حذرت دراسة حديثة أنجزتها جامعة لندن ومركز برشلونة للدراسات الدولية المغرب من احتمال حدوث نقص كبير في الإنتاج الزراعي في البلد خلال العقود القادمة. وأوضح الباحثان مارتن كوريليتز وإيكارت فورتز، المشرفان على هذه الدراسة، أن التحذير من هذا الخطر مبني على تراجع حجم المياه الطبيعية المتوفرة في البلد وعدم قدرتها على سد الحاجيات المتزايدة، خصوصا على مستوى ري المساحات المزروعة. ومما يزيد من استفحال أزمة شح المياه، حسب الدراسة، ضعف السياسات التي تتم صياغتها لمواجهة المعضلة، وهو ما ينعكس سلبا على الجهود الرامية لسد فجوة احتياطيات السكان وقطاعي الفلاحة والصناعة. وأوضحت الدراسة أن الأمر لا يتعلق بالمغرب فقط، بل يشمل عددا من البلدان العربية كمصر، تونس، السودان، الأردن ولبنان، حيث تشير إلى أن هناك توقعات قوية بزيادة الطلب علي المياه بنسبة 55٪ بدأت من سنة 2000 وستمتد حتي 2050 كما ستشهد العقود القادمة زيادة في الصناعات التي تستهلك كميات هائلة من المياه بزيادة 400٪، وسيصاحب زيادة الطلب علي المياه زيادة مماثلة للطلب علي الكهرباء بنسبة 140٪. وتؤكد آخر دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنموي أن الدول والجهات التي تحتاج للمياه والكهرباء في صناعاتها واستهلاك سكانها المتزايد، ستبحث عن الأماكن والبؤر المضيفة أو التي تحتوي أراضيها وأنهارها علي سد هذه الاحتياجات من المياه والكهرباء واللتين تصبان بدورهما في سد احتياجات صناعات الغذاء في العالم، التي ستتأثر بهذا العجز الذي تشهده الدول المصنعة للغذاء. وهو الأمر الذي يشير بأصابع الاتهام للدول الكبري بالتعاون مع البنك الدولي في بحثهم عن مصادر للمياه والطاقة في قارة افريقيا وبالتحديد في إثيوبيا ومنابع النيل، لضمان استمرار صناعات الغذاء في العالم المتقدم. وسبق أن حذرت دراسة أنجزتها مؤسسسة «بلومبرغ» المتخصصة في المال والأعمال من المخاطر المحذقة باقتصاد المملكة خصوصا في قطاعي السياحة والفلاحة. وبنت الدراسة تحذيراتها على معطيات مرتبطة أساسا بالأوضاع الإقليمية المتسمة بتنامي مخاطر الإرهاب والتغيرات المناخية التي تهدد دول المنطقة بالجفاف .فالتغيرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري تهدد القطاع الفلاحي للمملكة والذي ما زال لم يتحرر من اعتماده الكبير على التساقطات المطرية، علما أن هذا القطاع يشكل 16 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وفي سياق متصل، سبق أن رسم المركز المغربي للظرفية صورة قاتمة لمستقبل الوضع الاقتصادي خلال السنة الجارية 2016، متوقعا تراجع معدل النمو إلى 1.2 في المائة، وذلك بسبب التأثر الكبير بضعف التساقطات المطرية هذا الموسم. وجاء في الإصدار الأخير للمركز، تحت عنوان «بين الظرفي والبنيوي، النمو ينكمش إلى 1.2%»، أن معدل النمو المتوقع في ظل السيناريو المحتمل خلال سنة 2016 قد لا يتجاوز 1.2 في المائة، وهو ما يعني أن الاقتصاد المغربي سيفقد 3.7 من النقط مقارنة مع المعدل المسجل خلال سنة 2015. وانطلق المركز في وضعه لهذا السيناريو من عدة معطيات مرتبطة بالتوقعات الظرفية على الصعيد الدولي، والصعوبات التي ترخي بظلالها على مجموعات من القطاعات خصوصا القطاع الفلاحي. ويرى خبراء المركز أن سنة 2016 بدأت على إيقاع شح كبير في التساقطات المطرية، وهو معطى يضعف بشكل كبير توقعات النمو بسبب اختلال التوازن البنيوي حتى في حال توفر ظرفية دينامية واعدة، إذ أن حجم التساقطات المسجلة منذ انطلاقة الموسم الفلاحي أقل بحوالي 40 في المائة عن المتوسط المسجل في موسم فلاحي عاد، الأمر الذي يؤثر سلبا على باقي الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالقطاع الفلاحي. وحسب المعطيات الحالية، يضيف المركز، فإن التوقعات تشير إلى تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 20 في المائة مقارنة مع الأرقام المسجلة العام الماضي.