تفرض القضية الوطنية ومصلحة المغرب أن ينوع المغرب من شراكاته الدولية، كما تفرضان عليه أن ينوع العرض الجيواستراتيجي الذي يحمي مصالحه. وقد كان جلالة الملك واضحا بهذا الخصوص عند التأكيد على حرص بلادنا على الحفاظ على صداقاتها المعتادة مع حلفائها الاستراتيجيين ، وفي الوقت نفسه توجهها» في الأشهر الأخيرة نحو تنويع شراكاته ،سواء على المستو ى السياسي أو الاستراتيجي أو الاقتصادي«. وبذلك يكون المغرب قد وضع الإطار الواضح لتحركات المغرب، سواء زيارة جلالته لروسيا، والتي وصفها ب»الناجحة « أنها تميزت بالارتقاء بالعلاقات المغربية الروسية » إلى شراكة استراتيجية معمقة، والتوقيع على اتفاقيات مهيكلة، في العديد من المجالات الحيوية «. وفي السياق ذاته، أدرج الخطاب الملكي توجه المغرب نحو» إطلاق شراكات استراتيجية مع كل من الهند وجمهورية الصين الشعبية »، العملاقين الآسيويين. ويروم المغرب من وراء ذلك، تحرير القرار الديبلوماسي، والتقوية السيادية الدولية للمغرب، الذي لا يمكنه أن يحشر نفسه في زاوية ضيقة من التحالفات التي طبعتها الحرب الباردة بميسمها. وبالاضافة إلى القضية الوطنية المصيرية بالنسبة للمغرب، فإن المخططات التي تتمركز في القطب الأمريكي، أساسا، تسعى إلى إعادة تركيب المنطقة من الخليج إلى شمال إفريقيا. لقد كان الإطار الذي وضعه ملك البلاد للتوجه الاستراتيجي الجديد لبلادنا،ضرورة حتمية لحماية النفس ولمواجهة الخطر المبرمج بتفكيك البلاد المستهدفة والمغرب من ضمنها. وهو ما عبرت عنه المضامين الواردة في الخطاب ، حيث تساءل ملك البلاد » ما ذا يريدون منا؟» ليجيب بالوضوح ذاته:»إننا أما مؤامرات تستهدف المس بأمننا الجماعي. فالأمر وا ضح ، ولا يحتاج إلى تحليل . إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا ، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية« . وقد صار من المستلزمات التحليلية أن يتحدث الشركاء العرب للمغرب عن »سايس بيكو» جديدة لتفتيت البلدان والشعوب، وإعادة رسم الخارطة بما يخدم المصالح الضيقة للقطب الدولي في تنظيم العالم الجديد. وهو ما لا يمكن أن يقبله المغاربة بكل فئاتهم.