نظمت النقابة الوطنية للصحافة المغربية فرع فاس بولمان الإثنين 16 نونبر الجاري بحضور عدد من الصحفيين ممثلين لمنابر إعلامية ورقية إلكترونية وقنوات تلفزية تزامنا مع اليوم الوطني للإعلام، ندوة تحت عنوان " أخلاقيات مهنة الصحافة " وصف خلالها الباحث الأستاذ" امحمد برادة غزيول " رجال الصحافة والإعلام بأنهم أصحاب السلطة الرابعة، والمهنة الشاقة، والساهرون على الرسالة التنويرية ومانحو الأكسجين للديمقراطية، والعاملون على بقائها، ومانحو الأصوات لمن لا صوت له ، والمواسين للمصابين، والمعذبين للمرتاحين. مضيفا أن فتح هذا الملف للنقاش والحوار اليوم أصبح يفرض نفسه بكل إلحاح، بعدما ساهمت الطرق السيارة للمعلوميات في تقريب المسافات، وجعلت المعلومة رهن إشارة الجميع، ولأن هذه الأخيرة يضيف النائب الأول لرئيس محكمة الاستئناف تعد سلعة نادرة، فقدى أصبح الحكم على جودة الصحافة رهين بنزاهتها ومصداقيتها وحيادها واحترامها للمبادئ الأخلاقية حتى تكون واجهة للحضارة ومقياسا لها" امحمد برادة غزيول وبعد أن أكد أنه ليس صحفيا بهذا المفهوم، إلا أن مشاركته في العديد من الصحف الوطنية والأجنبية واختلاطه المستمر بمجموعة من الصحفيين جعلته صحفيا عن طريق الممارسة والاختلاط وحسن الاطلاع، مضيفا بأن اختيار هذا الموضوع يأتي بعد صدور الترسانة القانونية التي تنظم العمل الصحفي وتحدد الضوابط المهنية لهذه المهنة وما للصحفي من حقوق وواجبات وما جاءت بهذه القوانين ومشاريع القوانين من فائدة للصحفي والمقاولة الصحفية. وقد قسم المحاضر مداخلته القيمة إلى المحاور التالية:أولا: المقصود بالصحافة, أهميتها والدور الذي تلعبه في توعية المجتمع.ثاني : خصوصية الصحافة.ثالثا : المقصود بالسلوك المهني للصحافة. رابعا : المقصود بالمبادئ الأخلاقية للصحافة.خامسا : أهداف المبادئ والمواثيق الأخلاقية لمهنة الصحافة. حيث وصف الصحافة بمهنة المتاعب، ولا غرابة في ذلك، فالصحفي هو العين التي ترى من خلاله الصحافة الأحداث، والأذن التي تسمع بها ما يجري في المجتمع، والعقل الذي يخاطب الناس. كما تلعب من جهة أخرى أيضا، دورا هاما في المجتمعات الحرة حيث يستخدم من خلالها الصحفيون مهاراتهم، ويتقيدون بمعايير مشتركة أثناء تغطيتهم الحوادث، والأخبار والمواضيع التي يتناولونها بأسلوب تفصيلي. كما أنها أداة لتنوير عقل الإنسان، ولتقدمه ككائن عاقل أخلاقي و اجتماعي." وقدم المحاضر الكثير من الشهادات لأكاديميين ورجالات صحافة وإعلام بأسماء عرب وأجانب حول الدلالة العميقة لمهنة الصحافة، مشددا على كونها مهنة لا تستمليها الصداقات، ولا يرهبها الأعداء، وهي بذلك لا تسدي معروفا، ولا تقبل امتنانا، إنها مهنة تتغاضى عن العاطفة، والتحيز، والتعصب إلى أبعد الحدود، فهي مكرسة للصالح العام ولفضح التلاعبات والانحرافات والقصور في الشؤون العامة، وتتعامل بروح العدل والإنصاف، مع أصحاب الآراء المعارضة . وفي حديث آخر توقف امحمد غزيول برادة واصفا الصحفيين بأنهم قلب الشارع، ونبضه، وشعوره، وبأن الصحافة - أكسجين الديمقراطية - فلا يمكن لأي واحد منهما أن يعيش بدون الأخر، مستشهدا في هذا الصدد بما عبر عنه أحد الكتاب الفرنسيين منذ أزيد من 200 سنة عندما قال " لا يمكن وجود حقيقية بدون ديمقراطية ، ولا يمكن وجود ديمقراطية بدون صحف." تعني أن الصحافة عنصر فعال في توعية المواطن، وإثارة انتباه الإدارة إلى بعض مشاكل المجتمع، وتؤثر الصحافة في الرأي العام وتوجيهه، عن طريق نشر المعلومات والأفكار الجيدة، والاهتمام بالجماعات البشرية، وتناقل أخبارها، ووصف نشاطها، مع تسليتها، وشغل أوقات فراغها، ومن ثم فالصحافة هي مرآة تعكس صورة الجماعة وأداءها وخواطرها والمشاكل التي ترتبط بالمواطن. وفي تناوله "الإعلام من المنظور الاجتماعي " أوضح المحاضر أن الصحافة تنطوي على خصوصية، كونها تخاطب العقول بمختلف المستويات حيث يصير للكلمة المطبوعة تأثيرها وسحرها الخاص على الحياة على السلطة والناس. ولخص المحاضر الأهداف المجتمعية لمهنة الصحافة في كونها وتستمد شرعيتها من أحاسيس الناس بضرورة القيام بنشاط معين من شأنه أن يشبع لهم احتياجاتهم. تستند إلى أسلوب علمي يواكب التطور.وأساس أخلاقي قيمي للممارسة فيها. اعتراف المجتمع بالمهنة الصحفية، ووجود شراكة بينها وبين المجتمع والأفراد بشأن تحمل المسؤولية المحاضر خلص إلى أن الصحفي اليوم أصبح ملزما بأن يتسلح بالعلم والمعرفة، لكي يتعاطى مع الأحداث، التي يوثقها بكل صدق، وموضوعية، ومهنية ودقة. وفي هذا الإطار فقد عمل مشروع مدونة الصحافة الجديدة على الرفع من مستوى المؤسسة الصحفية، حيث إن قانون الصحافة المهني أصبح يشترط الحصول على شهادة الإجازة، أو شهادة متخصصة في مجال الصحافة، من أجل حمل صفة صحفي والحصول على بطاقة الصحافة لأول مرة وعن أخلاقية مهنة الصحافة أشار السيد المحاضر إلى أنه إذا كان لكل مهنة أخلاقياتها التي لابد من الالتزام بها، فان الصحافة تقوم على أسس من الأخلاق، يتعين على الممارسين لها أن يتحلوا بها." وعن المقصود بقواعد السلوك المهني، وبالمبادئ الأخلاقية لمهنة الصحافة، و أهداف المواثيق الأخلاقية لمهنة الصحافة و أهمية أخلاقيات مهنة الصحافة أوضح المحاضر أن معظم قواعد السلوك المهني تشير إلى مفاهيم هامة توضح للصحفي ما له وما عليه، وكثيرا ما يتم وضع هذه القواعد، واعتمادها من طرف المهنيين من تلقاء أنفسهم، وقد يفرضها القانون، سواء على المستوى الوطني أو العالمي. مشيرا في هذا الصدد أن الإعلامي الناجح والموضوعي، لا يحتاج دائما للقوانين ورقابة الحكومة لتنظيم مهنته، فهناك أيضا الدوافع والرقابة الذاتية، وأخلاقيات المهنة كضوابط للعمل الإعلامي، فأهمية أخلاقيات المهنة،حسب رأي المحاضر ترجع لكونها تعد بمثابة وجيهات داخلية، لقرارات المهني في مختلف المواقف والموضوعات، التي يواجهها أثناء عمله المهني. " وشكلت فترة المناقشة مناسبة حقيقية للإثراء والتفاعل الإيجابي مع العرضين حيث أغنى المتدخلون اللقاء بأفكار ومقترحات هامة، وركزوا على التمسك بميثاق الشرف الذي تدعو النقابة إليه، والمستمد من المبادئ الكونية لحرية التعبير وحقوق الإنسان، والالتزام بالبحث عن القضايا والحقائق وإعلام الرأي العام بها، وعدم القذف والتشهير، واحترام مصادر الخبر، وعدم الخلط بين العمل الصحافي و الاشهاري، كما طالب الزملاء برفض أي تدخل غير مهني مهما كانت الإغراءات .