أكد عدد من الإعلاميين، أول أمس الأربعاء بالرباط، على تلازم الحرية بالمسؤولية الأخلاقية في العمل الصحافي الذي تنتفي فيه إشكالية الأخلاقيات عند تطبيق القواعد والضوابط المهنية. وأبرز هؤلاء الإعلاميون في مائدة مستديرة حول موضوع «الإعلام بين الحرية والمسؤولية الأخلاقية» نظمها «معهد التنوع الإعلامي بلندن» وشركاؤه، أن من شأن تطبيق القواعد المهنية في العمل الصحافي في مختلف وسائل الإعلام أن يشكل عاملا في الالتزام بأخلاقيات المهنة. وفي هذا الصدد، قال الأستاذ علي كريمي رئيس «المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام»، إن الحرية في المجال الإعلامي مرتبطة ومقيدة بالقانون، مشيرا إلى أنه يمكن أن تقيد حرية الرأي والتعبير في عدم المساس بخصوصيات الأفراد وبالأسس الدينية والسياسية للدولة. وبالمقابل دعا الأستاذ كريمي إلى ضرورة تحديد المقصود بالنظام العام الذي ينبغي أن يحترم، وكذا الأخلاقيات المهنية، معتبرا أن ربط المسؤولية بالمحاسبة تعني محاسبة الصحافي وفقا للقانون وليس شيئا آخر. من جهته، أبرز الصحافي والمستشار لدى «هيئة حماية الصحافيين» بنيويورك جون بول مارتوز، أن النظرة إلى معادلة الحرية والمسؤولية في العمل الإعلامي تختلف من دولة إلى أخرى، معتبرا أن حرية الصحافة من المبادئ الأساسية التي أكدت عليها المنظمات الدولية المعنية بالموضوع. وأكد أن مسؤولية الصحافة أمام المجتمع تتأسس على حرية العمل، و»من واجبها قول الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة»، وأن تعكس أيضا مختلف التوجهات الموجودة في المجتمع. من جانبه، أكد عبد الوهاب الرامي أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، أنه إذا تم تطبيق القواعد المهنية فإنه يتم «الحسم مع مسألة الأخلاقيات»، معتبرا أن أخلاقيات المهنة تتماهى في أجزاء منها بالقانون مثل ما يتعلق بالسب والقذف والحض على الكراهية والعنصرية. وأبرز الأستاذ الرامي، أن هناك أخلاقيات عامة مرتبطة بالدين وهناك أخلاقيات مرتبطة بالمهنة، وأخرى «أخلاقيات مجالية» لها علاقة بمجال التخصص في مواضيع تهم على الخصوص الطفل والمرأة والمعاقين والسيدا. وأشار إلى أن الأخلاقيات ترتبط أيضا بتقنيات التحرير أي من خلال الأجناس الخبرية وأخبار الرأي، معتبرا من جهة أخرى، أن من بين آليات تطبيق أخلاقيات المهنة مواثيق التحرير والشرف والقانون وجمعيات حماية الجمهور. من جهتها، أشارت الصحافية مرية مكرم إلى أنه يتم في بعض الأحيان استغلال المسؤولية من أجل الحد من الحرية، مبرزة، في الآن ذاته أن الصحافي المهني يضبط قواعد المهنة والأجناس الصحافية التي يكتب من خلالها وبالتالي يلتزم بأخلاقيات المهنة. وبعدما أشارت إلى أن بعض المؤسسات الصحفية، لا تتوفر على ميثاق للأخلاقيات وتعمل بدون قواعد وضوابط، أكدت مرية مكرم أن المسؤولية تبدأ في تقديم خبر صحيح ومستقل عن أي حسابات سياسية أو اقتصادية، وفي تعدد المصادر. وكانت الورقة التقديمية لهذا اللقاء قد أكدت أن الحرية تكون دائما مقرونة بالمسؤولية الملقاة على عاتق الإعلامي، و»الصحفي المهني هو الذي يكون متمكنا من مصادر ما يبث أو يذيع أو يكتب، أو ما يروج على العموم من أخبار، وهو في الآن نفسه المتشبع بأخلاق مهنة الإعلام النبيلة، والمدرك لمختلف موانعها القانونية». واعتبرت أن ذلك ينطبق سواء على الصحافة السمعية البصرية أو الالكترونية أو بالصحافة المكتوبة، مشيرة إلى أن «الحرية التي يتمتع بها رجل الإعلام الممارس على مختلف هذه الدعامات تكون مقرونة ومرهونة بالمسؤولية». يذكر أن هذه الندوة تندرج في إطار مشروع «من أجل إعلام مغربي اندماجي ومسؤول ومستقل» الذي ينظمه «معهد التنوع الإعلامي بلندن» بشراكة مع «المركز المغربي للدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والإعلام» وبدعم من «مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب» و»مؤسسة هانس سايدل الألمانية» و»منظمة اليونسكو» وسفارة بريطانيا بالمغرب.