مع استمرار تفاصيل فقرات الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، لا يمكن الحديث عنها دون استحضار روح أحد الوجوه المغرب الفني المتميزة التي حظيت بتكريم متميز في مسار المهرجان، وغادرتنا إلى دار البقاء، وهو الممثل المغربي الراحل محمد بسطاوي، الذي تم تكريمه خلال الدورة الحادية عشرة التي أقيمت سنة 2011 . واستحضار لحظات تكريمه بمسار المهرجان، يفرضها ما تميز به الراحل بسطاوي، قيد حياته، بالعطاء الفني المتميز الذي قدمه للوطن في مجالات المسرح والسينما والتلفزيون، و الساحة الفنية المغربية عموما التي فقدت، بالفعل، قيمة مثالية للمسرح المغربي وفنانا مناضلا رسم تجربته الفنية بنظرة حقيقية على الشاشة . وبالرجوع الى تاريخ الدورة 11 من تاريخ المهرجان سنة 2011، نسترجع فقرات التكريم التي قالت فيه سيدة المسرح المغربي الفنانة ثريا جبران، أنه "لا يمكن أن يحتفي أحد بمحمد بسطاوي دون أن أكون حاضرة. لأن بسطاوي جزء مني ومن ذاكرتي. هو أخي وصديقي، وأكاد أسمح لنفسي لأقول : بسطاوي هو ابني.. " ، مضيفة أنه " حتى الآن لا أعرف متى التقيت ببسطاوي. هل كان ذلك في "حكايات بلا حدود"، أو "بوغابة"، أو"أيام العز"، أو غيرها من الأعمال الجميلة التي عانقنا فيها سحر المسرح"، معبرة بكثير من المحبة عن كفاءة الممثل الذي دشن معها أعمالا مسرحية كثيرة وكان نعم الإنسان والفنان، وطلبت منه أن يبقى كما هو معطاء صادقا وألا يتغير. لتأتي لحظة ظهور الراحل بسطاوي في أمسية التكريم التي حظي بها خلال الدورة 11 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فوق المنصة، وجمهور السينمائيين الذين تابعوا تلك اللحظات التاريخية، قد استقبلوا الراحل على إيقاع موسيقى "كناوة" والزغاريد.. هكذا، وقبل أن يتسلم درع التكريم من يد الفنانة ثريا جبران تلا الراحل بسطاوي، كلمة مؤثرة، نوه فيها، بالتفاتة مسؤولي مؤسسة المهرجان، " الذي يعد من ضمن أشهر المهرجانات السينمائية في العالم العربي"، معبرا عن سعادته بالتكريم الذي حظي به من طرف مؤسسة المهرجان، باعتبارها " مناسبة تحفزه على العطاء أكثر في مجال الأداء التمثيلي" ، مضيفا أن " مثل هذا المهرجان يعد متنفسا للفنان المغربي للتعرف على فنانين آخرين ومنتجين ومخرجين سينمائيين قدموا من مختلف بلدان العالم ". وقال الراحل بسطاوي إن التكريم في مهرجان من هذا العيار " حلم كل فنان، خصوصا أنه أصبح قبلة كبار الفنانين العالميين، الذين يفدون على مراكش من مختلف أنحاء العالم " .واعتبر الراحل بسطاوي التكريم، الذي حظي به، بحضور نجوم السينما العرب والأجانب، تكريما لكل الممثلين المغاربة الذين ينتظرون لحظة اعتراف بما قدموه للسينما والتلفزيون، لأن " تكريم الفنان في تظاهرة فنية من حجم مهرجان مراكش للسينما لا يمكن إلا أن يزيده حماسا ورغبة في المزيد من العطاء، والأداء الصادق " . ولم يفت الراحل في تلك اللحظة التاريخية أن يتقدم بإهداء تكريمه الى زوجته الممثلة سعاد النجار وأبنائه متمنيا أن يكون بمستوى الحدث. وفي مرور ثاني يؤرخ لحظات علاقة الراحل بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، هو لحظة تسليم درع التكريم لصديق الدرب الفنان محمد خيي الذي تم تكريمه خلال الدورة 13 من المهرجان سنة 2013، حيث اعتبر أن " تكريم الممثل محمد خيي، هو تكريم لكل الفنانين والسينمائيين والمتميزين المغاربة..." ، موضحا أنه "سابقا كان تكريم الفنان يتم وكأنه موضة، أو كأنهم يشيعون الفنان إلى مثواه الأخير، أما الآن فقد أصبح الفنان يكرم في عز عطائه، وهذا ما يجب أن يكون، حتى يحس بالإنصاف والاهتمام لكي يعطي المزيد ..." . وأضاف الراحل محمد بسطاوي أن تكريم محمد خيي لم يأت من فراغ، "فهو يستحق التكريم عن جدارة واستحقاق، وهو يقدم شخصيات، فهو لا يمثل بل يشخص وأنا أحبه لأنه يتماهي مع الشخصيات ..." . ووصف الراحل بسطاوي تكريم محمد خيي بأنه ثاني تكريم بالنسبة له، قائلا "هو الذي حثني على الاشتغال بالسينما والتلفزيون، علاقتي به لم يكن فيها أدنى سوء تفاهم طيلة 30 سنة ..".