مرض فابري، هو مرض ينتج عن مشكل في وظيفة أحد أهم مكونات الخلية وهوالليزوزوم «اليحلول»، المسؤول عن تنظيف الخلية وهضم نفاياتها باستخدام ما يزيد عن أربعين أنزيما، ويترتب عن هذا الخلل تراكم جسيمات ضارة في خلايا بطانة الأوعية الدموية وأنسجة أخرى في الجسم، تؤدي في النهاية إلى إتلاف في القلب بالأساس، والكلى والدماغ. وينتمي مرض فابري، إلى فئة أمراض الليزوزوم، التي تشمل أكثر من خمسين مرضا لها عواقب وخيمة، ويتميز بالتحديد بنقص في أنزيم «ألفا غالاكتوزيداز» مما يسبب اختزان المواد الذهنية في الخلايا. ويصيب المرض الذكور بشكل أساسي لأنه وراثي، وينتقل عن طريق الكروموسوم X ، فمتى كانت الأم حاملة للجين المعيب دون أن تكون مريضة، يكون احتمال الإصابة بالمرض عند الذكور بنسبة 50٪، والمخاطر عند الإناث بنسبة 50 ٪ لحمل هذا «الجين» فتصبحن بدورهن ناقلات للمرض. أما في حالة إذا ما كان الأب مصابا بالمرض، فإن الأولاد يكونون دائما بصحة جيدة، في حين أن البنات يكنّ حاملات للجين، ولكن ليس بالضرورة للمرض. مرض فابري هو من الأمراض النادرة، لأنه يصيب على حوالي شخص واحد من بين 3 آلاف شخص، وتبدأ علامات المرض في الظهور بصفة تدريجية في مرحلة الطفولة، أو عند المراهقة، وتكون جد متنوعة وتؤثر على عدة أعضاء، وعادة ما تكون الأزمات على شكل حرقة في اليدين والقدمين «تنميل مؤلم الأطراف التي تعدّ من أول علامات المرض. بعد ذلك تبدأ علامات حمراء أرجوانية لا يفتح لونها عند الضغط عليها في الظهور على الجلد، تسمى التقران الوعائية (Angiokératome)، وتظهر بشكل رئيسي على الصدر أو حول السرّة، كما يمكن أن يؤثر المرض على وظيفة الغدد العرقية، وينتج عنه عدم أو قلة إفراز العرق مما يؤدي إلى صعوبة في تحمل ارتفاع الحرارة أو المجهود البدني، كما أن من بين الأعراض المميزة للمرض، حدوث تشوهات على صعيد القرنية «الطبقة السطحية للعين». وتضم علامات المرض إصابة في القلب التي يمكن أن تتضخم ويزيد حجمها على مستوى البطين الأيسر بالتحديد، مع اضطرابات كهربائية، واضطرابات على صعيد ضربات القلب، التي تصبح غير نظامية، والتي تعرض المصاب لخطر الموت المفاجئ، كما يمكن أن تظهر اضطرابات في الأذن على شكل دوار مع طنين، وتراجع للسمع يصل في بعض الأحيان إلى صمم تام. ومن الأعراض الشائعة في مرض فابري نجد التعب المزمن، مع مشاكل على صعيد الجهاز الهضمي إذ أن في حوالي 60 % من الحالات يعاني أغلب المرضى من حالات الغثيان مع آلام في البطن مصاحبة بإسهال أو إمساك. ومن العلامات الجادة أيضا التي يجب الانتباه إليها، تلك المتعلقة بالدماغ، مثل حوادث نقص التروية العابرة «جلطة خفيفة تشفى بسرعة» ، أو سكتة دماغية لها علاقة بحادث وعائي دماغي «جلطة دماغية «. ومع التقدم في السن، وفي غياب التشخيص والعلاج الملائم، من المرجح أن يسبب المرض تدهورا تدريجيا في وظائف الجسم مع فشل العديد من الأجهزة، كما يتسبب في مراحله الأخيرة في قصور كلوي يستدعي اللجوء إلى تصفية الكلي عند ما يقارب نصف الحالات ما بين سن 30 و 50 سنة، فضلا عن مضاعفات على مستوى القلب والأوعية الدماغية، علما أنه يقلل من متوسط العمر المتوقع للرجال والنساء ما بين 10 إلى 20 سنة. وتتنوع الأشكال العلاجية للمرض التي تعززت مؤخرا بعلاج بديل للأنزيمة المفتقدة في جسم المريض «ألفا غالاكتوزيداز أ»، وهو العلاج الذي يشكل حجر الزاوية للتكفل بالمرض، أخذا بعين الاعتبار ضرورة الحرص على تهدئة الألم، وحماية الكلي بفضل مثبطات الأنزيم أنجيوتنسين، وتنظيم دقات القلب، الأمر الذي يستدعي في بعض الأحيان زرع أجهزة ضبط نبضات القلب أو مزيلات الرجفان، مع اللجوء إذا تطلب الأمر إلى عملية غسيل أو زرع الكلى. د. خديجة موسيار اختصاصية الطب الباطني وأمراض الشيخوخة