وقع هذا بإقليم آسفي ، وبالضبط بدوار «حيوط الشعير» المتواجد بتراب كل من جماعتي أيير والواليدية، وستنظر المحكمة الابتدائية بآسفي يومه الثلاثاء في ملف هذا «الشيخ» الذي اعتقل بمعية أحد المستشارين السابقين قبل أسبوع. كان دوار حيوط الشعير إلى حدود سنة 2011، مجرد دوار بسيط، يقع فوق الأراضي السلالية بين الواليدية وقصبة أيير، شرق الطريق الوطنية 301 الرابطة بين مدينتي الجديدةوآسفي، وتشكل هذه الأراضي السلالية حوالي 95 في المئة من مجموع الأراضي المتواجدة بالمنطقة، إذا استثنينا الشريط المحاذي للطريق والذي لا يتجاوز عرضه 30 مترا. هذه الأراضي المحددة إداريا تحت رقم 117 منذ سنة 1939، لفائدة الجماعة السلالية لأيير. لم يكن يقطنها سوى عشرات المواطنين من أهالي المنطقة، يعيشون على قليل من الفلاحة وتربية المواشي.. وبما أن المنطقة محاذية لشواطئ جميلة كالواليدية و»كرام الضيف»، فقد أضحت نقطة جلب للعديد من المواطنين، الذين يرغبون في شراء أراض أو منازل صيفية.. هنا سيظهر عون السلطة الشيخ (م.م) الذي كان أنذاك يشتغل ك»مقدم» يطوف عبر الدواوير بواسطة «موبيليت»، ليسهل هذه العملية ويحول الدوار البسيط من منطقة يتيمة وشبه معزولة إلى «مدينة إسمنتية «عشوائية تمتد على طول حوالي أربعة كيلومترات وعرض ثلاثة كيلومترات، تضم جميع أنواع الأبنية، حيث تجد ما تشاء من منازل وفيلات و»هانغارات» ودكاكين، بدون أدنى بنية تحتية، وتجهل المعلومات الوافية عن كل المستفيدين من هذه الأبنية؟ وأنت تتجول بالمنطقة، تجد نفسك أمام ممرات ضيقة ومطرح للأزبال بالقرب من «»المدينة الإسمنتية» العشوائية«، وأغلب القاطنين لا يعرفون «هويات» بعضهم.. حتى أضحى أهالي الأراضي السلالية أقلية بينهم. من هذه البيوت ما يستغل ل »»القصارة«« بكل معانيها، وأخرى مقفلة ويجهل ما يوجد بداخلها؟ بمعنى أن المشكل الأمني مطروح بقوة هناك... «الشيخ»، استغل «رغبة» الباحثين عن الاستجمام، وضيق ذات اليد للسكان القاطنين فوق الأراضي السلالية، فأخذ في التوسط بين الطرفين، قصد تنازل الأهالي عن أجزاء من الأراضي لفائدة الراغبين في الإقتناء. وبما أن أهالي الدوار، تدهورت حالتهم المعيشية بسبب تردي الفلاحة السقوية بمنطقة الولجة القريبة منهم في الاتجاه البحري للمنطقة، فقد استجاب بعضهم لفتوى الشيخ. «»البورجوازي» الجديد« كان يستخلص من وساطته هذه في بداية الأمر من البائع ما قيمته 50 درهما عن كل متر مربع، ونفس المبلغ من المقتني. وبما أنه ممثل السلطة الوحيد والأوحد هناك، فإنه يبتز المقتني من أجل التغاضي عن عملية البناء للحصول على مبالغ مهمة. بعد مرور عملية التغاضي، والحصول على مستحقاتها، تأتي عملية تحرير المخالفات بشأن البناء، إذ يعمد إلى إقناع المقتني للأراضي، بأن عملية تحرير محاضر المخالفات، ستتم في اسم من باع له الأرض، ولكل عملية تحرير مخالفة ثمنها. أو يعمل على استخراج وثائق تثبت أن البناء المحدث قديم جدا، مستغلا بعض ممثلي أراضي الجموع في عملية الشهادة والتوقيع. ثم تأتي عملية تزويد البناية بالماء والكهرباء، وبطبيعة الحال بمقابل مهم. الشيخ، وبعد مرور الشهور، لم يعد يقف عند هذا الحد، بل أصبح هو من يقتني الأراضي السلالية من أصحابها، مستغلا سذاجة البعض، ويعمل على تجزئتها وإعادة بيعها للراغبين في الاقتناء بأثمنة مضاعفة كثيرا. الغريب في الأمر، أنه مع توالي الشكايات ضد هذا الشيخ، وانتظار ما ستسفر عنه التدخلات، سيفاجأ الناس بالرجل الذي كان «مقدما»، يرتقي إلى درجة شيخ. بما أن جماعة أيير معنية بهذا الملف، شأنها شأن جماعة الواليدية، فقد اتصلنا هاتفيا برئيسها امبارك الفارسي، وطرحنا عليه أسئلة بخصوص ما جرى وما يجري بدوار حيوط الشعير، فأفادنا بأنه منذ أن تولى رئاسة مجلس أيير، أي منذ 2004، ومجلسه يناقش هذا الموضوع ويطرحه كإشكال من الإشكالات الكبرى في المنطقة، في كل دورة من الدورات، سواء كانت عادية أو استثنائية، وذلك مدون في محاضر هذه الدورات، وأرسلت بشأنها ملتمسات عبارة عن مقررات إلى السلطات المعنية، أكثر من ذلك - يضيف الفارسي - أن مجلس الجماعة أبرم اتفاقيات مع الوكالة الحضرية حول موضوع الدوار، باعتبارها المؤسسة المسؤولة عن وثائق التعمير، من أجل تحيين وإنجاز وثائق التعمير بالمنطقة، وساهمت الجماعة في ذلك بمبالغ مالية وصلت إلى 600 ألف درهم، على مرحلتين: 400 ألف درهم كشطر أول، و200 ألف درهم كشطر ثان، من أجل المساهمة في إنجاز هذه الوثائق، خاصة منها الصور الفوطوغرافية. لكن المشكل مازال قائما.» وأكد الفارسي أن الجماعة حررت مئات المخالفات وتم إرسالها إلى السلطات المعنية على مر السنين. كما تم تحرير مخالفات بالتجزئات السرية لهذا «الشيخ» الذي كان له دور أساسي في استفحال البناء العشوائي والإجهاز على الأراضي السلالية. وأكد قاطنون بالدوار من جهتهم، خلال جولتنا هناك، بأن نواب الجماعة السلالية بالمنطقة، كانوا يقومون بإخبار السلطات، خاصة رئيس قسم الشؤون القروية بالعمالة، بخطورة ماوصلت إليه الأوضاع على مستوى «نهش» الأراضي السلالية بالأسمنت العشوائي، لكن دون جدوى!