خصصت إذاعة طنجة حلقة الجمعة تاسع دجنبر الجاري من برنامج " أنيس الليل / أنيس المبدعين " للحديث عن مهرجان مراكش الدولي للفيلم بمناسبة انعقاد دورته 11 من 2 الى 10 دجنبر 2011 . ولتأثيث زمن البرنامج الدي قارب الساعتين ، من منتصف الليل الى الثانية صباحا ، استضاف معده ومنشطه الزميل حميد النقراشي عبر الهاتف سبعة ضيوف هم على التوالي : الممثل محمد بسطاوي وزوجته الممثلة سعاد النجار والممثل محمد خيي والمخرج محمد اسماعيل والناقد والصحافي السينمائي مصطفى الطالب والتقني ياسين الشرعي والناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي . تمحورت أسئلة المنشط وتدخلات ضيوفه حول قضايا تهم المهرجان من جوانب عدة مع التركيز على مدى استفادة السينما المغربية ، انتاجا وترويجا وابداعا ... ، من تنظيم هده التظاهرة السينمائية الكبرى . ويمكن اجمال أهم ما راج في هده الحلقة الاداعية من أفكار ومعطيات على الشكل التالي : تكريم مستحق للممثل المبدع محمد بسطاوي أجمع حميد النقراشي وضيوفه على أن تكريم الفنان الشعبي المحبوب محمد بسطاوي الى جانب باقي المكرمين من نجوم السينما العالمية في دورة 2011 شكل لحظة قوية من لحظات المهرجان زادتها ألقا كلمة الفنانة المقتدرة ووزيرة الثقافة سابقا ثريا جبران ، في حقه ، وهي الممثلة التي تقاسم معها بسطاوي متع ومعاناة الابداع المسرحي لعدة سنوات في اطار فرقة مسرح اليوم ، وفي تدخله تحدث بسطاوي عن شعور غريب انتابه عندما علم بخبر هدا التكريم وبدأ يتساءل مع نفسه : هل أنا في مستوى هدا التكريم ؟ ولم يسترجع ثقته بنفسه الا عندما قال له رئيس مؤسسة المهرجان الأمير مولاي رشيد " أنت أهل لهدا التكريم وتستحقه عن جدارة " . صحيح أن الفنان المتميز محمد بسطاوي سبق تكريمه في مهرجان السينما الافريقية بخريبكة وفي الملتقى الدولي للفيلم عبر الصحراء بزاكورة وفي مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط ، الا أن تكريم مراكش ومهرجانها له طعم خاص ، حسب تعبيره لاداعة طنجة ، وله مكانة خاصة ستبقى عالقة في القلب . فهدا التكريم اعتبره بسطاوي أيضا مسؤولية كبرى وتتويجا لسنوات من الابداع التشخيصي المتواصل عبر المسرح والسينما والتلفزيون وعربون محبة واعتراف . انه بمثابة تكريم لكل الفنانين والسينمائيين المغاربة . وفي تدخلها المختصر والتلقائي أكدت الممثلة سعاد النجار أن تكريم زوجها كان في محله لأنه فنان حقيقي وانسان أصيل ، جل وقته يخصصه لفنه ورغم غيابه المتكرر عن البيت بسبب مسؤولياته الفنية فهو أب صالح وحنون وانسان متواضع وطيب جدا وطلبت من الله أن يحفظه لأنه أصبح ملكا لجمهوره وللمغاربة قاطبة . وفي شهادته بمناسبة تكريم صديقه الحميم أشار الممثل القدير محمد خويي الى أن محمد بسطاوي بدل مجهودا كبيرا ليصل الى ما وصل اليه من تمكن وتألق وتشبت بالخصوصية المغربية ، لقد أعطى الشيء الكثير للدراما المغربية ودفع بها الى الأمام ، الشيء الدي جعله محبوبا لدى جماهير واسعة . بسطاوي يؤمن بالعمل الجماعي ويسعى دوما الى ان يكون كل أعضاء الفريق الفني والتقني في المستوي المطلوب ، وهدا أمر نابع من غيرته على فنه ووطنه ، كما صرح بدلك رفيق دربه الفني محمد خيي . أما المخرج محمد اسماعيل ، الدي اشتغل معه بسطاوي في مجموعة من الأفلام السينمائية والتلفزيونية ، فيعتبره ممثلا متميزا في تشخيصه لأنه كان قريبا منه في هده الأعمال ومترجما وفيا لأفكاره ومشاعره فيها . انه فنان حامل لهموم الطبقات الشعبية . انه باختصار ابن الشعب . المهرجان وانعكاساته على السينما المغربية يرى المخرج محمد اسماعيل أن المهنيين المغاربة من منتجين ومخرجين وموزعين وفنانين وتقنيين وغيرهم لم يستفيدوا لحد الآن من مهرجان مراكش بشكل ملموس ودلك لأن هدا المهرجان ، رغم مردوديته السياحية والسياسية والاقتصادية وغيرها بطرق غير مباشرة ، لم ينجح في جلب استثمارات أجنبية من شأنها الدفع بعجلة السينما المغربية الى الأمام ، فباسثناء صندوق دعم الانتاج السينمائي الوطني وما تساهم به القنوات التلفزيونية العمومية في عملية انتاج الأفلام لا توجد صناديق أخرى ولا يوجد منتجون حقيقيون ، كما أن الأبناك لم يغرها لحد الآن التدخل في القطاع السينمائي والسمعي البصري والاستثمار فيه . زد على دلك انحسار السوق الداخلية وغياب التسويق الخارجي باستثناء المشاركة في تظاهرات سينمائية هنا وهناك ، فمثلا ، طبع نسخة من فيلم طويل يكلف ثلاثة ملايين سنتيم ، لا يمكن استرجاعها من عرضه في السوق المحلية نظرا لتقلص عدد القاعات السينمائية وروادها بشكل مهول سنة بعد أخرى . وادا استمر الوضع على ما هو عليه دون أن يحرك أحد ساكنا فستندثر السينما من المغرب في يوم من الأيام . ان مهرجان مراكش الدولي للفيلم لم يساهم لحد الآن في الارتقاء بالسينما المغربية كما وكيفا من خلال بلورة مشاريع مشتركة مع ضيوفه ، ودلك لأن هناك تباعد بين المغاربة والضيوف الأجانب وغياب للقاءات المتبادلة بينهم . دورة 2011 بين الايجابي والسلبي لا ينكر الا جاحد المكانة التي أصبح يحتلها مهرجان مراكش السينمائي بين المهرجانات السينمائية الدولية ودلك لأنه بلغ مرحلة النضج ، حسب التقني ياسين الشرعي من ادارة المهرجان ، الشيء الدي جعل الاقبال عليه يكثر سنة بعد أخرى. فتنظيمه يستغرق عدة شهور من الاعداد السينوغرافي والتقني لانجاز الديكورات وتهييء الشروط الملائمة لتنفيد فقرات البرنامج من الافتتاح الى حفل الاختتام وما بعده .انه فرصة سنوية تتاح للمغاربة من أجل تأسيس علاقات مثمرة مع الآخرين ، حسب المخرج محمد اسماعيل ، فمن النقط الحسنة للدورة 11 ، في نظر هدا المخرج التطواني ، انفتاحها على السينما المغربية ، فيلم في الافتتاح وآخر في الاختتام وأفلام نبضة قلب وغيرها ، الشيء الدي خلف ارتسامات ايجابية عن الأفلام المغربية لدى الأجانب . زد على دلك تأطير الشباب عبر ورشات ودروس سينمائية / ماستر كلاص ومسابقة أفلام المدارس السينمائية والسمعية البصرية القصيرة .أما الممثل محمد خيي فيرى أن تنظيم مهرجان مراكش أصبح محكما وأن الفنان المغربي أصبح يرحب به أكثر من الدورات السابقة ، وهدا يمكن من فتح قنوات للتواصل بين المغرب وبلدان أخرى عبر فنانيها ، فلا يمكن أن نتقدم ادا لم ننفتح على الآخرين للاستفادة منهم عبر الاحتكاك بهم وتبادل التجارب معهم . فمهرجان مراكش أصبح يضاهي مهرجانات أخرى بحضور أسماء فنية كبيرة ، ويحق لنا كمغاربة ، يقول خيي ، أن نفتخر به . ان الحضور النوعي للمغرب والمغاربة هو ما ميز دورة سنة 2011 ، حسب المكرم محمد بسطاوي ، الدي واكب المهرجان مند انطلاقته سنة 2001 ، فالدورات الثلاث الأولى كان فيها الحضور المغربي باهتا وكان الفنان المغربي يحس بالغربة في بلاده ، الا أن الوضع بدأ يتحسن ابتداء من دورة 2004 الى أن وصلنا الى الدورة الحالية ، التي أكد رئيس مؤسسة المهرجان الأمير مولاي رشيد في افتتاحية بقلمه أن التركيز سيكون فيها على السينما المغربية ومبدعيها .