أكدت رئيسة مركز البحث والتكوين في العلاقات بين الأديان، السيدة عائشة حدو، بالرباط، أن المغرب يضطلع »بدور متنام« في نشر نهج وفي لتقليد يسلط الضوء على ممارسة إسلام يتميز بالاعتدال والتعارف. وأوضحت السيدة حدو، في كلمة خلال مؤتمر دولي بالرباط حول موضوع »التعارف في ضوء العلاقات بين الأديان» بمناسبة تدشين مركز البحث والتكوين في العلاقات بين الأديان، أن هذا المركز، الذي أنشئ منذ بضعة أيام فقط، يندرج في سياق مواكبة التحولات العميقة التي يعرفها المغرب بتوجيهات سامية من أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس. وقالت خلال هذا المؤتمر، المنظم برعاية الرابطة المحمدية للعلماء التي يتبع لها المركز، إن "التجربة الطويلة للمملكة، حيث يتعايش جنبا إلى جنب، أتباع الديانات السماوية الثلاث، تتيح لها إطلاق محاور للتفكير وتطوير أنشطة تمكنها من التعمق في مفهوم العيش المشترك، فضلا عن إبراز دينامية للتنوع وثقافة الحوار والتعارف المتبادل. وأضافت رئيسة هذا المركز الجديد أن "التحاور يعني أيضا التحلي بجرأة اللقاء والتحول، إذ لا يتعلق بمجاراة الرؤى المتبادلة وإنما بالسماح لذواتنا بتلقي رؤية أخرى للعالم وتوسيع مجال الرؤية نحو أفق أرحب". وأكدت أن الأديان، التي توجد في قلب الأحداث الراهنة، جعلت من استيعاب النصوص ضرورة لمنع توظيفها ولتطوير وعي المجتمعات حيال مضامينها وجعلها آليات للعيش المشترك المسالم في إطار من الاحترام المتبادل، لافتة إلى أنه "لا أحد يوجد في مأمن من الآثار المدمرة التي تنجم عن تحريف التقاليد الدينية واستغلالها والتوظيف المغرض للنصوص، وتداعيات ذلك على السلم وأمن المجتمعات". وشددت على أنه "قد حان الوقت بالنسبة لنا لتعزيز ثقافة التعارف المتبادل، ومكافحة الصور النمطية والأحكام المسبقة حول الآخر، والتشجيع على إنتاج بحوث علمية ذات الصلة بمجال الأديان". من جانبه، قال الحاخام جاكي سيباغ، مدير مدرسة واحة السلام في الدارالبيضاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المغرب يعد بلدا رائدا في تنظيم المؤتمرات والمنتديات الهادفة إلى التقريب بين مختلف الأديان ونشر ثقافة الحوار وقبول الآخر، مضيفا أن المملكة بذلت جهودا كبيرة في هذا الاتجاه، من خلال مساهمتها في اتخاذ قرارات هامة بالنسبة للعالم. وبعد أن ذكر بأن المغرب كانت لديه الشجاعة لاستقبال اليهود الذين طردوا من إسبانيا عام 1492، قال الحاخام سيباغ إن تنظيم هذا المؤتمر الدولي يندرج في سياق المبادئ التوجيهية للسياسة المغربية، داعيا إلى تطبيق كل القرارات التي ستتمخض عن هذا المؤتمر. بدورها، أبرزت كارين سميث، القسيسة المحلقة بجامعة الأخوين ورئيسة الكنيسة الانجيليكية في المغرب، في كلمتها ضرورة احترام الآخر وتعزيز العيش المشترك ورفض سياسات الهيمنة والغزو. ودعت، في هذا الصدد، إلى نشر ثقافة اللاعنف والوقوف في وجه مرتكبي العنف، مع الحرص على توطيد صلات التفاهم. أما القس مدحت صبري، عن الكنيسة الأنجليكانية في الدارالبيضاء، فقد أكد على أهمية قيم الحوار والتسامح والقبول بالاختلاف الموجودة حتى داخل الدين الواحد، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر الدولي يعد تمهيدا لحوار أكثر عمقا في المستقبل، بهدف تطويق مجال الاختلافات وإنشاء قنوات حوار حقيقية. والجدير بالذكر أن التوصيات التي سيتمخض عنها هذا المؤتمر الدولي، والذي تميز على الخصوص بحضور سفيرة كندا، السيدة ناتالي دوبي، وسفير الاتحاد الأوربي، السيد روبرت جوي، ستتيح للمركز تجويد مقاربته في مجالات البحث والتكوين. وقارب هذا اللقاء مواضيع فكرية وزعت على ثلاث جلسات تمحورت على الخصوص حول تعزيز ثقافة التعاون بين ذوي المعتقدات المختلفة، ورفع مستوى الوعي حول قضايا الأديان للتصدي لكل التحديات المرتبطة بهذا الموضوع.