في دردشة عبر الهاتف مع أحد الحكام المغاربة الذي اتصل للتعبير عن استيائه وزملائه أصحاب البذلة السوداء على الصحافة الرياضية الوطنية مدّعيا أنها تستهدفهم كل أسبوع، ساردا كل ما تم نشره منذ انطلاق البطولة حول الحكام، وأضاف بأنه ما كان ليتصل لولا إحساسه، والبقية، أن الدورة الأخيرة سجلت حملة اعتبرها شرسة وتسيء للحكام، دون أن ينسى تذكيرنا بالأوضاع والضغوطات التي يتعرضون لها كل دورة وما تخلفه من تأثير على مردودهم العام، وأضاف أنه عوض أن تتفهم الصحافة الوطنية ظروفهم الصعبة ومتطلباتهم تقوم بزيادة الضغط عليهم، مبديا استغرابه لصمت القلم حين يؤدي الحكم مباراة بدون خطأ أو احتجاج، وهو ما اعتبره سوء نية مسبقة. حاولنا أن نشرح للمتصل أن الصحافة الرياضية حين تنتقد فإن ذلك يدخل في مجال عملها للتنبيه ولا علاقة له بالاتهامات التي سردها، وأن هفوات الحكام خلال الدورات الأخيرة لا يمكن أن يحجبها غضبه وزملاؤه، وأن عدم التنويه بهذا الحكم أو ذاك إنما مردّه أن الحكم يقوم بعمله، وإلا كان على الصحافة أن تخصص جرائد من آلاف الصفحات للتنويه بكل من قام بواجبه على الوجه الأكمل في هذا الوطن العزيز، إلا أن صاحبنا لم يتحلى بالروح الرياضية وأقفل الخط. المثير في كلام صاحبنا حديثه عن الظروف والإكراهات التي يتعرض لها الحكم كل دورة والأوضاع التي اعتبرها صعبة، وهنا وجب أن نذكره بأن ما يتقاضاه حكام القسم الأول كل شهر يوازي راتب موظف خارج السلم، فالتعويض الذي يتوصل به الحكم هو 3000 درهم عن كل مباراة، إلى جانب 1200 درهم للإقامة بالفندق إذا تجاوزت المسافة 300 كلم، و2000 درهم لمساعديه. وحتى نكون منصفين وواضحين أكثر، نذكره أن الجامعة وفّرت كل الظروف لكي يدير الحكام مبارياتهم بشكل مريح وطبيعي، فإلى جانب التعويضات المقبولة بشكل كبير، تقوم الجامعة بإعداد الملفات الطبية وبتوزيع الأمتعة الرياضية وضمان التكوين المستمر للحكام. لا نفهم كيف أن البعض يريد أن يقفز على الحقائق ويلبس جبّة الضحية، لكنه في الحقيقة هو ضحية هفواته وأوهامه، وليسمح لنا أن نخبره، إن كان لا يعلم، بما يتقاضاه حكام الأقسام الأخرى. فهل يعلم صاحبنا أن حكام العصب يتقاضون ما بين 30 و 40 درهما، وأن تعويضات تنقلاتهم لا تتجاوز 50 درهما، وأن تعويضاتهم عن كل مباراة لا تصل إلى 1000 درهم، وليس لهم الحق في تعويضات المبيت، أما إذا وضعناه في صورة أوضاعهم فقد نصدمه وزملاءه الذين يديرون مبارياتهم في ملاعب مؤمنة بمئات رجال الأمن، فهذه الفئة تمارس مهمتها ويدها على قلبها خاصة وأن الأمن لا يتجاوز عنصرين من الشرطة، وقد يضطر بعضهم إلى تغيير ملابسه في سيارته أمام ما يشبه مستودع الملابس، وإذا قرر الاستحمام وخاصة في فصل الشتاء، فما عليه إلا البحث عن حمام عمومي أو يؤجل ذلك إلى حين عودته إلى منزله أو مدينته. فعن أية ظروف يتحدث صاحبنا؟