(أ. ف. ب) على بعد آلاف الكيلومترات من بلادهم يقوم عشرة كمبوديين بإزالة الألغام مترا مترا من سهل قاحل في قبرص بفضل خبرة اكتسبوها من تاريخ كمبوديا المأسوي. وأرسل هؤلاء الخبراء من قبل الأممالمتحدة التي تقوم بمهمة نزع الالغام في المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل القسمين التركي واليوناني في الجزيرة المقسمة منذ 1974. والمهمة في غاية الصعوبة اذ يركع كل خبير تحت شمس حارقة ويحدد بدقة المساحة التي سيتحرك فيها لكشف الالغام ونزعها. ويحدد الخبير المنطقة بحبل احمر ويرفع التراب الجاف بواسطة مجرفة ثم يمرر فوقها آلة لكشف المعادن. وأشاد الممثل دانيال كريغ الذي يؤدي دور الجاسوس البريطاني جيمس بوند، بعملهم خلال زيارة لقبرص في اول مهمة كممثل للامم المتحدة لنزع الالغام والعبوات الناسفة. وقال الممثل البريطاني «من الملهم حقا ان نرى جنودا دوليين يستخدمون خبراتهم التي اكتسبوها في السنوات الاربعين الاخيرة في كمبوديا في الجانب الاخر من العالم لافادة الشعب القبرصي منها». لان الكمبوديين قبل ان يصبحوا مرجعا في العالم، قاموا بنزع الألغام في بلادهم التي شهدت حروبا متعاقبة في الستينات ونهاية التسعينات من القرن الماضي. وقيل انه "كان هناك عدد الغام بقدر عدد السكان" لاظهار حجم المشكلة. وقالت كريستن لوند قائدة قوة الاممالمتحدة في قبرص انه بالتالي "عملية نزع الالغام في قبرص بسيطة جدا مقارنة لما واجهوه في بلادهم للاسف". وتم حتى الان ازالة 27 الف لغم من 74 حقلا للالغام في المنطقة المنزوعة السلاح في قبرص. ويقوم المشرف على الفريق الكمبودي سوفانارا لينغ بمهمات منذ 2009 وهو يشعر بفخر لافادة بلدان اخرى من خبرته الكبيرة. وقال "ان اول فريق ارسل الى جنوب السودان كان كمبوديا". ونزعت فرق اخرى الالغام من لبنان او مالي. اما معاونه سوس شوم فقد ترك في العام الفين الجيش الكمبودي ليصبح بدوره خبيرا في نزع الالغام. ومنذ 1979 اسفرت حوادث الالغام المضادة للافراد والذخائر غير المتفجرة الى سقوط اكثر من 20 الف قتيل واكثر من 40 الف جريح في كمبوديا. حتى وان كانت نادرة اليوم لا تزال هذه الحوادث تقع اذ قتل 15 شخصا واصيب 48 بجروح بينهم 16 بترت اعضائهم بين يناير وغشت بحسب تقرير للهيئة الوطنية للعمل لنزع الالغام. وقال برنار برونوتو الاستاذ في التاريخ في جامعة رين في فرنسا ان النزاعات التي تعاقبت في كمبوديا «ارفقت بعمليات منهجية لزرع الغام وذلك من كافة الاطراف». واضاف ان «عقلية العصابات لازمت الخمير الحمر لفترة طويلة». وبدأت عمليات نزع الالغام في التسعينات بمساعدة خبراء غربيين. وقال الكولونيل جان بيار بييو المسؤول عن العمليات الفرنسية لنزع الالغام في شمال غرب كمبوديا "لقد دربنا اولى الفرق الكمبودية باساليب فرنسية تقضي بتفكيك اللغم وليس تفجيره". واضاف "تبين ان هذه التقنية جيدة لاننا لم نفقد اصبعا او ساقا اثناء عملياتنا". في الواقع اكتسب العديد من خبراء نزع الالغام الكمبوديين خبرتهم من سنوات الحرب. وقال اللفتنانت سوفانارا لينغ "قام معظمهم بزرع الغام في كمبوديا. وشاركوا في المعارك بالتالي يعرفون جيدا اين تقع حقول الالغام وكيفية كشفها» . وقال المؤرخ برنار برونوتو «انه نموذج كلاسيكي للتوبة». وعلى الجزيرة المتوسطية فان مهمة نزع الالغام التي اطلقت في 2004 شارفت على نهايتها في المنطقة المنزوعة السلاح بحيث يتم اعادة الأراضي إلى أصحابها. لكن الأممالمتحدة دعيت للمساعدة في تنظيف 28 حقلا للالغام في شمال الجزيرة بعد ان كشف الجانب اليوناني مواقعها بدقة في اطار تحسن العلاقات بين الجانبين في الآونة الأخيرة.