سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الندوة الوطنية حول الوحدة الترابية في برامج الأحزاب السياسية المغربية: فارس حمزة: «الندوة هي امتداد لأنشطة الكلية المتعددة التخصصات بتطوان دفاعا عن الوحدة الترابية»
قال فارس حمزة عميد الكلية المتعددة التخصصات بتطوان «إن هذه الندوة هي امتداد للأنشطة التي انطلقت فيها الكلية دفاعا عن الوحدة الترابية، وتعبيرا كباقي مكونات المجتمع بانخراط الكلية في كل المبادرات المتخذة تجاه قضيتنا الصحراء المغربية». وندد عميد الكلية، خلال افتتاح الندوة الوطنية التي نظمها المركز المغربي للدراسات والأبحاث في الشؤون الصحراوية المغربية بشمال المغرب والكلية المتعددة التخصصات بتطوان، وبتعاون مع أسبوعية الوطن الآن والجماعة الحضرية لوادي لاو، حول موضوع «الوحدة الترابية في برامج الأحزاب السياسية المغربية»؛ وذلك مساء يوم الجمعة 25 مارس 2016 برحاب الكلية المتعددة التخصصات بتطوان، بالتصريحات اللامسؤولة والمنحازة للطرف الآخر للأمين العام للأمم المتحدة، حيث أشار إلى أن الكلية شاركت بأكثر من 15 أستاذ وأكثر من 200 طالب وطالبة في المسيرة المليونية الوطنية بالرباط، كما أنها أيضا شاركت بحضور عميد الكلية وبعض الأطر في ملتقى فرانس مونتانا بالداخلة، والذين مثلوا جامعة عبد المالك السعدي وكانت الجامعة الوحيدة المشاركة في الملتقى على الصعيد الوطني، معتبرا أن تنظيم هذه الندوة حول الوحدة الترابية في برامج الأحزاب السياسية المغربية بشراكة مع المركز المغربي للدراسات والأبحاث في الشؤون الصحراوية المغربية بشمال المغرب، هو امتداد لكل المبادرات التي تتخذها الجامعة من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد. وأعطيت الكلمة لمحمد بن عبد القادر المتخصص في قضية الصحراء ومنسق لجنة العلاقات الخارجية بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذي دعا فيها إلى التجاوز العملي لمفهوم الجبهة الداخلية في التعبئة الوطنية حول تعزيز الوحدة الترابية، معتبرا أن شعار تعزيز الجبهة الداخلية ينتمي إلى قاموس الحرب الباردة وسنوات الرصاص عندما كانت حقوق الإنسان تنتهك بكيفية منهجية والمعارضة مقموعة والسجون تعج بالمعتقلين السياسيين، أما اليوم بعد تقرير الإنصاف والمصالحة ودستور 2011 وانطلاق إرساء النموذج التنموي في الأقاليم الجنوبية والتحول الإيجابي في تعاطي الدولة مع ملف الصحراء المغربية بارتباط مع تفعيل الدبلوماسية الحزبية، فإن مطلب تعزيز الجبهة الداخلية أصبح مجرد شعار فارغ للمزايدة وأحيانا للتقاعس عن تحمل المسؤولية. وفي معرض حديثه عن تميز المقاربة الاتحادية في الدفاع عن مغربية الصحراء، أوضح بنعبد القادر أن هذه المقاربة المتأصلة في هوية الاتحاد الاشتراكي ومرجعتيه النضالية، هي مقاربة تتميز بالعمق الاستراتيجي والروح الاستباقية مقدما خمسة أمثلة عن ذلك: المثال الأول، يخص مقاربة الصفوف المتحركة في مقابل الصفوف المتراصة الجامدة، عندما استقبل الحسن الثاني عبد الرحيم بوعبيد سنة 1974 ودعاه إلى التعبئة من أجل استرجاع الأقاليم الصحراوية والانخراط في الصفوف المتراصة للإجماع الوطني، فأجابه الزعيم الاتحادي أن الصفوف المتراصة ينبغي أن تكون أيضا متحركة نحو دولة الحق والقانون وأن المغاربة لا يمكن أن يتعبأوا للدفاع عن وحدتهم الترابية إلا إذا كانوا يتمتعون بحقوقهم ويمارسون حرياتهم. ولعل هذا الحوار بين الملك والزعيم، كان على خلفية انطلاق ما عرف بالمسلسل الديمقراطي مع الانتخابات الجماعية سنة 1976 بعد أن قام باسترجاعها، مستشرفا بذلك أفق الارتباط الجدلي بين الوطنية والديمقراطية، ومجسدا أروع مثال لثلاثية