ما الذي تغير في واقع حياة المرأة بالمغرب؟. الجواب الأكيد هو: الكثير. لأن دورها ضمن منظومة إنتاج القيم مغربيا، مؤثر ووازن. بل، إن المرء يستطيع الجزم، أن من عناوين التحول التاريخية الكبرى، التي راكمها المغاربة، في صيرورة حياتهم ووجودهم، ضمن باقي التجارب المجتمعية بالعالم، إنما هو كامن في الدور الذي ظل للمرأة في المجتمع. وهذا يفرض أكيد أشكال مقاربة تحليلية لابد أن تكون متجردة عن الأحكام المسبقة والكليشيهات الإعلامية الرنانة. مناسبة ثامن مارس، كاحتفال عالمي بالمرأة، انتصارا لما تمثله من دور في بناء المجتمعات، هو فرصة لنرافق بعضا من عناوين التحول في بروفايل المرأة المغربية في بداية القرن الجديد. وهي محاولة هنا، تريد لفت الإنتباه إلى معنى من معاني أن يكون الإنسان امرأة في مجتمع مثل المجتمع المغربي. وأول مداخل هذه المحاولة، هي الإطلالة على ملمح من ملامح ممارسة المرأة للحياة، في مدينة مثل الدارالبيضاء، اخترنا لها نماذج، يمكن توصيفها بأنها عنوان للمرأة العاملة، في مدينة عمالية مثل العاصمة الإقتصادية للمغرب. ثالث النماذج التي تدعونا إلى تأمل منجزها، يتعلق بأمثلة للمرأة المغربية في أعالي الجبال. فهن يشكلن نسبة مهمة من مجموع نساء المغرب، البدويات، المقاومات، الشامخات، في صمت وتحد ورضى عن الذات. بل، إن تأمل بعض من سيرتهن، يجعلنا ندرك بعضا من معنى التعدد المتحقق في معنى أن يكون الإنسان امرأة، في بلد مثل المغرب، في أول القرن 21. ونماذج اليوم، هن كبة من النساء والفتيات الأمازيغيات من إحدى مناطق الأطلس الكبير الجنوبي، المطلة على وادي سوس، يحملن أسماء: إيجة/ فاظم/ عائشة/ تلايتماس/ رقية/ زينة وخديجة. تبتدأ قصتهن، من قصة أبناء منطقتهن، بدائرة تالوين، جماعة أربعاء أسايس، في مرتفعات تتجاوز 1500 متر عن سطح البحر، حيث العمل التطوعي، تربية سلوكية تعاونية هناك في بلاد الأمازيغ تلك الشاسعة. لقد فتحن أعينهن، على معنى لتحقيق أسباب التنمية، المرسخة لمعنى للحياة كمقاومة، على أجيال من الآباء والأجداد، الذين انتهجوا أسلوبا تعاونيا، خاصا، مكنهم بالقليل الذي كان يجمعونه من دراهم، مع توالي الشهور، من إيصال نور مصباح وصنبور ماء إلى كل المنازل، مثلما مكنهم من جلب طاولة دراسة للتعليم، وأخيرا مكنهم من بناء «دار للتعاونيات»، فتحت الباب لتأسيس تعاونيات زرابي وفلاحة وزعفران. ومع توالي التجربة، وتحولها إلى منهج تربوي هناك، لكل أبناء وبنات المنطقة، كان لابد أن يبادرن هن، من أجل أن يكون لن نصيب في ذلك البناء التنموي، وفي تلك التجربة التعاونية. كان أول الغيث، العمل على تنظيم أنفسهن، ضمن شكل جمعوي، غير معلن رسميا، يجعلهن يبادرن إلى ابتكار أشكال عمل جماعية، تعزز من دور العمل الجمعوي الرجالي بمنطقتهن. وكما كان الرجال يجمعون المال، بادرن إلى ابتكار أساليب خاصة بهن، لجمع قدر من المال، أصبح يقدم باسمهن إلى صندوق الجمعية التعاونية لأبناء البلد. رسالة على أننا هنا، لا نكتفي فقط بالدعم اللوجيستي لكل عمل تطوعي رجال. بل، إننا مساهمات معهم بذات الشكل من الحصة المالية. هذا له معنى رمزي سام، أننا لسنا الجهة المصاحبة فقط، بل هن جهة مشاركة أيضا. وحين تسألهن عن السبب في إرهاق أنفسهن في إنجاز مصنوعات استهلاكية يبعنها في السوق الأسبوعي، ويجمعن الدرهم على الدرهم، لكي يقدموه كمساهمة منهن إلى صندوق الجمعية؟. يجبن: «لا غرابة أبدا في ذلك، فالجميع يضحي وواجبنا أن نكون طرفا في ذلك». مؤكدات على أن دور النساء ليس محصورا في الطبخ، بل إن دورهن دوما كان أساسيا في المساعدة في شؤون الحياة، سواء في الحقول أو في السقي أو في جلب الماء أو في تدبير ميزانية البيت والعائلة. هذا يعني، أن المرأة مغربيا، كانت دوما مشاركة، في دورة الإنتاج. هذا ربما قصدهن. وهي حقيقة مغربية راسخة منذ قرون. فالمرأة، ليس اعتباطا أنها تشارك في الحقل وفي ا