مع استمرار عملياتها في سوريا تكشف روسيا عن استراتيجيتها الهادفة, بحسب خبراء, الى تحصين موقع الرئيس السوري بشار الاسد عبر دحر المعارضة المعتدلة واغلاق المجال الجوي امام الغربيين. ويقول ايغور سوتياغين, الخبير العسكري في معهد «يونايتد رويال سيرفيسس» في لندن, «الهدف هو ضمان امن منطقة علوية على اراضي غرب سوريا المكتظة بالسكان وحيث تتركز الصناعة والزراعة وترك الشرق الصحراوي لتنظيم الدولة الاسلامية». وهكذا تهاجم القاذفات الروسية الاسلاميين مثل حركة احرار الشام وجبهة النصرة, الذين هم على احتكاك مباشر بالمناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في شمال البلاد وكذلك جيوب المعارضة بين حمص وحماه في الوسط. ويقول ميشال غويا المؤرخ العسكري والباحث في معهد العلوم السياسية في باريس «إنهم يحاولون انقاذ الوضع عبر دعم قوات الاسد وحلفائه على الجبهة على امل امكانية استعادة اراض».وقد تستكمل العملية الجوية بهجوم بري يشنه الجيش السوري بدعم من قوات ايرانية ومن حزب الله الشيعي اللبناني كما يرى ستوياغين. وينتقد الغرب موسكو لعدم استهدافها تنظيم الدولة الاسلامية في شرق البلاد. وقال غويا «يشمل الروس بضرباتهم تنظيم الدولة الاسلامية لتبرير موقفهم لكن لا يشكل ذلك اولويتهم الفعلية». وخلافا للتحالف الذي يقوده الاميركيون والذي ينفذ ضربات من علو مرتفع بواسطة مقاتلات فائقة التطور, يستخدم الروس طائرات هجومية من نوع سوخوي-25 ومروحيات. ومع نشر 12 طائرة سوخوي-25 و16 مروحية مقاتلة على بعد دقائق فقط من خط الجبهة بين القوات النظامية ومجموعات المعارضة المسلحة في اللاذقية , اصبحت هناك قوة ضرب ضخمة ومرنة تحت تصرف روسيا, لكن الخطر اكبر ايضا على الطيارين. ويقول ميشال غويا «انهم فعالون على خط الجبهة, هذا امر اكيد». ويكثف الجنود الروس عمليات التناوب ويضربون اهدافا بسيطة ونقالة, وهو امر يتطلب امكانات اكبر واكثر كلفة بالنسبة لطائرة رافال فرنسية او طائرة اميركية. ويفسر ذلك الاثر الكبير للضربات الروسية المتواصلة بدون انقطاع منذ 30 سبتمبر. ويتابع غويا «من حيث الكمية, نتيجة هذه الغارات اكبر بكثير بالتاكيد» من عمليات التحالف الجوية. ويضيف ان الروس والسوريين «أقل حرصا بالنسبة الى الاضرار الجانبية المحتملة», بينما في الجانب الغربي, يركز قسم كبير من اجهزة الاستخبارات على درس معمق للمجازفات, وصولا الى طرح احتمال التخلي عن مهمة معينة اذا تبين ان المجازفة كبيرة. ويستفيد الجيش الروسي من معلومات استخباراتية سورية, فيما يستند التحالف الدولي حصرا الى امكاناته الخاصة وصور الاقمار الاصطناعية. وعبر تشغيل طائراتها في الاجواء السورية ونشر مضادات جوية نقالة (بانتسير وتور ام1), تقيم روسيا منطقة حظر جوي تعزز حماية نظام الرئيس السوري بشار الاسد. ويقول ميشال غويا ان «التحالف والاتراك والاسرائيليين طردوا بحكم الامر الواقع من الاجواء السورية». ويقو دوغلاس باري خبير الطيران العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن «من مصلحة الجميع ضمان عدم حصول حوادث وخصوصا في الاطار الحالي من +العلاقات الباردة+ بين الغرب وحلف الاطلسي وروسيا.