على مستوى تطور علاقات المجتمعات الغربية مع جزء من مكوناتها الأساسية:
ترتكب جريمة عادية في فرنسا، على سبيل المثال، ويكون مرتكبها شابا فرنسيا أو شابة فرنسية من أصول إيطالية أو إسبانية أو بولونية فتتم الإشارة إليه باسمه وباسمه فحسب دون الحديث عن أصوله أو دينه، لكن ما أن ترتكب جريمة من قبل فرنسي مسلم أو من أصول عربية حتى يتم التأكيد على أصوله إلى درجة ينسى فيها من يقرأ أو يستمع أو يشاهد وسائل الإعلام الفرنسية كون المرتكب فرنسيا من كثرة ترديد كونه مسلما، أو من أصول مغاربية أو عربية.
وقد تحولت هذه الصورة النمطية إلى لازمة في الإعلام الغربي، ليس بهدف التركيز على الجريمة ومرتكبها، والبحث في الأسباب التي أدت إلى ارتكابها، والعمل على معالجة تلك الأسباب وتقدير العقاب الذي ينتظر الشخص متى تمت إدانته من قبل القضاء الذي لم يقرر بعد شيئا في الجرم المزعوم والدوافع إلى ارتكابه، وإنما بهدف الإشارة بأكثر من أصبع اتهام إلى الإسلام أو الأصل الذي ينحدر منه الشخص.
والنتيجة، هي العمل على خلق نوع من الانطباع لدى المواطن بالاقتران الدائم بين مختلف الجرائم العادية والإرهابية وبين المسلمين والعرب مما يجعلهم هدفا لكل صنوف التمييز والاحتقار والعداء لسبب أو لغير سبب وعلى أوسع نطاق. غير أن ما هو ملاحظ خلال العقدين الماضيين أن هذا العداء تجاه المسلمين من قبل فئات واسعة من شرائح المجتمعات الغربية قد تحول مع تطور الأحداث وضلوع عدد لا يستهان به من المتطرفين والتكفيريين باسم الإسلام في عدد من الهجمات والاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإسبانيا،إلى نوع من الفوبيا تجاه الإسلام والمسلمين لا تتوقف عن الاتساع والنمو إلى أن أصبح العداء للمواطنين المسلمين في بعض البلدان الغربية جزءا لا يتجزأ من سياسات أحزاب متطرفة بلغ بها العداء لهم درجة دعوة بعضها إلى عزلهم عن المجتمعات التي ينتمون إليها وتخصيص غيتوات لهم داخل المدن الكبرى وغير ذلك من المواقف التمييزية والعنصرية التي تذكر بما فعلته بعض القوى في المجتمعات الغربية إياها وسنته من ممارسات تمييزية ضد اليهود والتي أدت إلى مآس كثيرة ومنها ما جرى خلال صعود النازية في ألمانيا قبل وإبان الحرب العالمية الثانية.
صحيح أن تورط المواطنين من أصول عربية وممن يعتنقون الإسلام في أعمال إرهابية في أوروبا وخارج أوروبا قد عرف تزايدا كبيرا خلال السنوات الأخيرة وخاصة بعد ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي، غير أن هذا الواقع بالذات هو الذي ينبغي أن يدفع إلى بحث أسباب هذه الظاهرة بشكل موضوعي حتى يمكن مواجهتها بشكل فعال بدل الانزلاق إلى هاوية العداء للإسلام والعرب الذي لم يؤد إلا إلى خلق أجواء من الريبة القائمة على أساس المعتقد والعرق في بلدان كانت رائدة في مجال حرية المعتقد ولا تميز قوانينها، علنا على الأقل، بين الأقوام والمعتقدات، وخاصة أن بين هذا العداء والفوبيا لا توجد حواجز لا يمكن اجتيازها في أقل من رمشة عين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.