تنظم وزارة التجهيز والنقل يومي 14 و 15 فبراير الجاري، يومين تحسيسيين بالسلامة الطرقية. وقد عمدت بهذه المناسبة إلى الإعلان عن كون أطرها سيتدارسون في اجتماع مغلق حصيلة حوادث السير، وهي الحصيلة التي يرتقب أن تستغل كواجهة لإخفاء الوضع الحقيقي الذي يعاني منه السائقون والذي يكون له ارتباط قوي بالطريقة التي تطبق بها القوانين وبالبنيات التحتية التي تستعمل في حركة المرور. الإقرار بكون عدد حوادث السير القاتلة ينخفض سنة بعد أخرى، لا يعني بالضرورة أن الفضل في ذلك يعود إلى تطبيق مقتضيات مدونة السير وإنما يعني أن التحولات التي طرأت على الشبكة الطرقية وعلى حظيرة العربات، وعلى شرائح السائقين، كان لها الوقع الكبير على تراجع عدد القتلى ، غير أن التراجع المسجل لا يعني أن الطرق المغربية لن تحصد مستقبلا أعدادا مرتفعة من الأرواح، ذلك أن الإحصائيات الرسمية نفسها، أي التي تستثني الحوادث غير المصرح بها، تتحدث عن استقرار عدد الحوادث والإصابات في مستويات مرتفعة ، في حين أن المنطق يقتضي الإقرار بأن لا أحد من السائقين ينطلق بمركبته وهو على علم بأنه سيكون ضحية حادثة سير، وعند وقوع حادثة السير فإن القدر يكون وحده هو المتحكم في درجة خطورتها وفي عدد القتلى، وهذا الأمر ينطبق أكثر على حوادث حافلات النقل العمومي للمسافرين وسيارات الأجرة والمركبات المستعملة في النقل المزدوج. الإقرار بالجوانب الإيجابية المترتبة بشكل خاص عن الخيارات الحكومية الاستراتيجية التي قامت منذ أكثر من عشر سنوات على رفع الميزانيات المخصصة لبناء الطرق والمسالك، وعن تشبيب وعصرنة الأسطول المستعمل في الطرق المغربية لا يعفي من الاعتراف بأن تطبيق نظام سحب النقط المعتمد في رخص السياقة على الطرق المغربية التي لا تتوفر على معايير السلامة، سيؤدي حتما إلى منع استعمال العديد من الطرق بما فيها تلك التي يخضع استعمالها للأداء. إن نوعية الطرق لا تتسبب فقط في وقوع حوادث السير وفي التسبب في التأخر عن الوصول في الموعد، وإنما تتسبب كذلك في إلحاق أضرار بليغة بالسيارات وبحالتها الميكانيكية. فإذا كانت الوزارة تتبنى شعار التأخر في الوصول خير من عدم الوصول، فإن أرباب العمل، بما فيهم الإدارة العمومية، لا يعترفون بهذا الشعار ويفضلون شعار التأخر المتكرر في الوصول يتسبب في الطرد من العمل. إن القانون الذي لا يتوفر على المناخ الملائم لتطبيقه يتحول إلى سلطة زجرية تنتج عنها ردود فعل يصعب التحكم فيها وحوادث يصعب التكهن بمدى درجة خطورتها، وحينها تتحول الإحصائيات والحملات التحسيسية إلى مجرد استهلاك غير مجد.