في حفل رسمي له دلالته الرمزية , تم رفع علم دولة فلسطين أول أمس الأربعاء لأول مرة على مبنى الأممالمتحدة بنيورورك والمكاتب التابعة لها عبر أنحاء العالم, في الوقت الذي تستعد فيه الرباعية الدولية لعقد اجتماع خاص لبحث سبل إعادة إحياء جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المتعثرة بسبب انتهاكات الاحتلال المتواصلة لحق الشعب الفلسطيني ومقدساته. فلأول مرة في التاريخ يرفرف العلم الفلسطيني على مبنى الهيئة الأممية ومختلف مكاتبها عبر العالم حاملا معه آمال الشعب الفلسطيني في تحقيق السلام واستعادة أرضه المغتصبة من طرف الاحتلال الاسرائيلي الذي يقترف أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين متجاهلا كافة المواثيق والقوانين الدولية. وفي الوقت الذي تحيي فيه الأممالمتحدة عيدها ال70 يواصل الشعب الفلسطيني نضاله للعام ال68 على التوالي من أجل استعادة حقوقه والضفر بحريته. الرئيس الفلسطيني, محمود عباس, اعتبر رفع العلم لفتة سلمية تذكر الجميع بإمكانية تحقيق العدالة والاستقلال في نهاية المطاف, مضيفا أن «الأمل هو القوة التي تساعد الشعب الفلسطيني على التحمل والتغلب على الأهوال التي يواجهها». واعتبر الرئيس عباس أن المجتمع الدولي من خلال تصويته على رفع العلم الفلسطيني في الهية الأممية يؤكد على تضامنه مع الشعب الفلسطيني وداعاه بالمناسبة إلى استغلال الفرصة لتقديم خطة واضحة لإنهاء الاحتلال وتحقيق استقلال دولة فلسطين. وبالتزامن مع هذا الحدث وكدليل على استمرار الاحتلال في سياسته التعسفية أقدم الجنود الاسرائيليون على إزالة الأعلام التي علقها المواطنون الفلسطينيون على منازلهم ومحالهم التجارية في القدسالمحتلة احتفالا برفع علم دولتهم في الأممالمتحدة كما اعتدوا على الصحفيين الذين أرادو توثيق العدوان. وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، أنه لن يستمر في التزام اتفاقات أوسلو لعدم التزام الدولة العبرية بها، وأن على إسرائيل أن «تتحمل مسؤولياتها كافة كسلطة احتلال»، مشيرا بوضوح الى أنه سيبدأ بتنفيذ هذا الإعلان ب «الوسائل السلمية والقانونية». لكنه أشار أيضا إلى أن مؤسسات السلطة ستبقى، وأنه سيدعو إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، تاركا الباب مواربا أمام البحث في المبادرة الفرنسية. وقال عباس تزامناً مع رفع العلم الفلسطيني أمام مقر الأممالمتحدة للمرة الأولى أمس، إن «دولة فلسطين على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وبعاصمتها القدس الشرقية، هي دولة تحت الاحتلال، تماما كما كان حال عدد كبير من الدول في الحرب العالمية الثانية». وأضاف أن الوضع الحالي «غير قابل للاستمرار»، وأن دولة فلسطين ستبدأ ب «تنفيذ هذا الإعلان بالطرق والوسائل السلمية والقانونية، فإما أن تكون السلطة الوطنية الفلسطينية ناقلة للشعب الفلسطيني من الاحتلال الى الاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل، سلطة الاحتلال، مسؤولياتها كافة». وكرر انه لن يلتزم الاتفاقات الموقعة، مشيرا إلى قرار من البرلمان الفلسطيني (المجلس المركزي) منذ مارس الماضي في هذا الصدد. لكنه أكد أن «مؤسسات السلطة الفلسطينية هي مؤسسات دولة فلسطين ولن يتم حلها، مشددا على أن فلسطين ستواصل مساعيها إلى الانضمام للمواثيق والمنظمات الدولية كافة، و «ستواصل الدفاع عن شعبها الواقع تحت الاحتلال عبر كل الوسائل القانونية والسلمية المتاحة»، مشيرا إلى عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية. كما طالب دول العالم بمواصلة الاعتراف بدولة فلسطين على غرار دولة السويد. وكرر عباس أنه لا يزال يمد يده للسلام العادل الذي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وحريته وكرامته، داعيا الشعب الإسرائيلي الى «إعادة قراءة الواقع واستشراف المستقبل وأن تقبلوا للشعب الفلسطيني ما تقبلوه لأنفسكم». وحذر عباس من خطورة ما تشهده القدس من اقتحامات من الجماعات الإسرائيلية المتطرفة المتكررة والممنهجة للمسجد الأقصى بهدف إيجاد وضع قائم جديد يؤدي الى «منع المصلين المسلمين من دخوله في أوقات معينة». وإذ شكر الدول التي صوتت لصالح قرار الجمعية العامة الذي أعطى فلسطين الحق في رفع علمها في الأممالمتحدة، أشار إلى أن «اليوم ليس ببعيد عندما سيرفع علم فلسطين على أسوار القدس، عاصمة فلسطين». ورحب عباس بالجهود الدولة والأوروبية، بما فيها المبادرة الفرنسية الداعية الى تشكيل مجموعة دعم دولية لتحقيق السلام، وأشار إلى قرار الجامعة العربية الأخير في شأن تأييد إصدار قرار في مجلس الأمن يتضمن المعايير الواضحة والإطار الزمني لإنهاء الاحتلال. وطالب الأممالمتحدة بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وتدعو فرنسا الى انشاء «مجموعة اتصال» دولية تتالف من اعضاء مجلس الامن التابع للامم المتحدة ودول عربية والاتحاد الاوروبى بهدف احياء عملية السلام. وكانت تريد الدفع باتجاه قرار لمجلس الامن الدولى يحدد الخطوط العريضة والجدول الزمنى للمحادثات لكنها تخلت عن الفكرة مع عدم ظهور بوادر تذكر على توافق. من جانبه طالب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله مؤسسات المجتمع الدولي لاسيما الأممالمتحدة بتحمل مسؤولياتها في إنقاذ حل الدولتين, داعيا الدول المانحة إلى الإيفاء بإلتزاماتها المالية لإعادة إعمار غزة. وحث الحمد الله خلال مشاركته في اجتماع المانحين بنيويورك الدول المانحة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه إعادة إعمار قطاع غزة والاستمرار في دعم الميزانية لتمكين الحكومة من الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه المواطنين خاصة في القدس الشرقية وقطاع غزة. وأكد خلال الاجتماع الذي جاء عقب مراسم رفع العلم الفلسطيني في مقر الأممالمتحدة أن رفع العلم الفلسطيني في الأممالمتحدة كان «بمثابة رفع لهويتنا الوطنية أمام العالم» وك»خطوة رمزية لها دلالة كبيرة على مساعي القيادة في تدويل القضية الفلسطينية وصولا إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس». وحذر الحمد الله من أن التصعيد الإسرائيلي العسكري تجاه المواطنين الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية والمسيحية ومخططات الحكومة الإسرائيلية بتهويد المسجد الأقصى وتقسيمه زمانيا ومكانيا وسياسية التهجير القسري وجرائم المستوطنين بحق المواطنين «سيجر المنطقة بأكملها إلى نتائج لا تحمد عقباها»مجددا مطالبته بتوفير حماية دولية للمواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم وحماية المقدسات من المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تهويدها.