عبد الرحيم بعدة جولات خارج المغرب في مهمة للتعريف بقضية الصحراء وشرح ملابسات تحرير ديمقراطية اشتراكية. المثال الثاني، يتمثل في بيان اللجنة المركزية للحزب المنعقدة في بني ملال في أبريل 1974 تحت رئاسة عبد الرحيم بوعبيد، الذي نبه إلى ضرورة التعامل مع إقليم الصحراء المغربية من منطلق ديمقراطي يستحضر الخصوصية الثقافية لسكان الصحراء، حيث طالب البيان بمنحهم نظام حكم ذاتي، وهو المطلب الذي اعتبر حينها خيانة وخروجا عن الإجماع الوطني واعتبر بعد أربعين سنة مقترحا جديا ومعقولا من طرف المنتظم الدولي بعد أن تأكدت الأممالمتحدة من استحالة إنجاز الاستفتاء. المثال الثالث، يعود إلى 1981 عندما وافق المغرب على مخطط منظمة الوحدة الإفريقية بقمة نيروبي القاضي بإجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء المغربية. وأعرب المكتب السياسي للحزب عن تحفظاته بشأن قبول هذا الاستفتاء، ليتبين بعد ربع قرن من متاهات تحديد الهوية وضبط الكتلة الناخبة أن الاستفتاء غير ممكن بتاتا، ورغم أن الحزب أدى ثمن موقفه باعتقال قيادته وتضييق الخناق على أنشطته، فقد أنصفه التاريخ واعترف له برؤيته الوطنية ذات العمق الاستباقي والنفس الإستراتيجي. أما المثال الرابع، فكان عندما زار القائد الاتحادي والوزير الأول لحكومة التناوب عبد الرحمان اليوسفي الأقاليم الجنوبية، في دجنبر 1998، وخاطب السكان وشيوخ القبائل بلغة الوضوح والشفافية، معلنا أن أقاليم المغرب كلها محتاجة إلى جهد تنموي استثنائي وأن زمن الريع في الصحراء ينبغي أن ينتهي، فقام إدريس البصري بشن حملة مسعورة ضد الاتحاديين على اعتبار أنهم يهددون مصالح الصحراويين، لكن التاريخ، مرة أخرى، أنصف الوطنية الشجاعة والاستباقية للاتحاد الاشتراكي عندما أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي تقريره حول النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، مؤكدا على القطع مع الريع وتنويع الأنشطة الإنتاجية وتشجيع المبادرة الخاصة وخلق الثروات والنهوض بالشغل وإقرار الحكامة الجيدة المرتكزة على مبادئ المسؤولية وقواعد المحاسبة. واستقى محمد بنعبد القادر المثال الخامس عن المقاربة الاتحادية الاستشرافية من محمد اليازغي الذي كان يتبرم من تلك النظرية الورائية التي يردد أصحابها أنهم مجندون وراء جلالة الملك في قضية الصحراء، معتبرا أن الموقف الوطني المسؤول والأصح هو أن نكون مع جلالة الملك في هذه القضية ولا أن نختبئ وراءه في نوع من الهروب من المسؤولية، وهو بالضبط ما دعا إليه جلالة الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، عندما حث على مضاعفة الجهود للتعبئة حول عدالة قضية الصحراء المغربية، معتبرا أن الجميع مؤتمن على الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد. وفي نفس السياق، قال إدريس قريش الوزير المفوض والديبلوماسي السابق وأستاذ زائر بالكلية المتعددة التخصصات بتطوان: «إننا أمام نزاع مفتعل فريد من نوعه بسبب ملابساته القانونية والسياسية بكيفية لم يسبق لها مثيل في الصراعات الدولية.. فمن جهة، لم يسبق لتصفية الاستعمار أن أدت إلى قيام اختيار معاكس للدولة التي استرجعت أراضيها. ومن جهة ثانية، لم يسبق في التاريخ الحديث عن العلاقات الدولية أن احتضنت دولة ما طرحا انفصاليا في دولة جارة لها بدعوة حق تقرير المصير». وأضاف إدريس قريش في مداخلته أنه «بالنظر إلى الاعتبارات الجيوسياسية التي طبعت الحرب الباردة، عملت الجزائر على عرقلة استكمال مسلسل الوحدة الترابية للمغرب، هذه الوحدة التي تمت بشكل تدريجي بالنظر إلى تقسيم المغرب إلى مناطق من طرف مختلف القوى الاستعمارية، فاعتمدت الكتلة