فقد المغرب الكبير واحدا من ابرز قادته وزعمائه التاريخيين ، حسين ايت احمد جزائري الولادة مغربي الهوى والروح، رافق الحركة الوطنية المغربية حزبيا ونقابيا، تعرض للاعتقال والسجن وحكم بالاعدام، عشق المغرب ، ولم يتردد في ان يوصي جهرا وهو على قيد حياته بان يدفن في المغرب لاسباب ناتي على دكرها بلسانه في مكان اخر من الموضوع، غادر الى دار البقاء اول امس بسويسرا ، بعيدا عن الجزائر التي واجه حاكميها مند الاستقلال بل حمل السلاح ضد بومدين وادان الاستفراد بالسلطة في الجزائر وضل رمزا كبيرا مغاربيا وعربيا ودوليا. وحسين آيت احمد، واحد من زعماء الجزائر التاريخيين، فهو مناضل حزب الشعب الجزائري العريق، وهو اول رئيس للمنظمة السرية التي اعدت لثورة نوkبر، قبل ان يعزل من منصبه اثر ما سمي آنذاك بالازمة البربرية، حيث حل محله احمد بن بلة. وكان الدا الحسين، كما يسمونه في منطقة القبائل، واحدا من القياديين التسعة الاوائل للثورة، ورئيس الوفد الجزائري في مؤتمر باندونغ التاريخي، والقي عليه القبض في حادث القرصنة الجوية التي قامت بها فرنسا في اكتوبر (تشرين الاول) عام 1956، حيث كان واحدا من الزعماء الاربعة الذين كانوا يتوجهون من المغرب الى تونس.بعد الاستقلال أعلن معارضته للجماعة التي كان يقودها بن بله وفرحات عباس ومن ورائها قيادة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني التي كان يقودها بومدين.وندد بتشكيل جماعتي تلمسان وتيزي وزو ودعا إلى وقف المواقف العدائية والدخول في حرب أهلية واحتك بالقوى السياسية والنقابية آنذاك من أجل هذا الهدف وكانت هناك مسيرات تنادي بشعار «سبع سنين بركات». انتخب نائبا عن ولاية سطيف في المجلس التأسيسي في مهمة محددة وهي إعداد دستور للجزائر المستقلة يوضع أمام الشعب للاستفتاء إلا أن لجوء الرئيس احمد بن بله إلى تبني دستور موازي في سينما إفريقيا بالعاصمة أفقد المجلس التأسيسي مهامه وصلاحياته استقال من المجلس التأسيس رفقة مجموعة من النواب بما فيهم رئيس المجلس فرحات عباس. وبقي معارضا لحكم بن بله بل أعلن عن حركة تمرد عسكرية رفقة العقيد قائد الولاية الثالثة محند أولحاج وبتغطية سياسية من طرف حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي أسسه في 29 سبتمبر 1963. دامت حركة التمرد أشهرا فقط قبل أن يتخلى عنه محند أولحاج أثناء مع يعرف بحرب الرمال مع المغرب وانتهت عملية التمرد بمقتل ما لا يقل عن 400 مجاهد من الولاية الثالثة والرابعة وباعتقاله في أكتوبر من عام 1964 وإصدار حكم بالإعدام في حقه لكنه استفاد من تخفيف رئاسي للعقوبة من قبل احمد بن بله قبل التوصل إلى اتفاق بين حزبي جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية يقضي بالذهاب تدريجيا نحو التعددية السياسية، أعلن عنه في 16 جوان من عام 1965 أي ثلاثة أيام فقط قبل الانقلاب على بن بله. في 30 أفريل 1966 فر من سجن الحراش واضطر للعيش في المنفى بأوروبا دون التخلي عن النشاط السياسي الذي أضاف له النشاط العلمي ومواصلة الدراسة الجامعية تحصل على ليسانس في الحقوق من جامعة لوزان وناقش أطروحة في الحقوق في نانسي بفرنسا عام 1975 وظل مدافعا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما ألف عدة كتب حول الحركة الوطنية والكفاح المسلح منها «الحرب وما بعد الحرب» و»الآفرو فاشية» وهو عنوان أطروحته، «مذكرات مكافح» وأخير «قضية مسيلي». خلال أحداث الربيع الأمازيغي عام 1980 لعبت جبهة القوى الاشتراكية دورا بارزا في تأطير الأحداث وإعطائها طابعا سياسيا وتجنيب تحولها إلى العنف.