تم، بعد صلاة عصر يوم الأربعاء بالرباط، تشييع جثمان الفقيدة زليخة نصري، مستشارة جلالة الملك ، وذلك في موكب جنائزي مهيب تقدمه ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد. وبعد صلاتي العصر والجنازة بمسجد الشهداء بالرباط، نقل جثمان الفقيدة إلى مثواها الأخير بمقبرة الشهداء حيث ووريت الثرى. وجرت هذه المراسم، على الخصوص، بحضور أفراد أسرة الفقيدة، ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، ورئيس مجلس النواب، ومستشاري صاحب الجلالة، وأعضاء الحكومة، ورؤساء الأحزاب السياسية، وكبار ضباط القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية. وبهذه المناسبة الأليمة تليت آيات بينات من الذكر الحكيم، كما رفعت أكف الضراعة إلى العلي القدير بأن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته التي لا تقاس، وأن يشملها بعظيم مغفرته ورضوانه، وأن يجعل مثواها فسيح جنانه وأن يثيبها الجزاء الأوفى عما أسدته لوطنها من خدمات جليلة. وكان جلالة الملك قد بعث ببرقية تعزية ومواساة إلى أفراد أسرة الفقيدة أكد فيها جلالته أن وفاة الراحلة المبرورة "لا تعد خسارة لأسرتكم الموقرة فحسب، وإنما لوطنها أيضا الذي فقد فيها شخصية فذة من كبار خدام الدولة الأوفياء، نذرت حياتها، رحمها الله، لخدمة بلدها". وأضافت البرقية أن الراحلة بذلت في سبيل وطنها "الجهد الوفير والعطاء الغزير في تفان وإخلاص دونما ملل أو كلل، وفي نكران ذات عز نظيره، ووفاء مكين للعرش العلوي المجيد». واستحضر جلالة الملك، في هذه البرقية، بكل إجلال وتقدير، الخصال الإنسانية الرفيعة والروح الوطنية الصادقة التي تحلت بها الفقيدة الكبيرة، وما ظلت تجسده من حنكة كبيرة، وكفاءة عالية، أهلتها للاضطلاع بنجاح كبير بمختلف المهام السامية التي تقلدتها عن جدارة واستحقاق، على مدى عقود من الزمن، في مختلف المناصب، ولاسيما كمستشارة لجلالة الملك محمد السادس ولجلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه. وكانت الفقيدة زليخة نصري أسلمت الروح إلى باريها، صباح يوم الأربعاء بالرباط، عن سن 70 عاما، وذلك على إثر إصابتها بجلطة دماغية. و تعتبر زليخة نصري ، أول امرأة تتولى منصب مستشارة لجلالة الملك. وقد تابعت الراحلة، التي ولدت بمدينة وجدة حيث عاشت إلى غاية حصولها على الباكالوريا، دراستها بتحضير شهادة الإجازة في الحقوق (العلوم القانونية) بكلية الحقوق بالرباط، ثم حصلت على دبلوم من المدرسة الوطنية للإدارة (شعبة المالية والاقتصاد.) وبعد حصولها على شهادة المدرسة الوطنية للإدارة، عُينت بقسم التأمينات، بوزارة المالية،لكن ضرورة الملاءمة بين التكوين والوظيفة دفعتها إلى تحضير دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التأمينات بمعهد التأمينات بليون (جامعة جان مولان بفرنسا)، حيث حصلت على دكتوراه دولة في القانون الخاص. وكان موضوع أطروحتها "قانون التأمينات بالمغرب"، وقد صدرت ضمن منشورات لابورت سنة 1982. وأمضت الراحلة حياتها المهنية بمديرية التأمينات التي أدارتها منذ 1994، وفضلا عن هذا النشاط، كانت تمارس التدريس في معاهد عليا مختلفة، وخاصة بكلية الحقوق بالدارالبيضاء. وفي غشت 1997،عينها المغفور له الحسن الثاني كاتبة للدولة لدى وزير الشؤون الاجتماعية مكلفة بالتعاون الوطني إلى غاية مارس 1998، حيث كانت واحدة من أربع نساء في الحكومة. كما عُينت في أبريل 1998 مكلفة بمهمة في الديوان الملكي. وفي 29 مارس 2000، عُينت الراحلة من طرف جلالة الملك محمد السادس مستشارة لجلالته، وأصبحت بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب. وكانت الراحلة زليخة نصري عضوا بمؤسسة محمد الخامس للتضامن، التي تأسست سنة 1999، والتي أشرفت عليها. وفي 2002، تم تعيينها على رأس مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.