تأمل منطقة غرب إفريقيا طي صفحة «نكبة فيروس إيبولا» التي خلفت منذ دجنبر 2013 آلاف القتلى، وتسببت في كارثة إنسانية وخسائر اقتصادية هائلة في هذه المنطقة التي تعاني أصلا من النزاعات الجفاف. فبعد مرور ما يزيد عن سنتين من وفاة أول حالة إصابة بالفيروس بغينيا غرب إفريقيا، وكانت لرضيع عمره سنة واحدة، لم تكد المنظمة العالمية للصحة تعلن الخميس الماضي النبأ السار بنهاية هذا الوباء بغرب إفريقيا الذي خلف ارتياح الساكنة التي عاشت جحيم (إيبولا) في جو من القلق والرعب مكتوفة الأيدي أمام استفحاله، حتى تم تسجيل إصابة جديدة بالفيروس في سيراليون الجمعة الماضي فقط. وبلغ «جحيم إيبولا» في بعض الحالات مستوى التهديد بانهيار الدول، لدرجة أن وزير الدفاع الليبيري، براوني ساموكاي صرح أمام الأممالمتحدة أن بلاده كانت «مهددة في وجودها نفسه» من طرف مرض ينتشر كالنار في الهشيم. وحسب حصيلة للمنظمة العالمية للصحة، فإن 11 ألف و315 شخصا قد توفوا بسبب إيبولا من ضمن 28 ألف و637 ألف حالة إصابة تم إحصاؤها في تسعة من دول المنطقة. وكانت غينياوليبيريا وسيراليون الأكثر تضررا منه. من جهة أخرى، كشفت أزمة وباء إيبولا هشاشة منظومة الصحة والمراقبة الصحية المحلية، وكذا ثغرات في آليات الاستجابة الدولية، ولاسيما بعد وفاة 535 من مهنيي الصحة خلال معالجتهم للمرضى. وقد تم تحت رعاية المنظمة العالمية للصحة التي تعرضت لانتقادات بسبب بطئ استجابتها للوباء، إطلاق مرحلة جديدة للاستجابة من أجل وقف كل سلاسل انتقال الفيروس على وجه السرعة من خلال تحديد وعزل الأشخاص الذين هم على اتصال بالحالات المصرح بها. كما تم على مستوى الدول الثلاث الأكثر تضررا، بذل جهود من أجل تحفيز الإبلاغ في أي وقت عن أي حالة مشتبه بإصابتها وأخذ عينات (من الدم أو اللعاب) للبحث عن الفيروس. وتعتبر المنظمة العالمية للصحة أن نشر فرق الاستجابة السريعة على وجه السرعة في كل مرة يتم فيها رصد إحدى الإصابات بمثابة حجر الزاوية لاستراتيجية وطنية للاستجابة». كما تم تنظيم حصص تكوين وتداريب محاكاة في العديد من الدول الإفريقية. وتم أيضا إطلاق تجارب لقاحات في الدول الثلاث الأكثر تضررا مكنت من توفير عناصر مهمة من أجل الوصول إلى لقاحات ضد فيروس (إيبولا) مستقبلا. وخلقت هذه الجهود، منذ مارس المنصرم، تفاؤلا لدى المجتمع الطبي والدولي الذي تعبأ لمكافحة الوباء. ورغم أنه تم إعلان سيراليون خالية من الوباء في نونبر المنصرم، ثم غينيا في دجنبر 2015، وبعد ذلك ليبيريا التي أصبحت يوم 14 يناير الجاري آخر دولة تتخلص من هذا وباء هذا الفيروس، فإن تسجيل حالة جديدة إصابة جديدة أمس بسيراليون يؤكد المخاوف التي أثارتها عدد من الهيئات الصحية والدولية. وبالفعل، فقد دعت المنظمة العالمية للصحة، إلى الحذر حيث إن الخطر ما زال قائما بالنظر إلى إن الفيروس مازال موجودا على مستوى بعض سوائل أجسام المصابين الناجين، فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من توقع ظهور بؤر جديدة خلال السنة الجارية. وبالفعل، فقد أشارت دراسة حديثة أجريت على 277 شخصا تعافوا من الداء نشرت نتائجها يوم 23 دجنبر المنصرم أن ثلاثة أرباع هؤلاء الأشخاص يعانون من التهابات وآلام على مستوى المفاصل، و60 بالمائة منهم يعانون من اضطرابات في الرؤية وصلت في بعض الأحيان إلى فقدان البصر، فيما يعاني ربعهم من مشاكل سمعية. وسبق للعديد من المتخصصين أن سجلوا قلقهم من إمكانية عودة بروز الفيروس لدى الأشخاص الحاملين له، ولا سيما على مستوى السائل المنوي الذي يمكن للفيروس أن يظل كامنا فيه على مدى تسعة أشهر، رغم أنهم قد يبدون في صحة جيدة. وهذا السيناريو بالضبط هو ما عاشته ليبيريا سنة 2015، حيث تم إعلانها بلدا خاليا من الفيروس في ماي المنصرم، ثم في شتنبر، لكنه عرف في ما بعد حالات ارتداد الفيروس.