وفي خضم التحركات السياسية ضد النظام في الجزائر جرى في 16 دجنبر 1985 لقاء لأول مرة منذ الاستقلال بين أيت احمد وبن بله بلندن بترتيب من المحامي علي مسيلي وقد وقعا على تصريح مشترك مندد بممارسات الاستبداد والقمع وداع إلى إقامة دولة ديمقراطية. في عام 1987 تلقى أيت احمد وجعا باغتيال رفيقه المحامي علي مسيلي بباريس. عند اندلاع أحداث أكتوبر 1988 استبشر أيت احمد خيرا ببداية التعددية السياسية العلنية وقرر العودة إلى الجزائر في دجنبر 1989. وأعاد تنشيط جبهة القوى الاشتراكية حيث انتخب أمينا عاما للحزب خلال المؤتمر الأول المنعقد في 15 مارس 1991 خلفا للهاشمي نايت جودي الذي أودع ملف اعتماد الحزب لدى الداخلية في 24 شتنبر 1989. نشط الحياة السياسية التعددية من خلال الدعوة إلى مسيرات سلمية بالجزائر العاصمة لاسيما تلك المسيرة التي قادها في 27 شتنبرر 1990 ضد قانون اللغة العربية وتلك المسيرات ضد قانون الأسرة وكذا المطالبة بدسترة وترسيم اللغة الأمازيغية. شارك في الدور الأول للانتخابات التشريعية لعام 1991 التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للانقاذ واحتل فيها حزبه المرتبة الثانية. في 2 يناير1992 دعا إلى مسيرة حاشدة بالعاصمة داعيا الأغلبية الصامتة للتصويت في الدور الثاني ضد الدولة الأصولية والدولة البوليسية إلا أنه تفاجأ بوقف المسار الانتخابي واستقالة الشاذلي بن جديد وهو الأمر الذي ندد به وعارضه بشدة. عند مجيئ محمد بوضياف إلى الجزائر واعتلائه رئاسة المجلس الأعلى للدولة لم يلب دعوته ويده الممدودة بالرغم من العلاقة القديمة والوطيدة بين الرجلين منذ الثورة التحريرية. إلا أنه دعا إلى ندوة وطنية حول المصالحة على نموذج جنوب إفريقيا وبعد اغتيال محمد بوضياف اختار المنفى الإرادي في جنيف من جديد 1992. ومن منفاه بسويسرا لم يتوقف أيت احمد عن النشاط السياسي والديبلوماسي ضد خيار وقف المسار الانتخابي وإزاء الأزمة التي نشبت بعد ذلك ودخول الجزائر في العشرية السوداء مستعينا بالعلاقات التي نسجها مع أحزاب ومنظمات غير حكومية أوروبية وأمريكية في إطار الأممية الاشتراكية التي ينتمي إليها حزب جبهة القوى الاشتراكية. وقد كللت تلك الاتصالات بعقد ندوتين بروما تحت رعاية الجمعية المسيحية سانت إيجيديو في جانفي 1995 وقد توجت الندوة الثانية بالتوقيع على ما يسمى عقد روما أو العقد الوطني. وقعه أيت احمد إلى جانب أنور هدام وعبد الحميد مهري واحمد بن بله وعلي يحيى عبد النور وعبد لله جاب لله والويزة حنون. وهو العقد الذي اتخذت منه السلطة ممثلة في الرئيس اليامين زروال موقف الرفض والعداء. ظل يدعو إلى ترسيخ حوار سياسي دون إقصاء ولا شروط مسبقة مع القوى السياسية الممثلة في عقد روما