على مدى أربعة أيام من 15 دجنبر 2015 إلى 19 منه، نظم المرصد المغربي للسجون، بتعاون مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بمدينة مراكش، ورشتين تدريبيتين في موضوع النهج القائم على احترام حقوق الإنسان في السجون. المستجدات وفرص النهوض، هو الموضوع الذي عالجته الورشة الأولى التي نظمت لفائدة مدراء السجون واطر المندوبية الجهوية بمراكش، في حين استهدفت الورشة الثانية جمعيات المجتمع المدني، والتي تمحورت حول المشاركة المجتمعية لخدمات أفضل. وانطلاقا من الإيمان بأن السجين، وهو يقضي عقوبة السجن يكون منزوع الحرية فقط، ولا تسلب منه باقي الحقوق التي تنص عليها المواثيق والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة المغربية، فقد كان الهدف من الورشتين معا هو بناء قناعة مشتركة لاحترام المعايير الدولية والمحلية في معاملة السجناء من جهة ، والاطلاع على ما طرأ من تعديل على القواعد النموذجية الدنيا في معاملة السجناء، والتي تم إطلاقها من قبل الأممالمتحدة خلال شهر دجنبر 2015 تحت اسم «قواعد مانديلا» تخليدا لإرث الرئيس نيلسون مانديلا في الدفاع عن الحريات واحترام حقوق الإنسان ، وخاصة الأشخاص المجردين من حريتهم. وقد ركزت الورشة على أن يتكون للبعض، ويتعزز للبعض الآخر من مدراء السجون ومسؤولي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ، قناعة احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان، أثناء معاملة الأشخاص المجردين من حريتهم ، من حظر للتعذيب ، وابتعاد عن المعاملة القاسية والمهينة، مع مراعاة تعزيز التمييز الايجابي للنهوض بأوضاع الفئات الأكثر هشاشة بالسجون ، كالنساء والأطفال، والأشخاص في وضعية إعاقة. وفي الوقت الذي سجل المشاركون المجهودات المبذولة وطنيا من أجل تحسين أوضاع السجون، فإنهم يقرون بأن كل الجهود والمبادرات المجتمعية، لن تصل إلى الهدف المتوخى ما لم يتأسس التقاضي على قناعة الأخذ بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، والتقليل ما أمكن من الاعتقال الاحتياطي، باعتباره تدبيرا استثنائيا، وهذا ما يجعل من عملية إعادة الإدماج والتقليل من حالة العود هدفا ميسرا. وفي الورشة الثانية التي شاركت فيها ثمان جمعيات من جمعيات حقوقية منها وتربوية ، فقد تمحورت حول تعزيز مشاركة المجتمع المدني في حماية وتحسين الحياة في السجون ، وفقا للنهج القائم على احترام حقوق الإنسان، وقد اعتمدت هذه الورشة على منهجية التعلم التفاعلي في اكتساب المهارات، اعتمادا على المزاوجة بين الخبرة والاكتساب، حيث وقف المشاركون على المعايير الدولية، وما استجد في مجال حقوق الإنسان، مقارنة مع الواقع المعيش في السجون، في نفس الوقت الذي تم رصد واستعراض الإشكاليات والصعوبات التي تعيق المجتمع المدني ، في الدخول كشريك فاعل، في تطبيق تلك المعايير ، والعمل على أن تصبح محترمة من طرف كل المعنيين بأوضاع السجون ، من قضاء وتعليم وصحة .. باعتبار السجن قضية مجتمعية تتطلب تضافر جهود كل مكونات المجتمع من أجل توفير الدعم القانوني والنفسي والاجتماعي والتعليمي والصحي للسجناء والسجينات والأحداث. وانتهت الورشتان بإصدار العديد من التوصيات، تعهد المرصد المغربي للسجون بإصدارها ضمن تقريره السنوي، همت بالأساس تعزيز المشاركة المجتمعية في النهوض بأوضاع السجناء، وتعزيز حماية الفئات الأكثر هشاشة كالنساء والأحداث، وكذا ضرورة خلق شراكات مع القطاعات الحكومية المعنية بقضية السجن، وعلى رأسها المندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج.