انتظارات المغاربة طالت كثيرا، رغم أن من الحيف القول أن لا شيء تغير أو أن لا شيء تحرك. ينتظرون أن يتحقق حلمهم في الشغل والعيش الكريم. ينتظرون المساواة أمام العدالة واحترام إرادتهم. ينتظرون أن يكون التعليم أكثر مردودية وملاءمة لتشغيل أبنائهم في المستقبل. ينتظرون أن تتحول المستشفيات إلى قاعات يسترجعون فيها عافيتهم دون الخروج أمواتا أو مصابين بعاهات مستديمة بسبب خطأ طبي. ينتظرون قضاء مستقلا قادرا على تحقيق العدالة بين المتقاضين بأكثر سرعة ممكنة وبأقل وقت يمكن أن يقضيه المتقاضي بحثا عن حقوقه بين ردهات المحاكم. ينتظرون أن تمر الانتخابات المقبلة بقليل من الفساد وكثير من الشفافية والنزاهة حتى تحظى بثقتهم، وتكون المؤسسة التشريعية موضع صدق بلا تشكيك ولا حلقة للفرجة والتنكيت. ينتظرون مغربا قويا بمؤسساته وديمقراطيته و شعبه وحده القادر على تحقيق كل الأحلام. ينتظرون حكومة قوية لا تترك المواطن سهوا على هامش برامجها أو تتعامل معه لفائض اجتماعي يُترك لحاله. ينتظرون عقلنة المشهد الحزبي من خلال فتح المجال أمام الأحزاب للحصول على أغلبية تمكنها من تسيير مجلس النواب من خلال أغلبية واضحة التحولات التي تعرفها الساحة الانتخابية،وانتقال الصراع الذي يؤطر الانتخابات بين الأحزاب الوطنية والديمقراطية من جهة والإدارة المشرفة على الانتخابات من جهة أخرى إلى صراع ضد ظاهرة انتشار استعمال المال واستغلال الوسائل اللوجستيكية العمومية. لقد أصبح المال أداة حاسمة في السلوك الانتخابي،وتحولت وسائل الدولة والجماعات والمشاريع العمومية إلى وسائل للدعاية، مما خلق منافسة غير متساوية ولا شريفة لصالح الجهات التي تستعمل هذه الوسائل. وعلى الأحزاب هي الأخرى أن تقوم بدورها الفعال وتبحث عن الطريقة المثلى لتحسين صورة السياسية في نظر المغاربة، عليهم البحث عن خطاب وطني جاد للإقناع بجدوى كلامهم، أن تكون طموحات سياسيينا مشروعة بها ملمح إنساني يؤثث العمل السياسي الدائم، لأن أكبر عدو للشعوب هو اليأس، لأن هناك لوبي كبير قوي ينشر اليأس و يبخس السياسة في نظر المغاربة. وللحقيقة والواقع ما ثبت على حزب الاتحاد الاشتراكي من خلال خطابات قياداته ومناضليه أن استغل حدثا أو زمنا أو مكانا، وبادر بخطاب شعبوي، بل على النقيض من ذلك، كانت خطاباته ورسائله دائما تسير وفق مبادئه التي من أجلها خرج إلى الوجود، واضعا نصب أعينه هدفا واحدا ووحيدا هو خدمة هذا البلد والتضحية من أجله، سواء كان في بعض المناطق من التراب الوطني متحملا للمسؤولية أو في مناطق أخرى من خلال معارضته البناءة التي تحدث التوازن وتحد من الخلل في التسيير، على خلاف الحزب الحاكم الذي أجج الوضع وأنزل الملايين من هذا الشعب (أساتذة، وأساتذة متدربين أطباء وممرضين. عمال - الحركة النسائية على مختلف أنواعها. متضررين من الغلاء الفاحش من الماء والكهرباء) وهو ما كنا ننتظره خصوصا ونحن البلد العربي والإفريقي الذي وصفنا العالم بالاستثناء. إننا ننتظر حياة آمنة مستقرة، نتجاوز ونختلف في حواراتنا لكن داخل مؤسساتنا الدستورية مهما بلغت حدتها انتظارات أيضا، هي معالجة الأمور بالحكمة السياسية والتجربة الرزينة لا بالقسم والتهديد والوعيد وإجبار المظلومين والمتضررين على الخروج إلى الشارع. نحن على بعد أشهر قليلة من نهاية ولاية هذه الحكومة، والجميع يعلم بأن حصيلتها الإجمالية أدت إلى الاحتقان، وهذا الاحتقان أدى بدوره إلى الخروج إلى الشارع، وتنظيم وقفات احتجاجية سلمية سخّرت لها الحكومة بأوامر من رئيسها، الهراوات لتكسير شوكة المظلومين نتيجة سياسات الخلو من المسؤولية. ما نرجوه اليوم هو شيء من التبصر والحكمة في التعامل مع جميع المواطنين على اختلاف توجهاتهم السياسية والنقابية والإيديولوجية، لكن على المغاربة جميعا أن يستحضروا جميع هذه الأزمات التي ختمت بها الحكومة الحالية والأحزاب المشاركة فيها ولايتها، وأن يفكروا مليا في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وأن يجنبوا بلدهم ويلات سوء الاختيار، قبل أن تلهمهم جمل وعبارات ممزوجة بما هو ديني وإسلامي وذلك لا يكاد يخرج عن نطاق الشعبوية المقصودة، وأن يكون درس اليوم عبرة لاختيارات المستقبل.