دقّ التقرير الأخير للوكالة الدولية للبحوث في أمراض السرطان ناقوس الخطر، معلنا للرأي العام عن معطى بالغ الأهمية أحدث قلقا واسع الصدى، ويتعلق الأمر بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عند الأشخاص الذين يستهلكون اللحوم المصنعة واللحوم الحمراء، وهو ما سيؤدي لامحالة إلى انعكاسات على مستوى استهلاكها. وكانت منظمة الصحة العالمية عن طريق وكالتها الدولية المختصة في البحوث عن السرطان، قد أعلنت عن وجود علاقة بين تناول اللحوم المصنعة ومرض السرطان، بعد أن تبث لديها أن اللحوم الاصطناعية تحمل مادة مسرطنة، مع احتمال وجودها في اللحوم الحمراء، وقد استند هذا التقرير على أبحاث أجريت من طرف مجموعة عمل دولية، قامت بتقييم التأثيرات المسرطنة المحتملة لعدة عوامل، كالتعرض المهني للعوامل الفيزيائية والبيولوجية، عوامل نمط الحياة بما في ذلك العوامل الغذائية، المواد الكيميائية المحددة، والخلائط الكيميائية المعقدة ... الحديث عن السرطانات وعلاقتها باللحوم، يعود بنا إلى عدد من الدراسات السابقة، إذ أوصت الجمعية الأميركية للسرطان أولا في سنة 2002 ، بالحدّ من استهلاك اللحوم الحمراء والمصنعة، وحافظت على هذه التوصية في آخر سنة 2012، ضمن المبادئ التوجيهية بشأن التغذية والنشاط البدني للوقاية من السرطان، هذه الاستنتاجات التي تتفق أيضا مع خلاصات للصندوق العالمي لأبحاث السرطان، والتي وجدت أدلة «مقنعة» على أن الوجبات الغذائية العالية في اللحوم الحمراء واللحوم المصنعة، ترتبط بزيادة خطر سرطان القولون والمستقيم، إذ أكدت هذه الخلاصات على وجود خطر متزايد للإصابة بسرطان القولون والمستقيم الذي يعتبر ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعا في الولاياتالمتحدة. وفي السياق ذاته وقف تقرير للوكالة الدولية، عند ارتفاع نسبة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم ب 18 في المئة عند تناول 50 غرام يوميا من اللحوم الصناعية ، و17 في المئة لكل 100 غرام يوميا من اللحم الأحمر، وبالتالي فإن التقليل من استهلاكهما هو الكفيل بالحدّ والتقليل من تداعيات تناولهما. وجدير بالذكر أن الآليات التي يعتقد أنها مسؤولة عن ارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، تشمل مركبات «النتروز»، التي تتشكل خلال تجهيز اللحوم، وكذلك طرق الطهي بالحرارة العالية مثل مقلاة الشواء التي تنتج تركيزات عالية من المواد المسرطنة . وإلى جانب ما سبق فإن الاختصاصيون يوصون من أجل التقليص من معدلات الوفيات نتيجة للسرطان في جميع أنحاء العالم بعدم التدخين، وتحسين معدلات الإقلاع عنه، وباتباع أسلوب حياة صحي، والحدّ من استهلاك الكحول، والحفاظ على وزن صحي متوازن، وكذا ممارسة النشاط البدني، ومتابعة حمية معظمها من مواد ذات الأصل النباتي. وفي نفس السياق تؤكد لجنة الخبراء على أهمية اختيار الأسماك، الدواجن، كبدائل عن اللحوم المصنعة واللحم الأحمر، كما توصي أيضا بإعداد اللحوم والدواجن والأسماك بالطهي ، بدلا من القلي ، للحد من تشكيل المواد المسببة للسرطان.