هند تيدارين، هي فتاة شابة في مقتبل العمر، تبلغ من العمر 23 سنة، ممرضة التحقت مؤخرا بمهنة التمريض، علّها تساهم في التخفيف من حدّة آلام المرض العضوية والنفسية على المواطنين، سواء الذين على المؤسسة الصحية التي تشتغل فيها قد يتوافدون، أو أولئك الذين قد تنتقل هي رفقة زملائها وزميلاتها إلى حيث يتواجدون، لتقديم الإسعافات والمساعدات الصحية لهم وكل ما يطلبون، تشخيصا وعلاجا، في إطار مهمات هي عبارة عن قوافل طبية وغيرها، كما هو الحال بالنسبة للمهمة التي أوكلت إليها يوم الأربعاء 2 مارس، حين وجدت نفسها في قلب سيارة إسعاف إلى جانب ممرض آخر وطبيب اضطر لأن يصبح سائقا للسيارة، من أجل الانتقال من قرية العياط صوب قرية بوسلام، لتقديم خدمات صحية على المستوى الطبي والتمريضي لسكان بوادي إقليم بولمان، وذلك مساهمة من هذا الفريق الطبي الشاب التابع للمندوبية الإقليمية لوزارة الصحة ببولمان، الذي انطلق من المركز الصحي تاوريرت بميسور، في فك العزلة عن ضحايا البرد والصقيع، فإذا بهند تجد نفسها مشلولة نتيجة لإصابتها بثلاثة كسور على مستوى العمود الفقري، وتمزق النخاع الشوكي، فضلا عن إصابة زميلها بجروح متفاوتة الخطورة أُسعف على إثرها، بينما بقيت هند منذ ذلك التاريخ وهي ممدّدة، تترقب ساعة تمكينها من العلاج وإعادة البسمة إلى محيّاها، وهي التي لم يكن يخطر ببالها أنها ستكون في أمسّ الحاجة إليها، وإلى الخدمات الطبية الفعلية، وهي ابنة الدار والموظفة بمصالح وزارة الصحة! هند التي انقلبت بها ومن معها سيارة الإسعاف، وإن تم نقلها على وجه الاستعجال على متن مروحية المستعجلات، صوب المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، فقد ظلت محرومة من التدخل الاستعجالي الذي من شأنه مساعدتها على الوقوف والحركة من جديد، وهو ما دفع المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة العمومية «ف د ش» بجهة فاس بولمان، إلى مراسلة وزير الصحة بتاريخ 4 مارس لمطالبته بتدخل استعجالي، بعدما تبيّن أن حالة هند تستوجب خضوعها لعملية جراحية دقيقة خارج أرض الوطن، تعد كلفتها باهظة، وإلا فإنها ستكون معرضة لشلل دائم إذا لم يتم تدارك الأمر في أقرب وقت. ورغم الرسالة وموجة النداءات والمقالات التي كُتبت عن هند وحالتها الصحية، فإن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه لم يتجاوز نقلها صوب المستشفى العسكري بالرباط، دون أن يكون لذلك أثر على وضعيتها الصحية، في وقت ظلت آذان وزارة الصحة مغلقة، وعيونها مقفلة، وأحاسيس المسؤولين بها موصدة في وجه كل التعابير الإنسانية، التي رافقت حالة مواطنة تئن مناشدة العلاج، لم يشفع لها كونها ممرضة أو منتمية للجسم الصحي الذي يقع تحت مسؤولية وزارة الوردي، وظلت على تلك الحال، إلى غاية اليوم، لم تتبدّد سحب الألم والمعاناة، وإن بزغت بضع أشعة من شمس الأمل، اتضح فيما بعد أنها بدت كما يبدو السراب للمتعطش للماء في الصحراء، بعدما تم تداول أخبار عن ربط القسم الاجتماعي بوزارة الصحة الاتصال بالمندوبية الإقليمية ببولمان، من أجل مدّه بالوثائق الخاصة بهند، بتنسيق مع عائلتها، ويتعلٌّق الأمر بملفها الطبي وبجواز سفرها، بالإضافة إلى قسيمة التأمين الخاصة بهذه الشابة حديثة التعيين، لكن تبيّن فيما بعد أن الخبر لا أساس له من الصحة، وأن هند باقية، طريحة الفراش، تُنقل على متن كرسي مجرور، لا تتحكم في أطرافها! وضعية تعيشها هند، تزداد قتامة يوما عن يوم، وترخي بظلالها على يومياتها، وكذا يوميات زملائها، سواء الذين لهم صلة مباشرة بها، أو الذين يتقاسمون معها همّ المهنة التي تجمعهم، والتي يرى كل واحد منهم فيها صورة له، قد يكون معنيا بها في يوم من الأيام، مما يجعله يطرح أكثر من علامة استفهام حول المصير الذي قد يلاقيه في حال تعرض لحادث مماثل أثناء قيامه بواجبه، ومع ذلك ورغم التأخر، ورغم الانتظارية التي وجدت هند نفسها مجبرة على أن تعيشها وأسرتها والتي امتدت لشهر كامل، كان من الممكن أن تقع فيه أشياء كثيرة على المستوى السلبي، كما كان من الممكن أن يكون للتدخل المبكر نتائج إيجابية وأثره الطيب، فإن الجميع يتطلع إلى لحظة انفراج وأمل، قد تأتي من أي جهة، ليس بالضرورة الوزارة التي تعيش وضعية شرود، والتي يقف فعلها «الإيجابي» عند الحفاظ على الأجرة الشهرية ومواعيد الترقية وغيرها، دونما الإقدام على خطوة فعلية لتمكين هند من حقها في العلاج، والحق في أن تقف وتسير إلى جانب غيرها، هند تيدارين التي طال ألمها، وطال مع معاناتها العار جبين مختلف المسؤولين، في وزارة هي لمهنييها، ماديا ومعنويا، يوما عن يوم تُهين!