تفتتح يوم غد الأربعاء أشغال الندوة المغاربية الثانية لمركز الدراسات والأبحاث الإنسانية مدى التي ينظم دورتها الثانية لهذه السنة بشراكة مع مجلس مدينة الدارالبيضاء في موضوع «النخب المغاربية : الخلفيات، المسارات والتأثير»، وذلك بالمكتبة الوسائطية لمسجد الحسن الثاني، وهي الجلسة الافتتاحية التي ستتميز بمداخلة لحسن أوريد حول «المجتمعات المغاربية اليوم»، وأخرى لأحمد غزالي في محور «النخب والتحولات الاجتماعية اليوم». أشغال الندوة ستستأنف بعد ذلك بأحد فنادق العاصمة الاقتصادية وستتطرق إلى مجموعة من المحاور من بينها «النخبة مقاربة في المفهوم النخبة بين المفهوم الغربي والحالة المغاربية التكامل الاقتصادي والاجتماعي لدول المغرب العربي نخبة الاستقلال المغاربية ومسألة توحيد المغرب العربي النخب المحلية وتجذير الوجاهة الاجتماعية ...». الأرضية التي أعدها المركز بخصوص هذه الندوة وقفت عند البنية الاجتماعية والسياسية التي كانت متماثلة في بلاد المغرب العربي قبل المرحلة الاستعمارية، والتي بالرغم من بعض الاختلافات البسيطة الناجمة عن خضوع الجزائر وتونس وليبيا للاحتلال العثماني، لفترة غير قصيرة، على خلاف ما كان عليه الحال في المغرب، فقد تميزت هذه البلاد بوجود ثلاث تشكيلات أساسية، التشكيلات القبلية الزراعية والرعوية، والتشكيلات المدينية، المكونة من الحرفيين وصغار التجار، إلى جانب البيروقراطية (الإدارة والجيش) وفئة الفقهاء الذين كانوا يتمتعون بقدرة واسعة على التأثير في مختلف الأوساط والشرائح الاجتماعية. وأشارت الوثيقة/الأرضية إلى أنه يمكن تقسيم النخب المغاربية، في هذه المرحلة، إلى نخب محلية وأخرى وافدة (من أصول تركية) ونخب مركزية وأخرى جهوية، ونخب مدينية وأخرى ريفية، ونخب مسلمة وأخرى يهودية... كما كان تأثير كل نخبة من هذه النخب يتباين بحسب قوة السلطة المركزية أو ضعفها، ومكانة القبيلة أو الزاوية، وحجم التأثير الخارجي. وفيما يخص هذه النقطة بالتحديد، فقد كان للتدخل الاستعماري تأثير واسع على البنيات الاجتماعية؛ أبرزها إضعاف البنيات التقليدية (القبيلة، الفقهاء، الزوايا)، وتوسيع المدن، وإدخال التعليم العصري والصناعات، إلى جانب تغيير المنظومات القانونية، بما لذلك من تأثير على الساكنة، وعلى العادات، والعلاقات الاجتماعية، والقيم... وتسعى هذه الندوة العلمية إلى سبر خلفيات النخب المغاربية، والتحولات التي عرفتها هذه المجتمعات، والمسارات التي تشكلت فيها النخب الحديثة إلى جانب مآلات النخب التقليدية. ولعل ما يلفت الانتباه في حالة المغرب العربي هو تحول «قوالب إنتاج النخب» من المسجد، والزاوية، والقبيلة، والنسب... إلى مخرجات المدرسة العصرية، وإلى الحزب، والإدارة والمؤسسة العسكرية... وأنها سارت من التجانس السابق إلى الاختلاف من قطر إلى لآخر، في مرحلة ما بعد الاستقلال. ومع ذلك، فقد ظلت القوالب التقليدية أساسية في هذه الأقطار جميعا، وإن لم تعد كافية لوحدها لتأمين ارتقاء الهرم السياسي. وبالتالي فإن الندوة تهدف إلى رصد عملية التحول هذه في كل قطر؟ وإلى تحديد أشكال التداخل بين البنيات والهياكل التقليدية والحديثة؟ وأنماط التأثير والتأثر فيما بينهما؟ وإلى عناصر القوة، ونوع التأثير الذي تمارسه كل نخبة؟ وطبيعة العلاقة التي تربطها مع مركز القرار السياسي؟ والأدوار التي تلعبها في الحاضر؟ وتلك التي يمكن أن تلعبها في المستقبل؟ إلى جانب معرفة مواقف هذه النخب، بتوزع مرجعياتها ومصالحها، من الاندماج المغاربي؟ والأدوار السلبية أو الإيجابية التي يمكن أن تلعبها في هذه الدينامية؟ وفي عملية التحول الديمقراطي عموما.