كثيرا ما نركز في البرامج التلفزيونية التي نشاهدها على أهمية المواضيع التي تطرحها سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو فنية أو تتعلق بالشغل أو بغيره، وننسى في المقابل كيفية تقديم هذه المواضيع و الوضعيات المكانية التي حددت لها من أجل الحديث و طريقة ظهور الضيوف و المشاركين و نوعية البلاطو المستعمل، حيث يجري النقاش و الزوايا التي يسلط الضوء من خلالها على الحاضرين و كيفية إجراء الحوارات معهم . وهو الدور الهام و الحاسم في تقديم وجه البرنامج التلفزيوني و تحديد خصوصيته في مقابل البرامج التلفزيونية الأخرى التي تلتقي معه في نوعية المواضيع المقدمة. إن عملية الإخراج التلفزيوني عملية مضاعفة تقنية و فنية معا، و لا يمكن فصل واحدة منهما عن الأخرى، بحيث إنهما تتكاملان لتقدما لنا برنامجا تلفزيونيا ناجحا من الناحية الجمالية الإخراجية التي تسمح لمعد البرنامج و مقدمه أن يرتاح في عمله، وتساعده على التفوق فيه، فكلما كان الإخراج التلفزيوني جيدا كلما منح ذلك لمعد البرنامج و مقدمه فرصا للنجاح بشكل جيد في عمله . يتجلى لنا هذا بكامل الوضوح من خلال البرنامج التلفزيوني "آفاق" نصف الشهري الذي تعده و تقدمه الإعلامية سميرة الغربالي على شاشة القناة الثقافية، بالتلفزيون المغربي، و الذي هو من إخراج المخرجة الموهوبة جميلة عناب. ينبني هذا البرنامج التلفزيوني على تقديم قوي يحيط بالموضوع الذي هو حسب ورقة تقديمه يتجلى في اهتمام هذا البرنامج التلفزيوني بعالم المهن و ذلك بالتركيز على فئة الشباب المغربي المؤهل للاندماج في سوق الشغل، كما يتولى البرنامج عملية كشف وشرح المهن والحرف اليدوية التي يتخرج للعمل فيها ملايين الشباب المغربي، من جهة، ونمط التكوين المهني الذي يعرف أوجه مختلفة و متعددة من جهة أخرى. إن هذا البرنامج التلفزيوني، كما يحدد أهدافه في الورقة التقديمية له، ينطلق من مراكز التكوين المهني التي يلجها الشباب المغربي والمؤسسات العمومية والجامعات والمعاهد ومعظم المؤسسات التعليمية التي تتوفر على مختلف الشعب التي تتماشى مع متطلبات سوق الشغل خاصة في إطار ما أصبح يعرف بنظام المقاربة، و التي تهتم بشكل كبير بجيل الشباب و تدعم توجهاته و اختياراته في عالم الشغل . و تبعا لذلك فإن المخرجة الموهوبة جميلة عناب قد استطاعت أن تقوم في هذا البرنامج بإخراج تلفزيوني مميز يوازي بذكاء فني إبداعي في عملية الربط بين المتدخلين نساء و رجالا وخاصة الشباب منهم وهم يقدمون مشاريعهم في عالم الشغل بتلقائية لكن بعمق و تركيز حيث يرى المتلقي المشاهد أن الصور المقدمة فيه تتماشى ببراعة مع ما يتم تقديمه من مشاريع، مع الحرص على الإفادة و التعريف و شد الانتباه إلى ما يقدم. و هي أمور فنية أساسية بالنسبة للعمل التلفزيوني الذي عليه أن يشد المتلقي المشاهد إليه و يجعله يتابع البرنامج التلفزيوني المقدم مستفيدا منه و دون أن يشعر بالممل أيضا من طريقة الإخراج الخاص به. إن المخرجة المغربية الموهوبة جميلة عناب هنا في هذا البرنامج التلفزيوني الذي تقوم بعملية إخراجه ، و بدءا من الجينيريك الذي ينطلق مع صورة بهية تجمع بين امتداد الأشجار و بين تحليق جماعي متناسق لمجموعة من الطيور في إيحاء رمزي إلى اهتمام البرنامج بالنواحي المهنية المتعلقة بالمشاريع التي يسعى الشباب المغربي المؤهل للاندماج في سوق الشغل إلى إنجازها و النجاح في الحياة من خلالها، فهي تحرص على التنويع في عملية التصوير بشكل احترافي بديع. كما أن زوايا التصوير و التركيز عليها من لدن المخرجة و هي تقدم ضيوف البرنامج تجعل من الصورة التي تقوم معدة البرنامج و مقدمته الإعلامية سميرة الغربالي تصل بشكل جيد إلى المتلقي المشاهد و تمنحه فرصة للنظر في مقابل متابعة ما يعلن عنه البرنامج من مواضيع تتعلق بعمل الشباب المغربي و المشاريع التي يقدمونها. هكذا يبدو أن التكامل الفني قد تحقق بشكل مميز في هذا البرنامج التلفزيوني الذي يحمل عنوانا دالا هو "آفاق" بين كل معدة البرنامج و مقدمته الإعلامية سميرة الغربالي و بين مخرجته الموهوبة جميلة عناب. وهو ما منح لهذا البرنامج قوة في الحضور ضمن برامج القناة الثقافية بالتلفزيون المغربي .