يجمع الكثير من المتتبعين للشان التعليمي التربوي المغربي أن السلوك السياسي القائم على زرع الالغام وحبك المصائد الذي تمارسه حكومة الاستثاء البشع لمكونات العملية التعليمية التعلمية ، واقصد بالتذكر أستاذ الغد والمستقبل يشكل عتبة قصيرة من العتبات الكثر المضمرة للفشل الحكومي الذريع على امتداد أربع سنوات عجاف، وبداية سنة خامسة تسير في اتجاه الاحراق الكامل والنهائي لجزارها الاسطوري مول الزرواطة بنكيران. بعيدا عن التسطيح الممل، وهروبا من الاغراق في التفاصيل الزائدة، يمكن القول إن محاولة فرض المرسومين اللا شعبيين والطبقيين على المدرسة العمومية في صيغها المختلفة، وما خلفه هذا السلوك البنكيراني الأرعن هو من باب در الرماد في العيون على ما هو قائم اليوم في دواليب الوزارة والحكومة من الارتباك والفوضى التدبيرية للملفات الاجتماعية الحساسة التي استغلتها كتائب العدالة والتنمية في الترويج لشعبيتها وشرعيتها بين عموم المواطنين المغاربة. إن المقاربة الانتقائية التي فرضت على السيد بنكيران في تعامله مع الاشكال الاحتجاجية لطبقات الوظيفة العمومية، وأخص بالذكر ، طبقة الاطباء ومن هي طبقة الاطباء التي أخضعت الحكومة لايقاعها المتعالي ومقاماتها الهمذانية، فنكست أعلام الحكومة التي رفعت في وجه الاطباء بدون رجعة. وطبقة القضاة التي اضطرت معها حكومة البث التجريبي كرها لاطواعية إلى الجرح والتعديل. أما الطبقة الأضعف في سلسلة الوظيفة العمومية التي تدفع اليوم ثمن التأطير والتكوين وصناعة الثورة وإيقاظ العقول وبناء الانسان منذ الاستعمار إلى يومنا المشؤوم مع الجلاد المتاسلم، فهي طبقة الاساتذة والمعلمين التي يتم تحميلها وزر الاوساخ والخبائث التي تصنعها السياسات الحكومية المتعاقبة،ويتم إلباسها رداء الهزيمة والنكوص والتراجع،وألوان الخيبات والمصائب التي حولت التلميذ إلى وعاء فارغ لايحسن أن يصنع غير الصداع والضجيج. هي إذن صور نمطية مجروحة تساهم اليوم هذه الحكومة بشهادة زعامتها الورقية في إتمام هندستها وتشكيلاتها التي بدأت منذ اكثر من ثلاثين سنة من قبل. إن ضرب الاستاذ في مقتل ليس إلا واجهة تتستر خلفها سياسات وتوجهات وبرامج محبوكة بعناية ودقة فائقتين ، فهو تخطيط يستهدف تجريد المدرسة العمومية من وظائفها الاجتماعية والفكرية والفلسفية والتربوية، في أفق خوصصتها وبيعها بالجملة قبل التقسيط. ولعل المرسومين الطبقيين:2-15-588 المتعلق بفصل التكوين عن التوظيف، والثاني:2-15-589 الخاص بالتخفيض من منحة التكوين من 2450درهم إلى 1200درهم، هما تتويج لسيرورة ديناميكية بدأت دورانها منذ عقود وسنين، حملت على عاتقها تدمير المنظومة التعليمية والتربوية بمعاول صدئة تترك معها التلميذ والاستاذ المغربيين في غرفة الانعاش لزمن طويل. لذلك فما أقدمت عليه حكومة بنكيران في صيغة ظرفيتها الاستثنائية وشرعيتها الموهومة هو القشة الاخيرة التي قسمت ظهر المدرس المغربي ، بعد أن تم ترسيم مساره المهني على المقاس، عبر فرض مذكرات التقييد والاقصاء والتهميش، وإبعاده كرها وبطرق ملتوية ، تعلمت فيها حكومة العدالة والتنمية فن المواربة وفنون الاحتيال والنصب، فهو التصريح للعلن بشعبية وشرعية المطالب والوعود التي ركبت على أنقاضها العدالة والتنمية لتصل إلى موقع القيادة والتسيير دون أن تصل إلى سلم الحكم. تصريح على أنها حكومة تسير ولاتحكم كما قال العديد من الباحثين والخبراء في عالم السياسة المغربية. إن الرعونة الحكومية في قطاع اجتماعي حساس بين جل المغاربة نابع من حالة الانتكاسة الكبرى التي يعيشها العقل الحكومي المهزوز يمكن تمثيله بعقل طفل رضيع يلعب بالثمين دون علم به، كذلك هو مصير حكومة تتلاعب بقطاع شعبي واجتماعي يوحد المغاربة عقليا ونفسيا مع سبق الاصرار والترصد، تسعى إلى الاجهاز على القطاع العمومي للتربية والتكوين والتعجيل بخوصصته المشؤومة. وهو ما يشكل نكوصا وتراجعا في بناء مدرسة وطنية مواطنة من لدن تنظيم سياسي إسلامي وزع الوعود الكاذبة ورفع الشعارات الفارغة يمنة ويسرة بين قطاعات واسعة من المغاربة. إن النية المضمرة للاجتهاد الحكومي المنفذ الامين لسياسات المؤسسات المالية الدولية تستهدف ضرب النسيج الوطني والثقافي والقيمي المهدد للسلم الاجتماعي عبر بوابة استراتيجية وحساسة، توسم بمنظومة التربية والتعليم. ولعل الفشل الذريع الذي سيكون إعلانا على موت حكومة الزرواطة هو التعنت والتجبر والتسلط والاقصاء والسلخ والتعنيف الذي مورس ضد اساتذة الغد والمستقبل وما سيمارس في مسيرات نضالية قادمة.