صدرت حديثا ترجمة أنجزها حسن أميلي، الباحث المتخصص في التراث البحري لضفتي نهر أبي رقراق، لكتاب «البحر في التقاليد والحرف المحلية بالرباط وسلا» من تأليف لوي برينو (1882-1965). ويعد الكتاب، الذي يقع في 358 صفحة، من بواكير منشورات المدرسة العليا للغة العربية واللهجات البربرية بالرباط سنة 1920، وقد صدر سنة 1921 عن دار النشر لورو بباريس. وينقسم إلى أربعة أقسام: القسم الأول عن البحر، تناول المؤلف فيه ذهنية أهالي الرباط وسلا إزاء البحر، وأوصاف البحر وحالاته، والعوم والغرق، وأولياء الساحل وتأثيرهم، فيما تناول القسم الثاني أوصاف ساحلي الرباط وسلا والمرسى الخارجية، وطبوغرافية نهر أبي رقراق في قسميه البحري والنهري، وطبيعة مرسى الرباط وسلا مع موجز لتطورها التاريخي. وخصص المؤلف القسم الثالث للتعريف بفصائل الأسماك بالمنطقة والأحياء البحرية المعروفة فيها، وأساليب وأدوات الصيد البحري، وسمك الشابل ووضعيته القانونية، فيما خصص القسم الرابع للمؤهلات الملاحية لأهالي الرباط وسلا، ومعتقداتهم المتعلقة بذلك المجال، وأوصاف المراكب والقوارب المستعملة، ثم أهازيج البحارة، والإنشاءات الملاحية والأدوات المستعملة. وفي تقديم للكتاب، رأى حسن أميلي أن «المؤلف يزداد أهمية بالجزء الذي كرسه برينو للتسلسل التاريخي للعدوتين، منذ تأسيس النواة الأولى شالة الفينيقية ثم الرومانية، والحضور العمراني على الضفة اليمنى أولا ثم نظيرتها اليسرى، وما نجم عن ذلك من قيام شروط حياة بحرية بمرسى أبي رقراق تأطيرا وتنظيما واقتصادا وانعكاسات سياسية محلية وعالمية». وأضاف المترجم أن «برينو سعى في كتابه القيم هذا إلى تتبع مظاهر التراث الثقافي البحري لضفتي أبي رقراق منذ العهود السحيقة حتى السنوات الأولى من إقرار نظام الحماية بالمغرب. وبناء على ذلك، اعتبر هذا التأليف أول من يسلط الضوء على هذا الموضوع مما يعطيه فرادة وأهمية قصوى، عززته الروايات والملاحظات الدقيقة التي حرص على إدراجها في المتن، مثلما في الملاحق المختلفة التي تتخلل العمل». ويرى أن «أهم ما ميز الكتاب (...) هي تلك الفكرة النيرة التي دفعت المؤلف إلى تجميع الألفاظ البحرية للرباط وسلا ودراستها، بما تتيحه من معطيات ثمينة عن المنطوق الحضري على الساحلº وهي الأهمية التي جعلتنا نأخذ على عاتقنا القيام بترجمة الكتاب، خصوصا وأن غالبية تلك التعابير قد انمحت الآن وأفلت مع أفول الكثير من مظاهر الحياة الملاحية لمرسى أبي رقراق، رهاننا في ذلك توثيق ما وصل إلينا من التراث الثقافي الساحلي لعدوتي الرباط وسلا». وخلص إلى أن «أحكام القيمة السلبية التي خص بها برينو بحارة الرباط وسلا لا تخرج عن التنميطات المكرورة التي زخرت بها الكتابات الأوربية، والتي بمقابل التنويه بضعف المشاركة المحلية في حرف وتقاليد النشاط البحري، تؤكد على أن كل ما تحقق هو نتاج مساهمة الغرباء من فينيقيين ورومان وعلوج أوربيين وإسبان (أندلسيون)، مستدلا في ذلك بطبيعة المعجم الملاحي المتداول في المنطقة، والذي تغلب عليه اللغات اللاتينية». وكان مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، إدريس خروز، قال، في مداخلة حول الكتاب خلال ندوة على هامش المعرض الدولي 22 للنشر والكتاب بالدار البيضاء (12- 21 فبراير الجاري)، إن «كتاب (البحر في التقاليد والحرف المحلية بالرباط وسلا) كتاب مرجعي أساسي، لا يمكن الاستغناء عنه في مقاربة التراث الثقافي الساحلي لضفتي أبي رقراق، وذلك لأسباب عدة، أهمها إحاطته بمختلف تجليات هذا التراث، منذ العهود السحيقة حتى السنوات الأولى من إقرار نظام الحماية بالمغرب، وحلول مدينة الرباط كعاصمة سياسية وإدارية جديدة للبلاد، معتمدا في ذلك على الروايات والملاحظات الدقيقة التي حرص على إدراجها في المتن». من إصدارات حسن أميلي «الجهاد البحري بمصب أبي رقراق خلال القرن السابع عشر الميلادي»، و»المغاربة والمجال البحري في القرنين 17 و18»، و»المعجم البحري والملاحي (عربي - فرنسي - مغربي)»، و»معجم البناء والمعمار».