خرجت الأسبوع ما قبل الماضي، الغرفة الوطنية لمنتجي الفيلم ببيان للرأي العام تندد فيه بطريقة احتفاء وزارة الاتصال باليوم الوطني للسينما، الذي وصفته بيوم للبهرجة و الفلكلور و ليس يوما لتدارس حصيلة السينما الوطنية و استعراض مشاكلها وتحديد آفاقها في السنوات المقبلة.. مما حاد عن الطريق الذي رسم وتأسس من أجله... في هذا السياق كان ل» الاتحاد السينمائي» حوار مع المنتج و المخرج إدريس اشويكة، رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الفيلم، لمعرفة تفاصيل مضمون هذا البيان الاحتجاجي، كما كانت المناسبة فرصه للاطلاع على مستجدات إبداعه السينمائي الجديد « فداء» الذي جاءت فيه توضيحاته كما يلي: n مؤخرا خرجت الغرفة الوطنية لموزعي الفيلم ببيان تحتج فيه على توقيت وتنظيم وطريقة دعوة الغرفة إلى حفل اليوم الوطني للسينما بوزارة الاتصال... هل من الممكن معرفة تفاصيل وخلفية هذا الاحتجاج؟ p نحن كغرفة وطنية لموزعي الفيلم تفاجئنا عندما تلقينا دعوة لحضور الاحتفاء باليوم الوطني بالسينما يوم الاثنين ما قبل الماضي، أي 48 ساعة قبل التنظيم (عشية الأربعاء)، فاعتبرنا الأمر غريبا جدا.. وتشاورنا نحن أعضاء المكتب التنفيذي وقلنا إن هذه العملية ليست مقبولة، على أساس أن اليوم الوطني للسينما له رمزية مهمة جدا بالنسبة للسينمائيين جميعهم، وكان أصلا هذا اليوم مقترحا من طرف المهنيين منذ سنوات، وكان الهدف منه جد واضح، وهو يوم دراسي للتباحث في أوضاع الفن السابع، وذلك في إطار تشجيع السينما الوطنية وتقديم الحصيلة السينمائية السنوية وطرح الاقتراحات بالنسبة للسنة المقبلة.. فإذا بالأمر يفقد محتواه وأصبح عبارة عن احتفاء فلكلوري ببهو الوزارة في الساعة الرابعة و النصف عشية بحضور السينمائيين لأجل شرب الشاي وأكل « غُريبة» والسماع للخطاب الرسمي للسيد الوزير.. وبالنسبة إلينا كغرفة فهذا الخطاب الرسمي هو خطاب سياسي مكرر سمعناه ثلاث أو أربع مرات في السنة بمناسبات أخرى.. فارتأينا أن هذه الأشياء ليس لها معنى بإفراغ هذا اليوم الوطني من محتواه، و بالتالي رفضنا المشاركة فيه.. n من هذا المنطلق، ما هو الوضع الطبيعي الذي على أساسه يمكن للغرفة أن تشارك في هذا اليوم؟ p هذا موعد سينمائي معروف، عند الاحتفاء به ينبغي أن يؤخذ في الحسبان وضع الخطوط العريضة للعمل السينمائي في السنة المقبلة، وبالتالي يجب أن يكون كل شيء مهيئا سلفا وينظم في مكان ليس هو بهو الوزارة بل في قاعات سينمائية.. وقبل ذلك الإخبار بتنظيمه يكون لمدة طويلة لأجل تحضير التصورات من طرف المهنيين والغرف المهنية والمدعوين.. لأنه ينصب على الاشتغال طول السنة، ولأن الحصيلة السينمائية السنوية لا يمكن إنجازها في ظرف 24 ساعة .. فهناك تقارير سينمائية و تظاهرات وإنتاجات.. فهذا اليوم ليس عرسا نلبس فيه « كوستار» ونضع ربطة العنق ونحضر لأجل شرب الشاي كما قلت أو أكل الدجاج المحمر و المشوي حتى.. فهذه الأمور جدية، وينبغي أن تؤخذ بجدية كذلك .. فلما تقدم إلي كمهني دعوة في ظرف 24 ساعة لحضور موعد فهذا فقط يعني حضور بهرجة وفلكلور وليس يوم اشتغال.. وبالتالي فهذا انتقاص من المهنة أولا وانتقاص من القطاع ككل وتحريفه عن أهدافه التي وضع من أجلها... n على ذكر الأهداف، ما أسباب نزول تأسيس الغرفة وإلى ماذا تروم؟ p تأسيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام جاء لسد فراغ تمثيلي للقطاع السينمائي خصوصا في جانب الإنتاج، لأن هناك غرفا وجمعيات ونقابات مهنية في كل القطاعات، من قبيل هيئات الممثلين و التقنيين والموزعين وأرباب القاعات السينمائية.. وبالنسبة لنا نحن كمنتجين قررنا أن نؤسس غرفة في هذا السياق على أسس صحيحة، فجاء إنشاء الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام، الذي سبق وأن وضحناه ونشرنا بصدده بلاغات، وبشكل عام جاء التأسيس للدفاع عن مكتسبات المهنة وتطويرها وجعلها تواكب المستجدات التكنولوجية السينمائية الحالية .. وهي أهداف مهنية واضحة، فنحن لسنا سياسيين لا نشتغل في السياسة، رغم أن كل شخص فينا له توجهات سياسية معينة يضمنها الدستور و قوانين البلاد، وبالتالي فنحن هنا نشتغل في هيئة مهنية مستقلة ليست لها مشاكل أو حزازات أو صراعات مع الوزير الوصي على القطاع، ولا مع المدير الجديد للمركز السينمائي المغربي ولا مع أي شخص بعينه، فنحن ندافع عن مهنة فقط، باعتبارنا أناس مبدعين، نشتغل في مجال محترم جدا، ولدينا آراء وأفكار مسؤولون عنها.. n بعد منع فيلم «الزين اللي فيك» للمخرج نبيل عيوش من التوزيع و العرض في المغرب، خرجت الغرفة ببيان تشجب هذا المنع، فما هي منطلقات مضمون بيان الغرفة في هذا الصدد؟ p هذا يدخل في سياق الدفاع عن مكتسبات المهنة والأشياء التي تضمنها قوانين البلاد. فدستور البلاد و القوانين المنظمة كلها للحريات العامة تضمن حرية التعبير وحرية الرأي.. وهذا بالنسبة إلينا مسألة مقدسة لا نقاش فيها، فنحن في هذا الجانب لا نناقش موضوع فيلم أو رواية أو صورة أو ديوان شعري.. نحن نناقش موضوع حرية التعبير مادام يضمنها الدستور وهو أسمى قانون في البلاد..، وبجانب القانون هناك مساطر .. فلكي تمنع أي منتوج فكري.. لابد من اللجوء إلى المساطر، بمعنى هناك لجنة وطنية مكلفة بعرض الأفلام السينمائية ولديها مسطرة قانونية ستطبقها، وبالتالي لا يمكن منع منتوج بقرار فردي كيفما كان مصدره ، فهذا لا يوجد في القانون، فهذا الأخير يقول، على المسؤول أن يعرض على اللجنة مشاهدة الفيلم وتقرر هذه الأخيرة بأنه غير صالح للعرض ومن ثمة منعه.. فهذه طريقة قانونية .. وفي القانون المغربي هناك حالة وحيدة التي تسمح لأعلى سلطة في البلاد، ملك البلاد، حالة الاستثناء تسمح له بأخذ قرارات تهم أمن الوطن واستقراره... أما أن يأتي مسؤول معين ويتخذ قرارا معينا هكذا بمنع منتوج معين.. فهذا شيء مرفوض . فنحن لم نناقش موضوع الفيلم، والكثيرون قالوا الغرفة دافعت عن الفيلم الذي نعته البعض بالبورنوغرافي رغم أن لا أحد، إبانه، تابعه بعد عملية توضيبه النهائي، فنحن نناقش، كما قلت، المسطرة القانونية التي يجب أن تتبع، وينبغي الانضباط إليها.. n نخرج من إطار الغرفة إلى مجال الإبداع السينمائي الخاص للمخرج إدريس شويكة. أين وصل مسار فيلمك السينمائي «فداء»؟ p الفيلم الآن يوجد في المرحلة الأخيرة من عملية التوضيب، وهو فيلم يتعلق بفترة من تاريخ المغرب، فترة الخمسينيات من القرن الماضي التي تتطلب توظيف مجموعة من المؤثرات الخاصة كالديكورات القديمة والسيارات القديمة وغيرها من الأشياء التي يستوجب توظيفها أيضا في عملية ثلاثية الأبعاد.. وهاته الأمور تتطلب بعضا من الوقت .. وأعتقد أن « فداء» سيكون جاهزا أثناء انعقاد المهرجان الوطني للفيلم القادم . n فيلم «فداء»، حسب ما وصل من أصداء، هو فيلم تاريخي يمكن تصنيفه في إطار الفيلم - الوثيقة الذي لا يموت بخلاف الأنواع الفيلمية الأخرى، فما الذي أثارك وشد انتباهك إلى موضوعة الفيلم وجعلك تبادر إلى إخراجه؟ p الموضوع في البداية كان من اقتراح الإعلامي عزيز الساطوري انطلاقا من بحث كان قد اشتغل عليه حول الشخصيات التاريخية الوطنية، وبالخصوص شخصية محمد الزرقطوني، وما أثارني فيه ينطلق من طبيعة الاشتغال السينمائي الذي يستند إلى نوعين، السينما الترفيهية لأجل الاستهلاك التجاري اليومي، و السينما الهادفة التي تشكل وثيقة في حد ذاتها، سواء كان فيلما تاريخيا أو فيلما واقعيا.. وهذا هو نوع السينما الذي يعجبني أن أشاهده أو أن أشتغل عليه .. للتذكير أقول إنه ليست لنا إنتاجات غزيرة على هذا النوع، وبالتالي يمكن أن نستخلص أننا لا نهتم بتاريخنا، والدليل عندما تذهب إلى أي مكان وتسأل من هو محمد الزرقطوني.. الأغلبية سيقولون لك إنه شارع بالدار البيضاء وهكذا دواليك خصوصا بالنسبة لجيل الشباب.. وبخلاصة، فليس لدينا اشتغال على الذاكرة الوطنية.. وهذه الأخيرة تطرح لنا مشكل كسينمائيين على مستوى الأرشيف الوطني بالنسبة للصورة، لأن الصورة الآن هي أكبر وسيلة للتواصل الأساسية في العالم كله بدل الكلمة و الكتابة في ما مضي.. ومن ثمة يجب إعطاء الاهتمام للذاكرة الوطنية، ليس من الناحية السياسية فقط، ولكن من الناحية الثقافية .. فمثلا إذا أراد شخص ما أن يعرف ماذا كان يلبس المغاربة في الخمسينيات من القرن الماضي وكيف كانوا يعيشون.. يجب عليه أن يبحث كثيرا كثيرا في الأرشيف العالمي و خصوصا الفرنسي ليطلع على ما يريد.. وهذا الأخير يحتفظ بدوره بأرشيف صور، رسم، شعر ، رواية ... غني عن المواطن الفرنسي، عن عاداته وتقاليده ومعيشه اليومي منذ قرون وقرون.. فنحن ليست لنا ذاكرة مصورة حقيقية فالشعب الذي لا يستطيع أن يصنع صورته بسواعده وجوده كعدمه.. n هل هناك مشاريع سينمائية أو تلفزيونية في الأفق يريد إدريس اشويكة الاشتغال عليها؟ p هناك مشاريع كثيرة، منها مشروع سينمائي قدمناه للجنة الدعم السينمائي، بصفتي منتجا وليس كمخرج، وهو تحت عنوان «جريمة وعقاب»، ويتحدث بالأساس عن موضوع الرشوة و الفساد وتداعياتهما الاجتماعية.. على المجتمع في الوقت الحالي، كما يتضمن الفيلم المشروع عمقا اجتماعيا ينطلق من الأحداث التي سجلها المجتمع العربي في السنوات الأخيرة والتي تسمى بالربيع العربي، وبالخصوص حركة «20 فبراير» والظروف التي نشأت فيها وجعلتها تبرز إلى الوجود.. كل ذلك من منظور معالجة ثقافية اجتماعية وليس سياسية. كما توجد هناك مشاريع تلفزيونية تم اقتراحها على القناتين الأولى والثانية، عمل واحد بالنسبة للدوزيم، وعملان بالنسبة للأولى، وهي عبارة عن فيلمين تلفزيونيين وسلسلة تتكون من أربع حلقات.