بما فيها قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ من أجل وقف العنف وإراقة الدماء. كما ظل يدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للتقصي في المجازر الإرهابية في الجزائر للإجابة عن تساؤل ظل يردده وهو من يقتل من؟. أعلنت الهيئة الرئاسية لجبهة القوى الاشتراكية تعيين قيادي شاب كسكرتير أول للحزب. وعين أحمد بطاطاش، الذي يشغل منصب رئيس للكتلة البرلمانية كسكرتير أول، ويعد من القيادات الشابة، ومن الجيل السياسي الثالث في الحزب، بعد الجيل التاريخي المؤسس، والجيل الذي قاد الحزب في بداية الانفتاح السياسي. وكان المؤتمر الخامس للحزب قد زكى هيئة رئاسية تتشكل من خمس قيادات، لتعويض الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد، الذي كرس كرئيس شرفي للحزب. ويعد بطاطاش ثاني قيادي شاب يرتقي إلى قيادة الحزب، وعن طبيعة تشكيل لجنة اعلن بطاطاش في حوار مع الاتحاد الاشتراكي ان الفراغ الكبيرر وثقل المسؤولية التي كانت للزعيم لا يمكن ان يعوضها شخص واحد لدلك اتفق الجميع على لجنة مشتركة. وبالعودة الى علاقته بالمغرب فقد كان أعرب عن أمله في أن يوارى التراب بعد وفاته بالمغرب بدل الجزائر، لأسباب تاريخية وعائلية تربطه بالعائلة الملكية، وهي شهادة نقلت على لسان دبلوماسي جزائري سابق بسويسرا التقاه بمنفاه، الذي يقيم به منذ عدة سنوات. التصريح الذي صدر عن آيت أحمد ليس مفاجئا، وهو الذي كان يعتبر المغرب بلده المفضل في منطقة المغرب العربي بعد الجزائر، وتردد عليه أكثر من مناسبة، وتجمعه علاقات طيبة وممتازة بالقادة المغاربة سواء في المعارضة أو الحكم، تعود إلى ما قبل الاستقلال خلال الأيام الأولى للحركة الوطنية وحرب التحرير سنة 1954، ثم تطورت بعد الاستقلال مع العائلة الملكية الحاكمة إلى درجة المصاهرة. واستنادا إلى تصريحات الدبلوماسي الجزائري، الذي لم يذكره موقع "أزواون" الذي أورد الخبر، تربط الدا الحسين علاقات "عائلية" مع العائلة المالكة في المغرب، حيث تزوج ابن الدا الحسين، البنت الكبرى للملك المغربي الراحل الحسن الثاني، وهي تحمل جنسية مغربية. وفضل موقع "أزواون" التركيز على الانسحاب الذي سجله آيت أحمد من الحزب، عندما سلم الرئاسة للمناضلين "هيئة خماسية" رغم احتفاظه بالرئاسة الشرفية للأفافاس، ومقاطعته لأشغال المؤتمر الأخير المنعقد بالعاصمة، مفضلا حضور جنازة شقيقته بالمغرب، بسبب تزامن الحدثين. وحسب نفس المصدر فإن رغبة آيت أحمد في أن يدفن بالمغرب بعد وفاته، ليست جديدة، وقد سبق له أن عبر عنها في مرات سابقة. وفي حال ما إذا تحقق ذلك فإنه سيكون أول مسؤول سياسي جزائري يوارى التراب خارج الجزائر. واستنادا للمصدر ذاته، فإن آيت أحمد باعتباره شخصية تاريخية كان قد أدلى بتصريح لقناة مغربية حول موضوع تحويل الطائرة التي كانت تقل القادة التاريخيين سنة 1957 إلى المغرب من قبل مصالح المخابرات الفرنسية، وأوضح أن "الملك المغربي بذل كل ما في وسعه من أجل تحرير القادة التاريخيين، حيث عرض ابنه على المصالح الفرنسية مقابل الإفراج عن القادة التاريخيين"، وهو التصريح الذي يكذب صراحة الاتهامات عملية تحويل الطائرة...