تم زوال الخميس بالدار البيضاء، تشييع جنازة المناضل والحقوقي والتربوي الأستاذ محمد الصبري أحد رموز النضال الاتحادي في العطاء السخي بمختلف المواقع والمهام والمسؤوليات السياسية والحقوقية والنقابية. وقد ووري جثمان الفقيد الثرى بمقبرة الشهداء ، في لحظات مهيبة ،وبحضور ممثلي العديد من الهيئات والأحزاب السياسية في مقدمتهم إدريس لشكر الكاتب الأول وأعضاء من المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتنظيمات الإسلامية واليسارية، ورجالات العدالة ، وشخصيات وطنية في مقدمتهم الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي،وبنسعيد أيت يدر وممثلون عن المجتمع المدني وعدة شخصيات أخرى. وتميزت مراسيم تشييع جنازة محمد الصبري بإلقاء كلمة تأبينية من طرف الأستاذ جلال الطاهر، نيابة عن رفقاء درب الفقيد في النضال، كلمة عددت فيها خصاله ومناقبه الوطنية وكفاحه من أجل الحركة الطلابية والنقابية والحقوقية، حيث أكدت على أوصاف الراحل ، معتبرة أن بفقدانه فإن أسرة المحاماة والتعليم والحقوق فقدت « شخصية من الطينة النادرة ومعدن نفيس جمعت فيه كل خصال النبل والشهامة والتضحية والإيثار ، وبكلمة واحدة جمعت فيك كل خصال الخير والفضيلة» ، مشيدة بقناعاته ومبادراته ، حيث أظهرت التجربة «بعد نظرك ونفاذ بصيرتك في الكثير من المحطات، وحتى لما التحقت بمهنة المحاماة ، كنت نموذجا للمحامين الشباب وحتى القدامى منهم .. نموذج في الالتزام برسالة مهنة المحاماة ونبلها ووفاء لقيمها وأعرافها واحتراما لشيوخها، وعطفا ودعما لشبابها ، فكنت للجميع نموذج السيرة والأخلاق .. لقد مارست مهنة المحاماة ليس كمصدر للثراء المادي ولكن كعبادة، رقيبك هو الله والضمير وجزاؤك هو الجنة .. وبهذه القناعة رفضت التكليف في قضايا تسيل اللعاب مالا ، ولكن تعكر الضمير شبهة ، ولجأت وتطوعت في قضايا مازالت قاعات المحاكم تشهد بها .. هذه المحطات الثلاث الطلابية والنقابية والحقوقية كانت مؤطرة لديك برؤية سياسية وطنية نبيلة مجبولة على التضحية والعطاء رضعتها من ثدي هذه الأمة وسلوك أبنائها البررة أمثال علال بن عبدالله ، محمد بنعبد الكريم الخطابي ، ومن حركتك الاتحادية وقاداتها المهدي بنبركة ، عمر بن جلون ، عبد الرحيم بوعبيد ... « .كما نعى الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الأستاذ إدريس لشكر والمكتب السياسي للحزب، إلى الشعب المغربي في بيان له ، واصفا الراحل « بهرم في النضال وفي العطاء الحقوقي والتربوي ، بعد عمر حافل بالعطاء من مختلف المواقع والمهام والمسؤوليات» ، معتبرا أن الفقيد «كان مرتبطا بقضايا شعبه ووطنه ونضالات حزبه وبمبادئ المنظمات والهيآت التي انخرط فيها ، صادقا في المواقف جريئا في التعبير عنها، ملتزما بالقرارات المتخذة ، متفانيا في إعمالها . وأن الراحل ، كان نصير المناضلين في المحاكمات التي طالتهم مدافعا عن هيآتهم السياسية والنقابية والجمعوية .. . وشكلت مرافعاته وهو يؤدي مهنة المحاماة مرجعا، لما تضمنته من اجتهادات قانونية وإسنادات فكرية ووجاهة في التعبير . كان مدرسة نبيلة معطاء، إذ لم يذخر أستاذنا الجليل جهدا، في تقديم كل ضروب المساعدة والدعم لزملائه الممارسين والمتدربين وللمواطنين ولكل ممتهني العدالة . وبقدر ما كان المحامي المناضل، كان الأستاذ الصبري المربي المقتدر أثناء ممارسته لمهنة التعليم ، والأجيال التي تتلمذت على يديه تشهد له بما قدمه في مجال التدريس ،ورفاقه في النقابة الوطنية للتعليم التي يعد أحد مؤسسيها ، تقدر أدواره في هذا الإطار النقابي الذي قدم تضحيات جسام من أجل كرامة الشغيلة التعليمية والدفاع عن المدرسة العمومية . وزملاؤه في مهنة المحاماة يعترفون بحرصه على صيانة المهنة من كل عبث وتطوير قوانينها وترقية هيآتها وجمعيتها، وكل التنظيمات المرتبطة بها . وفي المنظمات الحقوقية التي كان من بين مؤسسيها ومنخرطيها أثرى عطاءها وشكل قيمة مضافة لرصيدها. والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ناضل ضمنه الأستاذ الصبري، وربط وشائج متينة مع قوى اليسار وبالمناضلين الشرفاء، يفتخر بأن فقيدنا كان من دعائم قطاعه الاتحادي وأحد أعمدة كتابته الوطنية . رحم الله أستاذنا الجليل المناضل المحامي المربي النقابي المؤطر الأب الذي حرص على تقديم كل العطاء لعائلاته المهنية والنقابية والحزبية والأسرية ، وألهم ذويه الصبر والسلوان في هذا المصاب الجلل « . وقد كانت مراسيم التشييع المهيبة لجنازة محمد الصبري رحمه الله، محطة للتجميع بين مختلف التيارات والأطياف السياسية والفكرية بنفس القوة التي كان الفقيد يجسدها في مواقفه وأفكاره في حياته . وبعد انتهاء مراسيم جنازة الفقيد، توجه الكاتب الأول إدريس لشكر إلى منزل المرحوم مصطفى المسناوي لتقديم واجب العزاء إلى زوجته وأبنائه