من جانبه أشار الناقد السينمائي الصديق مصطفى الطالب الى أن نقط قوة الدورة 11 تمثلت فيما يلي : استقطاب أفلام أجنبية متميزة داخل المسابقة الرسمية وخارجها ، التفاتة محترمة في حق السينما المغربية ، تكريم الفنان بسطاوي وكلمة الفنانة ثريا جبران الرائعة ، لكن هده الدورة الجديدة وسابقاتها لم تخل من نقط ضعف يمكن اجمالها في ملاحظات الناقدين مصطفى الطالب وأحمد سيجلماسي التالية : يرى مصطفى الطالب أن الأفلام المغربية حققت تطورا كميا وتقنيا ، في السنوات الأخيرة ، لكن تيماتها تكون أحيانا صادمة . ففيلم الإفتتاح " عاشقة من الريف " لمخرجته نرجس النجار خلف أصداء غير إيجابية نظرا لغياب الحبكة المحكمة فيه ونظرا لتشخيص ممثليه غير المقنع ونظرا لإقحامه قسريا لبعض المشاهد غير المبررة دراميا ، ومن هنا دعى الناقد مصطفى الطالب إلى ضرورة إعطاء صورة مشرفة عن المغرب عبر اختيار أفلام قوية إبداعيا ، عكس ما كان عليه الأمر في دورة 2011 و دورات سابقة عدة للمهرجان . وتساءل : لماذا لم يحصل لحد الآن أي فيلم مغربي على الجائزة الكبرى للمهرجان أو على الأقل على جائزة لجنة التحكيم أو الإخراج ؛ رغم الدعم المهم الذي تحظى به الأفلام المغربية ؟ وأضاف أن الجرأة قد تكون إيجابية لكن في نطاق المعقول ، وأشار إلى أن دخول أطراف أروبية في عملية الإنتاج المشترك مع بعض الأفلام المغربية لا تكون بدون شروط أو تنازلات إلا نادرا . المغرب لا تنعدم فيه الأفلام القوية إبداعيا ( أفلام محمد العسلي وحكيم بلعباس نموذجا ) لكن السؤال المطروح هو : لماذا لا يتم اختيارها ؟ من جهة أخرى لاحظ الطالب أن الدورة 11 لمهرجان مراكش السينمائي شهدت تراجعا نسبيا على المستوى التنظيمي وطالب في نهاية تدخله بضرورة إشراك نقاد السينما المغاربة في هذا العرس السينمائي ، الذي أصبح موعدا سنويا هاما ، وعدم تهميشهم . كما طالب بمغربة الطاقم المنظم للمهرجان وتجاوز التحكم الفرنسي الطاغي على أهم فقراته . من جانبه أكد الناقد والصحافي السينمائي أحمد سيجلماسي على ضرورة المراهنة لاحقا على الكيف في اختيار الأفلام المغربية المبرمجة سواء داخل المسابقة الرسمية أو خارجها ، مع توسيع دائرة المشرفين على انتقاء أفلام المهرجان حتى لا يظل ذلك الإنتقاء حكرا على المدير الفني ، الفرنسي ، للمهرجان ومن معه . كما دعى إلى ضرورة الإهتمام بتوثيق أنشطة المهرجان كتابة وبالكاميرا مع التفكير في إعداد وطبع كتب تعرف بالشخصيات والسينمات المكرمة في كل دورة من دورات المهرجان ، إغناء للمكتبة السينمائية المغربية وتوسيعا لدائرة الثقافة السينمائية ، والعمل على إصدار مجلة محترمة ، عدد سنوي على الأقل ، تكون بمثابة الحصيلة لأنشطة المهرجان ويشارك في تحريرها باحثون جامعيون ونقاد وصحافيون وغيرهم لتصبح مستقبلا بمثابة مرجع سينمائي للأجيال القادمة . ولم يفته أن يدعو إدارة المهرجان الحالية إلى إشراك النقاد المغاربة والأجانب في لجن التحكيم وفي تنشيط مختلف فقرات المهرجان بما في ذلك انتقاء الأفلام المشاركة مع إعطاء أهمية لجلسات مناقشة أفلام المسابقة الرسمية وفسح المجال أكثر أمام النقاد والصحافيين المتخصصين المغاربة لإجراء حوارات مع ضيوف المهرجان وتنظيم جلسات خاصة معهم يستفيد منها أيضا الفنانون والباحثون وعشاق السينما عموما ... أحمد سيجلماسي فاس/المغرب خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة