المنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات في قلب القضية النسائية,هاجس وطن وهاجس قضية طغى على صلب النقاش في قاعة الندوات بمقر الحزب بالرباط الجمعة 11مارس 2016, وسؤال إلى أي انحرافات تجر هذه الحكومة الشأن النسائي بالمغرب,بعدما جاء الدستور واضحا في شأن تمتيعها بالمساواة في جميع الحقوق وبالمناصفة,كان محور كل المداخلات . فاطمة بلمودن عضو المكتب السياسي, التي سيرت الندوة, أشارت في البداية الى جوهر الإشكال في القضية النسائية وهو التطبيق الفعلي لما نص عليه دستور 2011, مذكرة أنه تحققت العديد من المطالب التي طالبت بها الحركات النسائية ونساء الاحزاب السياسية على مستوى التقعيد ,لكن الإشكالية في التطبيق ,حيث مازالت حكومة بنكيران تماطل في تنزيل بنود الدستور على ارض الواقع,في تحد للدستور وللإرادة السياسية للبلاد التي تؤكد أن النهوض بالمرأة دعامة أساسية لتنمية البلاد .غير أن هذه الحكومة ,تقول بلمودن, أخذت تجهز على هذه المكتسبات والمطالب بإفراغها لمشروع اللجنة العلمية لهيئة المناصفة من محتواه وأيضا الإجهاز على جوهر المشروع الذي قدمته اللجنة العلمية لإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفل,الحكومة ايضا تجاهلت مطالب نساء المغرب في وضع حد لزواج القاصرات وعملت على تمديد فترة ثبوت الزوجية الذي أثبت الواقع أنه الستار غير القانوني لشرعنة زواج القاصرات و للتعدد ,وهو ما يجبرنا تقول بلمودن على تكاثف الجهود وبذل مجهود مضاعف من أجل حماية حقوقنا كنساء من هذه الانحرافات التي تستهدفها الحكومة. هذه الندوة,تقول عضوة المكتب السياسي ,تلامس أحد القيم التي ترتكز عليها هذه الجهود وهي قيمة المساواة كمطلب عام.فلا مساواة في ظل حكومة دينية تؤمن بعدد من الموروثات التي تختزل المرأة في أدوار نمطية, نتساءل في هذه الندوة, كيف نبني مساواة حقيقية تجعل المواطنة هي القيمة الأساس بين الرجال والنساء وتسمح بالعيش المتكافئ لنصف المجتمع. الكاتبة الوطنية للمنظمة الاشتراكية للنساء الاتحاديات خدوج السلاسي ,شددت على مساءلة الحكومة عن هذا التماطل في تنزيل الدستور,و قانون العنف ضد النساء , وهيئة المناصفة و المجلس الاستشاري لحقوق الأسرة والطفل... فالحكومة اليوم تقول السلاسي تسير بذريعة الشرعية التمثيلية والاستغناء العددي والاستعلاء المزاجي , حكومة لا تعكس الإرادة الملكية العليا السائرة في طريق التنمية, وتسير في الاتجاه المعاكس لإرادة الشعب. فمن خلال هذه الندوة تقول السلاسي, اقترحنا أن نتابع التفكير بشكل جماعي من خلال موضوع المساواة وبناء المجتمع الديمقراطي للتأكيد على أنه اليوم لابد أن نستمر في إطار سياسة شمولية مندمجة لقضايا النساء. هناك تطور في الوعي النسائي ,لسنا في الاتحاد الاشتراكي حبيسات مطالب سياسية فئوية معزولة,نحن نطالب في إطار مجتمع حداثي ديمقراطي. لا وجود لمجتمع حداثي بدون مواطنات ومواطنين حداثيين وحداثيات ينخرطون في تدبير الشؤون المدنية والسياسات العمومية وفي القضايا الأساسية والوطنية الدولية ولا يظلون سجناء القضايا الضيقة للمجتمع الحداثي. نحن واعيات, تقول الكاتبة الوطنية ,بأن المهمة شاقة وتتطلب رهانات أخرى متلازمة لا يمكن الحديث عن الحداثة في غياب التمكين الاقتصادي للنساء وفي غياب مدرسة عمومية تكون عنوانا للكرامة الانسانية. المساواة رديفة للديمقراطية ,لا مجتمع ديمقراطي بدون تحقق فعلي للمساواة والاتحاديات منذ 1975إلى اليوم عشن منعطفات ومطبات وخضن نضالات من أجل تغيير المدونة وقانون الجنسية وغيرها من المطالب, ولما جاء المؤتمر السابع رفعنا سقف المطالب ولم نرض بأقل من الدولة الوطنية كإطار للمساواة . الدكتور ادريس كثير،رئيس الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة في مداخلته التي تمحورت حول إشكالية المرأة و المساواة, استعرض مظاهر التمييز في حق المرأة منذ بدء