الاشتركية في طرحها لخطتها العدائية والتآمرية بهدف إضعاف المغرب وتحقيق أهدافها الخاطئة في التربع ولعب دور الريادة ودور الاستقطاب طبقا لمميزات الحرب الباردة. ومن تم، اعتمدت استراتيجية ممارسة الضغوط الخادعة والكاذبة للتلاعب بالمؤسسات الدولية. وقد فتحت في ذلك معارك سياسيوية وحقوقية واقتصادية معتمدة في ذلك على أساليب متجاوزة قانونيا وسياسيا كحق تقرير المصير الذي تم اعتماده من طرف الأممالمتحدة سنة 1960 بقرار 1514 لتصفية الاستعمار. وهذا لا ينطبق على المغرب باعتبار أن الأقاليم الجنوبية كانت مستعمرة من طرف إسبانيا منذ 1884 تحت اسم الصحراء الإسبانية وتم استرجاعها سنة 1975 بموجب اتفاقية مدريد 14 نونبر يوم 10 دجنبر بقرار 3458. كما أن هذا المبدأ تم تعديله بموجب القرار الأممي 2625 سنة 1970 القاضي بأن وحدة الدولة مقدسة وتسمو على أي مبدأ آخر، خصوصا إذا كانت الساكنة تتمتع بكل حقوقها المدنية والاقتصادية.. وهذا ما ينطبق –بامتياز- على أقاليمنا الجنوبية». وأمام هذا الوضع، يوضح إدريس قريش، أن الجزائر التجأت إلى استعمال وسائل أخرى خارج كل المعايير الأخلاقية كتنسيقها مع الجماعات الإجرامية والإرهابية بتحريضها على ضرب المصالح المغربية والتي تعرف ب»MIHOP» كمفهوم إستراتيجي يدل على إرهاب الدولة ضد مصالح دولة أخرى. وأوضح قريش أن المغرب يملك الشرعية المتجذرة والثابتة في التاريخ، المغرب يملك قضية عادلة، قضية أمة مدعمة بإجماع شعبي وسياسي، معتبرا أن وحدة الشعب المغربي وإيمانه بثوابته والتحامه الراسخ حول ملكه يعتبر مصدر قوتنا التي لا تقهر في الحفاظ على الوحدة الترابية والسيادة الوطنية. فبالنسبة لنا وطنيا وداخليا الأمر محسوم فيه وبإجماع ثابت وحماس راسخ بعشق الانتماء إلى هذا الوطن الحبيب، ودورنا اليوم يقتضي العمل بخطاب جديد مقنع للتعامل مع الآخر، يقتضي من الفاعلين السياسيين أحزابا ونقابات ومجتمعا مدنيا العمل التأطيري لإشعاع المقاربات الوطنية والمجهودات المبذولة في شمال المغرب وجنوبه طبقا للقانون الدولي وللشرعية الأممية. ودعا قريش الأحزاب السياسية للعمل على قدرة التبليغ وقدرة التأثير وقدرة المواجهة من منطق الوعي العميق بالمكانة الجوهرية لقضيتنا. ولن يتأتى إلا بالدور الأساسي التأطيري لهذه الأحزاب وخروجها من منطق الأعيان، وألح إدريس قريش على توجيه الأممالمتحدة نحو لأن تفرض على الجزائر تفعيل الميثاق الأممي 1951 الخاص باللاجئين، هذا الميثاق الذي ترفض الجزائر تفعيله بالرغم من أنها طرف فيه، لأنه لا يمنح صفة شعب لساكنة تندوف وهي الصفة التي تمارس بها الجزائر ضغوطها الخادعة للتلاعب بالهيئات الدولية، كما أنها تستغله لاستجماع الأركان الأساسية لتقديم البوليساريو كدولة، فإذا تم تفعيل هذا الميثاق أتحدى هذا العالم أن يبقى أحد من الساكنة في تندوف. وبالمناسبة أشاد قريش بالتوجه الذي انتصر له عميد الكلية المتعددة التخصصات في تأطيره للطلبة وفي جميع التخصصات والمبني على ترسيخ قيم المواطنة، خاتما كلامه بعبارة «وبعشق الإنتماء، أقول إن المغرب في أيادي آمنة». ويشار إلى أن المركز اعتبر هذه الندوة مناسبة للتعريف بوجهة نظر الأحزاب السياسية المغربية حول تطورات قضية الصحراء المغربية ومساءلتها بشكل علمي، الأمر الذي سيمكن المتتبعين وعموم الرأي العام الوطني للخروج بخلاصات أولية -على الأقل- حول خصوصيات الخطاب الحزبي المغربي بشأن الوحدة الترابية. ومن جهة أخرى، حسب منظمي الندوة، يطمح المركز في أن تساهم الندوة الوطنية في بلورة تصور وإستراتجية مشتركة لكافة الأحزاب السياسية حول سبل مواجهة التحديات التي ستواجه قضيتنا الوطنية خلال الأشهر القليلة القادمة.