تنقل بين العديد من المدن المغربية والأوربية ممتطيا صهوة ريشته الفنية باحثا عن شيء منفلت بين سحاب الممكن ليمطر غيثا على مساحات لوحاته التشكيلية، كيف لا يكون ربيعه مزهرا وهو حامل لقب المراد والمبتغى راكضا بين أغصان الزهور والنباتات العطرة يسابق فراشات ترقص على إيقاع الفنون الجميلة..، ستون شمعة أنارت دربه بين الطفولة والشباب مقتحما عالم الرجولة بثقة في النفس جامعا بين الهندسة وجمالية المعمار وفرشاة الصباغة وألوان قوس قزح.. إنه الفنان المبدع مراد بواب الذي استضاف جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بمرسمه . ازداد سنة 1956 بمدينة أسفي، مدينة العيطة والسمك والتاريخ والحضارة الإنسانية.. عاش فصولا جميلة بين أقواس الرباط وأبوابها العامرة، وغاص وسط دروب البيضاء مستكشفا معالمها وإنسانها ناقشا بمساره العلمي آثار الهندسة الحضرية بعد أن بصم مشواره الدراسي بفرنسا الأنوار....فحط الرحال بها وأقام داخل محراب العشق والإبداع ليشارك شباب المغرب ويتقاسم معه قاطرة المستقبل نحو الأفق الرحب مسلحا بعزيمة الإرادة ليقتسم المشترك الفني مع جيل الشباب المبدع ويمده بالعون . كان مراده أن يفتح نافذة للأمل أمام عشاق اللون والصباغة والقماش من شباب معاهدنا الفنية حيث يقول " الفنون الجميلة قادرة على معاكسة قبحنا اليومي وتحويله إلى جمال يحارب تنطع الجمود والخمول " وبالتأكيد فعالم مراد الفني رافقه منذ نعومة أظافره بالفطرة والسليقة وتفاعل مع رغبته الجامحة وميولاته الفنية مثل جميع الهواة حتى تركز بين أنامله سلسبيل الإبداع رقراقا فياضا . عمل مراد على فتح رواق خاص بمنتوج الشباب المهووس بالتشكيل والفنون الجميلة رسما ونحتا وتجسيما واشرع أبواب الاحتضان في وجه المبدعين الشباب خريجي معاهد الفنون الجميلة لسبب يؤمن به هو فقط، حيث يؤكد على أن بروز الاسم الفني يحتاج لرافد الدعم قائلا " لتسويق المنتوج الفني وإبراز المبدعين والطاقات الشابة لابد من حمل مشعل الانفتاح وتوفير سبل الترويج أمام المتلقي الشغوف بالإبداع ولوحات المبدعين " ، هكذا يتكلم الفنان والمهندس عن شريحة المبدعين الشباب التي تحتاج للدعم والثقة في النفس على اعتبار أن الفنان المبتدئ لا بد له من توفر شرط المتلقي وفضاء العرض لأن الفنان الذي يريد أن يصنع اسمه الفني لا بد أن توفر له شروط التواصل مع الجمهور وإمكانيات العرض وسط زحمة الإقصاء والتهميش والغبن، وفي هذا السياق عبر مراد عن استيائه العميق من معاناة الشباب المبدعين وما أكثرهم في مغربنا العميق، حيث تابع عن كثب إحباطاتهم ونكساتهم في ظل غياب شروط التلقي والعرض والتشجيع لهذا تجده متحمسا لفتح أبواب أروقة فضائه ومرسمه بالدار البيضاء . المهندس المبدع لفضاءات التلقي الزاخرة بكل ألوان الجمال والمبهرة للعين الذكية العاشقة للترتيب المحكم وللأناقة الراقية يقول أن " أكثر من 70% من أروقة العروض الحاضنة للوحات الفنية التشكيلية التي يطبل لها منظموها، المحتكرون والجاثمون على صدر فنوننا الجميلة لا ترقى إلى قيمة الإبداع الجمالي للفن التشكيلي وللمبدعين الشباب الواقفون على باب الله والمنتظرون لمن يفك عنهم طوق التهميش " بل يؤكد أنه لا " علاقة للبعض مع الفنون الجميلة ومدارسها وعمالقتها المبدعين وتاريخهم الجميل الذي ينبض عشقا لعطاءات الإنسان كونيا " ويضيف أن الهم الوحيد الذي يحرك لوبيات الاستثمار في اللوحات التشكيلية هو الهاجس المادي " . من هنا يطرح مراد سؤالا حارقا يرتبط بكيفية تصريف إبداعات الشباب المنتج لقيم الحب والتسامح والتعايش الفني و الأفق الجميل وترجمة مواضيعه الفنية بالريشة واللون على قماش الحياة، ليخلص إلى أنه حان الوقت لوخز القائمين على الشأن الثقافي وتنبيههم إلى واقع حال هذه الشريحة من الشباب التي اجتهدت وناضلت من أجل أن تضمن مستقبلها وتؤرخ لمرحلتها وجيلها عبر الفنون الجميلة قائلا " حان الوقت لتعمل وزارة الثقافة على تأصيل شراكاتها مع الجماعات المحلية وبث الروح فيها لإقامة أروقة وفضاءات خاصة بمعارض الفن التشكيلي واستقطاب المبدعين الشباب للمنافسة الجميلة من خلال المنتوج الفني " من هذا المنبر نرفع صوت المبدعين عاليا لنناشد بدورنا جماعاتنا الترابية للاهتمام بالشباب المبدع وإعطاء أهمية لمنتوجاتهم الإبداعية والفنية وخلق شراكات ذات بعد تواصلي، لأن الذوق الرفيع والراقي لن يفرض وجوده ضد كل أشكال القبح والتمرد إلا بالانتصار للجمال وفنونه الجميلة كما قال مراد المهندس والفنان المبدع داخل محراب الفن المشترك بقيمه النبيلة .