تاريخ البشرية,بدءا من آدم مرورا بكل الأساطير والأديان والأشعار و تاريخ الفلاسفة والمسرحيات وقصص التاريخ انبنت كلها على التمييز بين الرجل والمرأة وأعطت عبر التاريخ البشري صورة دونية للمرأة, فلا بد ,يقول كثير, أن هناك خيطا ناظما بين هذه الأفكار ,فإشكالية المرأة والرجل ترجع لأصل التكوين وعندما اجتهد الانسان لحل هذا الاشكال قام فقط بتأويلات ذكورية ,فإذا كانت اشكالية الأصل إذن عويصة, فإن أشكالية المناصفة واقتسام السلطة مع الرجل بهذه الحمولة التاريخية الغارقة في التمييز واللامساواة تتطلب استماثة من النساء في الدفاع عليها وفرضها على أرض الواقع . سارة سوجار عن شابات من أجل الديمقراطية, فضلت أن تتشارك مع القاعة هواجس الشباب وأسئلتهم من خلال عدة قضايا ,مشيرة لمجموعة من التراجعات على مستوى حقوق الانسان وحقوق النساء وما يتعرض له الشباب المطالب عن حقوقه من تنكيل وتعنيف في ظل وطن ينادي بالديمقراطية,ثم انتقلت لطرح نموذجين تسوقهما وسائل الاعلام المختلفة للمرأة المغربية ,نموذج المرأة الصامتة التي تستخدم في لافتات الاشهار , ونموذج المرأة المتاجرة بجسدها,التي تستغلها وسائل الاعلام في جعلها مادة مغرية لجلب القراء, وترى سارة أنها في موضوع ربط المساواة بالديمقراطية لا يمكن أن تصطف مع عدوين ,عدو يهدف لتحقيق المساواة من أجل كسب مقاعد انتخابية وعدو يعزل تحقيق المساواة بعيدا عن الديمقراطية, لأن المساواة الحقيقية ,حسب سارة,تحتاج لحوار مجتمعي حداثي . نحلم بمغرب آخر ,هذه الوضعية لاترقى لمستوى تطلعاتنا ,يقول منير بنصالح عن حركة أنفاس الديمقراطية,ليس هذا ما خرجنا من أجله في 20 فبراير, مشيرا إلى أن الحركة النسائية وقعت في التنميط ولم تجدد من أساليب خطابها ولا مرافعاتها ,فخطاب المساواة بالنسبة لمنير يجب أن يرتكز بالأساس على التمكين الاقتصادي للمرأة وجعل المرأة سيدة نفسها ولا تعيش تحت رحمة الرجل,فأقل من28 في المئة من نساء المغرب فقط يشتغلن و27 في المئة منهن تحت عتبة الفقر, وهناك تفاوت كبير بين الرجال والنساء في الثروة والإرث ,فكيف ستضمن النساء مساواة كريمة في ظل هذا الوضع الذي يكرس الدونية لامرأة تعيش عالة على الرجل ,أن خطاب المساواة يجب أن ينطلق من تكافؤ الفرض في العمل وفي التعليم وطبعا في الحقوق. عبد المطلب اعميمر, عن حركة اليقظة المواطنة, أشار في بداية مداخلته إلى أن طبيعة التشكيلات الاجتماعية في كل تجارب الشعوب التي ناضلت من أجل التحرر كانت فيها الحركة النسائية جزء من المعركة من أجل الحرية,لكن تطبيق المساواة يبقى موقوفا على مدى نضالات النساء من أجل تحقيقها,فحركة الانوار مثلا لم تحقق المساواة إلا في السنوات القريبة بفضل نضال نسائها ,لهذا يرى الباحث أنه رغم الفصل 19 من الدستور, لابد من يقظة نسائية تجابه الخطاب الديني الذي أضحى يحتل رجاله ونساؤه مساحة كبيرة في المساجد لنشر خطاب معادي للحداثة والديمقراطية والمرأة. فمعركة المساواة اليوم يجب أن تنهض من إعادة مساءلة النص الديني, لأن هؤلاء المحافظون يعطلون مسارات تبنيها الحركة الديمقراطية ,اليوم نحن لسنا في مواقع نستطيع ان نربح بها منظومة المجتمع. ماهو حال الحركة الديمقراطية اليوم, يتساءل اعميمر,هل يمكن الانتصار لحركة التحديث في مواجهة حكومة محافظة تصرح أن النساء عندما خرجن للعمل انطفأت التريات من البيوت,نسائل مستقبل العملية السياسية لأن معركة النساء تقتضي استراتيجية سياسية لردع امتدادات الحركة المحافظة ,قد نخرج بالمناصفة ,فهل ستتحقق الرغبة الجماعية من أجل إقامة مجتمع عادل ومنصف, علما أن الخلل في معركة المساواة يرتبط بالتنشئة الاجتماعية داخل المدرسة, فالمدرسة المغربية أصبحت ماكينة لإنشاء عقول السلفية المحافظة . يجب الانتباه,يؤكد أستاذ اعميمر ,إلى أن معركة السياسة والمجتمع لا يمكن أن نتقدم فيها بدون ناشئة تلعب دورها من اجل مجتمع متفتح وديمقراطي.