بعيدا عن شاشات قناة الجزيرة القطرية التى مازالت تسرد أنجازات السلطان العثماني اردوغان الاول قبل الانتخابات التركية القادمة، و بعيدا عن اعلامييها الذين أعتادو بث السموم تجاه الانظمة العربية، و بعيدا عن كاميراتها التى تنقل لنا حصريا حياة و معيشة امراء وقادة داعش اثناء حربهم و أثناء طعامهم و شربهم حصريا على غرار مباريات الدورى الاسباني، كانت كل تلك الكاميرات المنتشرة فى كافة أرجاء الارض بعيدة تماما عن طهران أثناء توقيع أتفاق عسكري بين كلا من جمهورية ايران الاسلامية و مملكة قطر، و هنا نقف بعض الوقت لكي ندرك الحجم الحقيقي لذلك المشهد، وما يدور بكواليسه، و ما اهدافه العسكرية و السياسية، و رسالة طهران من خلاله لدول الخليج . بداية يأتي هذا التعاون العسكري بين قطروايران فى الوقت الذى تقوم فيه الجمهورية الاسلامية بتنفيذ أحد أضخم المناورات فى تاريخها الا و هي مناورات محرم العسكرية، و التى تنفذ على مساحات شاسعة فى كلا من كردستان ايران و كرمانشاه و أذرابيجان الغربية بمشاركة كافة القطاعات بالجيش و فى مقدمتهم وحدات الرصد ومنظومة الدفاع الجوي و قوات المغاوير و وحدات الرد والمواجهة السريعة التابعة للقوات البرية و القوات الجوية والطائرات بدون طيار، وقوات التعبئة و حرس الحدود بجانب قوات خاصة من الحرس الثوري . و كما صرحت أدارة العلاقات العامة للجيش الايراني ان مناورات محرم تهدف الى تحقيق الاستعداد الكامل لكافة القوات الايرانية و القدرة على التحرك السريع تجاه الهدف و تنفيذ العمليات العسكرية بالمناطق الوعرة ورفع حالة التأهب لقوات الدفاع الجوي، و تدريب القوات البرية على صد أي هجوم افتراضي، و لكن يبقى الهدف الرئيس لتلك المناورة من الناحية العسكرية هو أختبار منظومة « فكور « للقيادة و التحكم التكتيكي الذكي والتى تشمل التتبع من الرادارات العسكرية و المدنية ومنظومات التجسس و المنظومات الرقمية و التى تتمتع بقدرات برمجية مرنة، كذلك أختبار منظومة «فتح14» وهى منظومة محلية الصنع تغطي حتى 600 كيلو متر قادرة على مواجهة الحرب الالكترونية و معرفة الاهداف والتوصل بشكل سريع و دقيق لمعلومات حول الهدف والتى يتم أرسالها الى مركز القيادة الذى يتبع بعد ذلك عملية المواجهة و الردع . و بالتزامن مع أجراء تلك المناورات العسكرية الايرانية جاء لقاء قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي بمدير أمن السواحل و الحدود بمملكة قطر علي أحمد سيف البديد لكي يوقع الطرفين على اتفاقية تعاون لحماية الحدود المشتركة بينهما و لمنع أي عبور غير شرعي للمهربين أو للصيادين . و بتغطية وسائل الاعلام الايرانية المحسوبة على الحرس الثوري جائ رد طهران المباشر عندما أشارت وكالات الانباء الايرانية الى أن هذا الاتفاق جاء لحماية حدود قطر من الدواعش، و هى الرسالة التى أرادت طهران أن ترسلها علنا الى الدول العربية عامة و دول الخليج خاصة و التى تكيل دائما الاتهام لها بتمويل داعش والحركات الجهادية بأن قطر باتت حليف رئيسي اخر لها فى الخليج العربي، و للعلم هناك أكثر من12 اجتماع عقدو بين المسؤولين العسكريين القطريين و الايرانيين وجاري تنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين . ومن يفهم و يقراء ما بين السطور سيعلم جيدا ان الخطوة العلانية الاولى للدوحة تجاه طهران جائت بكلمة الامير تميم فى الاممالمتحدة و التى اعرب فيها عن رغبته لاستضافة حوار بين ايران و دول الخليج، و من يفهم العلاقة الخاصة بين التنظيم الدولي لجماعة الاخوان و نظام الخميني و دور الدوحة كحلقة وصل رئيسية بينهم سيعرف أكثر عن كيف تسير الامور بين طهران و الدوحة فى الكواليس بعيدا عن خشبة المسرح و الاضواء التى تلهي الرأي العام عن حقيقة ما يحدث و يدور، و ما هي أبعاد التدريب العسكري المشترك بين تركيا و قطر الذى ينفذ الان بالدوحة تحت مسمى « نصر2015 «، و على أي أساس كانت قطر تتقدم نحو أيران قبل اقرار رفع العقوبات عليها لمساعدتها عبر طريق شركة قطر للبترول فى زيادة حصتها بأكبر حقل غاز فى العالم . حقيقة الامر أن الاتفاق بين قطر و ايران و الذى فى هامشه اتفاق تعاون لوقف اى عبور غير شرعي للمهربين أو الصيادين هو أتفاق أعطى شرعية لتحرك قوات الحرس الثوري فى المياة الاقليمية القطرية، و أضاف لايران محطة جديدة بالخليج بعد أن صارت الدوحة ضلع موازي لطهران بالخليج العربي . الباحث و المحلل السياسى بقضايا الشرق الاوسط [email protected]