أكد المشاركون في ندوة حول موضوع «الأدب الحساني: نظريات وقضايا» نظمت يوم الأحد في إطار البرنامج الثقافي للدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء ، أن الأدب الحساني الذي يعد رافدا من روافد الثقافة العربية والأمازيغية اللتين تشكلان جانبا رئيسيا من الهوية المغربية «في حاجة إلى مزيد من البحث والاهتمام على الصعيد الأكاديمي». وفي هذا الإطار، أوضح علين أهل بيا الذي نشط هذا اللقاء أن هذه الندوة تتوخى، بالخصوص، تثمين الثقافة الحسانية وتفعيل مضامين الدستور المغربي الذي اعتبرها مكونا من مكونات الهوية المغربية. من جهته، أبرز بوزيد الغلي صاحب عدة إصدارات ومقالات في الأدب الحساني، جمالية الأدب الحساني «باعتباره يمزج بين الأدب العربي الأصيل والصنهاجية الأصيلة علاوة على بعض الكلمات المأخوذة من الأمازيغية أو من لغات أجنبية كالإسبانية والفرنسية». وشدد على كون الحسانية تمتلك قوتها كلهجة وليس كلغة من قدرتها وقدرة شعرائها وأدبائها على استخدام بعض الكلمات العربية القديمة للحفاظ عليها من الاندثار، كما أنها ترسخت كثقافة شفاهية أكثر منها كتابة نظرا لطبيعة سكانها المتميزين بنمط الترحال عبر الصحراء. وقال إن الأدب الحساني يشتمل على أجناس مختلفة من التعبيرات، خاصة منها «لغنى» أي الغناء أو الشعر الغنائي و»الزركا» أي الحكاية الشعبية والرواية والأمثال الشعبية والمقامة، مستشهدا في هذا السياق بعدد من النصوص السردية منها نص للقاص (حبيب الله) عن جولته في مدينة مراكش، وكذا بباحثين في هذا المجال. وأشار أيضا إلى أن موسيقى «البيضان» وامتداداهم إلى موريتانيا وإلى القدرة الإبداعية في الشعر الحساني والإبداع في استلهام المفردات الحسانية من القاموس العربي القديم. من جانبها، استعرضت عزة بيروك، باحثة في الثقافة الحسانية أصدرت مؤلفات ومقالات علمية في هذا الموضوع في مداخلة حول موضوع «أشكال الغزل الحساني وتقاطعه مع الشعر العربي القديم»، أصناف هذا النمط من الشعر الذي تطور من اللغة العربية الأصيلة مع تخليه عن المقدمات الطلالية واستبداله بما يطلق عليه في الأدب الحساني «الطلعة» التي تشبه شعر الموشحات الأندلسية. وصنفت الغزل الحساني الذي هو وصف لجمالية المرأة وتعبير عن التعلق بها وبدورها في المجتمع الصحراوي إلى عدة أصناف منها الغزل القصصي «الذي يحكي عن مغامرة في عشق امرأة قد تكون حقيقية أو متخيلة» والغزل الطريف ذو الطابع الفكاهي والغزل المقلوب أو «المكفي» وهو الغزل الذي يذم أوصاف المرأة «من أجل إبعاد الآخرين عنها والتفرد بعشقها». وأشارت بيروك كذلك إلى نظم كلمات الشباب اليوم في موريتانيا يطلق عليها «تفيتيت» وهي كلمات مشتتة لا يجمع بينها سوى السعي إلى معالجة المشاكل اليومية للناس ومعاناتهم مع ظروف العيش الجديدة. وأبرزت «التأثيرات الإفريقية الزنجية المتضمنة في اللهجة الحسانية والتأثيرات الأمازيغية فيها كلما كان التوجه شمال الأقاليم الجنوبية للمملكة». من جانبه، استعرض محمد الظريف، رئيس شعبة الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، عددا من القضايا المرتبطة بالثقافة الحسانية التي تعتبر أحد مكونات الثقافة المغربية، مشددا على «ضرورة الاهتمام بها عبر الكثار من التدوين «. وأشار إلى وجود دراسات أجنبية عن الحسانية أنجزها عدد من الأجانب توخت ، بالأساس، التعرف على شخصية الإنسان الصحراوي «من أجل استغلاله والسيطرة عليه» مما جعلها لا تحظى باهتمام الباحثين. واعتبر أن الثقافة الحسانية قد امتدت منذ ما قبل القرن السابع الميلادي من وادي نون إلى الحدود مع مالي والسينغال، مشيرا إلى أن تعميق البحث في هذا الجانب «يتطلب الإجابة على الإشكاليات المرتبطة بالمنهج والمقاربات التاريخية والتحقيب الزمني وتجاوز التحديات المطروحة».