انتهكت طائرة حربية روسية الأجواء التركية فوق ولاية هاتاي جنوب البلاد أول أمس السبت، وغادرتها باتجاه سوريا بعد أن اعترضتها طائرتان تركيتان من طراز أف 16. وقد استدعت وزارة الخارجية التركية السفير الروسي للاحتجاج على الحادث، وطالبته بتفادي تكراره مستقبلا وإلا ستحمل موسكو مسؤولية أي حادث غير مرغوب فيه قد يقع. وأجرى وزير الخارجية فريدون سينرلي أوغلو اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف ونقل له وجهة النظر ذاتها، ، كما أجرى اتصالات هاتفية مع وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وفرنسا وإيطاليا لتقييم الموقف، ومن المزمع أن يتصل هاتفيا بالأمين العام لحلف شمال الأطلسي ووزير الخارجية الألماني. وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت الأربعاء الماضي أن طيرانها قام بأولى ضرباته في سوريا، وقالت إن الغارات دمرت «تجهيزات عسكرية» و»مخازن للأسلحة والذخيرة»لتنظيم الدولة الإسلامية، بينما تصر الولاياتالمتحدة وعدد من حلفائها على أن الضربات الجوية الروسية استهدفت مواقع المعارضة المسلحة السورية. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الضربات الروسية في سوريا «غير مقبولة»، معتبرا أن موسكو ترتكب «خطأ جسيما» بهذا التدخل. وتتواجه روسيا وتركيا بشأن الملف السوري منذ اندلاع النزاع عام 2011، وتدعو أنقرة إلى رحيل الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من موسكو. من جانبه هاجم وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند روسيا واتهمها بتهديد النظام الدولي وضرب أهداف في سوريا تناقض رسالتها الدعائية، فيما أيد نظيره الفرنسي لوران فابيوس قصف جبهة النصرة وكل «الجماعات الإرهابية». وقال هاموند إن موسكو توظف نفوذها العسكري لدعم بشار الأسد. وأضاف «تبدو كما لو كانت حربا روسية تقليدية غير متناسبة إذ إن لديك رسالة دعائية قوية تقول إنك تقوم بأمر ما في حين أنك تقوم في واقع الأمر بشيء آخر مختلف». وأشار إلى أن الروس يردون عند مخاطبتهم بتكرار موقفهم «وهو بالمناسبة نفس الموقف الإيراني وهو أمر غير معقول». وقال إن بريطانيا في حاجة إلى شفافية مطلقة بألا يكون الأسد جزءا من سوريا في المستقبل، لكنه لم يعارض احتفاظه بالسلطة مؤقتا في إطار مرحلة انتقالية تفضي لإحلال السلام. ورأى أنه من أجل الوصول لهذه المرحلة ينبغي أن يتعهد الأسد بعدم الترشح في أي انتخابات قادمة وأن يتخلى عن السيطرة على أجهزة الأمن. واستبعد قبول بريطانيا بمقترحات طرحتها روسيا وإيران بإجراء انتخابات في سوريا. وقال إن سوريا يفصلها مليون ميل عن القدرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة. واعتبر أن الروس يشكلون تهديدا للنظام الدولي الذي «يعتمد عليه أمن بريطانيا». وأضاف «يظهر أن روسيا لا تحترم الأعراف الدبلوماسية». وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون وصف قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدعم النظام السوري «بالخطأ الفادح» الذي يساند «السفاح بشار الأسد». من جهته، شدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس على أن الغارات الجوية في سوريا ينبغي أن تركز على تنظيم الدولة الاسلامية «والجماعات التي تعتبر إرهابية ومن بينها جبهة النصرة». وأوضح فابيوس أن دعوة الرئيس الفرنسي نظيره الروسي لضرب تنظيم الدولة حصريا كانت مجرد «صيغة مختزلة» للجماعات الإرهابية ومن بينها جبهة النصرة -فرع القاعدة في سوريا- على حد قوله. وكانت روسيا بدأت الأسبوع الماضي قصف أهداف مختلفة في سوريا في خطوة تصعيدية يرى فيها الغرب محاولة لدعم الأسد، في حين تدعي موسكو أنها تحارب تنظيم الدولة الإسلامية. على الصعيد الميداني يجمع عدد من مقاتلي المعارضة السورية المسلحة في حماة على القول إن النظام السوري يسعى إلى استغلال القوات الجوية والبرية الروسية المساندة له لاستعادة المناطق المستعصية في وجهه منذ سنوات في ريفي حماة الشمالي والغربي وريف حمص الشمالي. وقال أبو خالد -القيادي في الجيش الحر بحماة- إنهم «حصلوا على معلومات من داخل النظام تفيد بتحضيره خطة عسكرية برية لفتح طريق حمص _ حماة، عن طريق استعادة المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر كالرستن وتلبيسة العصيتين على النظام منذ ثلاث سنوات، تشارك فيها قوات النظام المدعوم بمليشيات إيرانية وروسية قدمت حديثا إلى حماة وريفها الغربي». وذكر أن «الرتل المشترك من مدينة حماة مارا بقرية كفرنبودة حتى يصل إلى تل الحماميات وسيقوم عندها بإنشاء خط دفاع أول عن سهل الغاب من الجهة الشرقية للسهل، وبذلك يكون قد أنهى النظام مرحلته الأولى من خطته العسكرية». وأضاف أبو خالد أن النظام «تواصل مع شخصيات من قرية كفرنبودة بريف حماة محذرا ومهددا من اعتراض رتله العسكري الذي سيمر داخل منطقتهم من قبل الثوار، وهذا ما تم التأكد منه من أهالي كفرنبودة ذاتهم وما يؤكد صحة المعلومات الواردة». من جهته قال أبو حمدي -أحد مسؤولي التخطيط العسكري للمعارضة بحماة- إن هذه المعلومات «تؤكد خطة النظام في استعادة سهل الغاب من أيدي الثوار وتثبيته لنقاط عسكرية وإنشاء خطوط دفاع كاملة عن الجهة الغربية عموما بهدف حماية القرى الموالية للنظام والتي تعد أكبر منابع شبيحة النظام في الريف الغربي». وأوضح أن خطة النظام البرية «ستكون مدعومة بتغطية من الطيران الحربي الروسي واستنفار كافة الحواجز المحيطة بمكان العمليات، وأن ما يكشف نية النظام في اقتحام ريفي حمص وحماة هو تركيز الغارات الروسية بشكل كبير ومكثف على مناطق الرستن وتلبيسة بريف حمص أولا، وكذلك قرى وبلدات ريف حماة الشمالي والغربي ثانيا». وتحدث الناشط الإعلامي حكم أبو ريان عن تحركات عسكرية جرت أول أمس بالقرب من بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي، وقال إن الطيران الروسي «أغار على بلدة عقرب بقنابل عنقودية وصواريخ فراغية تبعها قصف بأربعين صاروخا فراغيا من قبل راجمات صواريخ روسية كما أكد الراصدون العسكريون على بلدة عقرب». كما أكد أن «معارك عنيفة دامت لساعات وسط قصف عنيف على أهالي البلدة، ولكنها انتهت بفشل تلك القوات في اقتحامها. حيث كانت تستهدف استكمال الطريق إلى الحولة وما حولها من ريف حمص الواقع تحت سيطرة الثوار بالكامل، ولا وجود لتنظيم الدولة فيها، معتبرا أن هذا الأمر يؤكد «استهداف روسيا للمدنيين بشكل خاص وكذلك مقرات الثوار والمعارضة السورية بدلا من استهداف أماكن ومقرات تنظيم الدولة الإسلامية كما يدعون».