1 - أسرابُ نَثْرٍ: رُبَّما خانتني الفِراسةُ لما مررتُ بجانبِ الفريسةِ وتركتُها وليمةً لبنِي آوى المعاني على الطريقِ غابةٌ كلُّ واحدٍ بِما ملكتْ أيْمانُهُ يأخذُ نصيبَه ورُبَّما خانتنِي الذاكرةُ لما طردتني الجامعةُ من صفوفِها كأيِّ مُشاغبٍ تركتُ درسَ الأدبِ عنْ طيبِ خاطرٍ وركبتُ قطارَ التاريخِ وفي كلِّ محطةٍ يَنتشلني الشِّعْرُ بدونِ ضجيجٍ كأيِّ غريقٍ منَ السِّكةِ الحديدْ قد أفرح قليلا من نقط الضوء التي تطل أحيانا من نوافذ الألم وتختفي لا أرى كثيرا خلفي لأني أخاف أن أقع في الهاوية ولا أغير أحذيتي كثيرا كي لا تخطئ الطريق. 2 - شَهْدٌ مُختلِفٌ: أحيانا أفكر في أسراب نثر كلماتها تتألم وكأنها في معبد الكلمات رهبان بزي أبيض يرتعشون من شدة الوحدة ينامون على كراسي ناعمة ويحلمون بقبلة بريئة بعينين مغمضتين الفواصل أعمدة دخان انتهى من زمان رماده لم يعد يبشر بإيقاع النار كما أشعلها نبيذ ذات مساء بارد الحروف التي تخرج من القلب بركان تضخ في شرايين القصيدة دما بلا منشطات لا تحتاج إلى ذاكرة ما أو التنقيب في معاجم زاهدة تنظر إلي بعينين ساخنتين وسط الحارة أو في زحام المارة تُقبِّلُ ابني يحيى وكأنها تريد أن تصلها كهرباء منسية تحت لساني نظراتها الغائرة علامات تعجب تلوح من جمل عارضة فلا تعرف نقطها السفلى ولا أنفاسها التي خطها ناسك إضافي في حضن شارد كلمات الأسراب أقصد القصائد نَحْلات تحلق برشاقة في جنائن يدي تطير وتترك عسلها هدية لشهد مختلف. 3 - بلمسةٍ تركتني شاردا: بلمسةٍ واحدةٍ كنا سنصلُ الرَّحمَ نقطعُ البحار التي انقطعت عنها تياراتُ الوجد ذات عاصفةٍ وننامُ كأي مخلوقاتٍ رماها البحر في الفم سمكةٌ مخنوقةٌ قطعتْ أشواط الليل تنتظر على جرف هاوٍ سراجُها المنير اليدُ المكسَّرة لا تصافحْ وإنْ قالتْ سلاما إشارةُ اليدِ قد تكون وداعا وقد تكون لقاءً مؤجلا للغور في مَتى؟ وتبقى أيْنَ؟ تنتظرُ إلى أن تشعلَ العين في البحرِ الأسود شموعاً بيضاء وتضيء زوايا موحشةً كأنَّ الزمنَ غدر بها وهاجر إلى سفحِ ظلٍ يندبُ حظه المستحيلْ بلمسةٍ تعرفني فتسترسلُ في إرشادي إلى مينائها العاري ساعةً توقفَ بَندولها لاضطراب الموج في خليجها المستعيرِ كأني سفينةٌ ضلَّتْ وبقي مجدافُها يطفو عموديا فوق سطح بلا ماء أنا لستُ منزعجا من وحوشٍ تلاحقني في غابات ضيقة كحلزون في ربيع بعيد يظهر ويختفي كفرح لم يصل يدي بلمسة تركتني على ركبتيها شاردا كعينٍ غاب بريقُها أخذتْ يدي وتركتْ لي حبلَها السري. 25يونيو 2015