أحيانا يندم الواحد منا على أنه تنبأ بشيء ما، وعندما يتحقق يتمنى لو أنه فشل في الخوف وفي العاطفة وفي العقل. منذ 27 نونبر 2010، والخوف السائد على منظمة فدرالية جميلة، مهددة بنهاية أسطورتها في كل لحظة، يزداد ويتعاظم. ونحن اليوم لا يمكن سوى أن ندافع عن حقنا في اليأس وحده لا شيء غيره. ربما هو كلام شاعر لا يعيره المحاسبون انتباها، لكنه يشفع له الصدق لا غيره. وربما آن لأمثالنا أن يسخروا بصوت عال من كل الحسابات التي يرويها الأنانيون لذواتهم ويرويها السياسيون لأحلامهم. وآن لأمثالنا أن يكفوا عن التنبؤ، لأننا لا نسدد شيئا أحسن من تسديدة الفاجعة لقلوبنا. أعيد نشر هذا العمود بعد أن مر عليه شهران متتابعان. وأتمنى ألا يكون تنبؤا آخر مرة أخرى! الفيدراليات، الفيدراليون، لهذه الأسباب، أنتم الأمل تجتمعون اليوم ، في عرس نضالي هو الوحيد القادر الآن على إعطاء دفعة هواء إلى رئاتنا المبتلة بالسخام السائد. إنكم اليوم العنوان الكبير للأمل، وليس مسموحا أبدا أن تخضعوننا لأجندة اليأس. ليس أمامكم سوى أن تكونوا في مستوى طموحنا. محكوم عليكم بالنجاح، ومحكوم عليكم بالسعادة النضالية، ومحكوم عليكم بالفوز. لا لشىء إلا لأنكم اخترتم أن تكونوا كوماندو الأمل، وفيلق الشهامة، وكتيبة التقدم والعاطفة الكفاحية. لا لشيء إلا لأنكم النقابة الوحيدة المتبقية في هذا المشهد الذي يشبه ساحة حرب خاسرة حولكم! لينظر الفيدرالي والفيدرالية إلى محيطهما القريب: ليس هناك اليوم منظمة تقدمية وديموقراطية تحظى بما تحظى به الفيدرالية من توازن وتماسك، ولعل ذلك أحد أسباب الإغراء وقوة الجاذبية. فلينظروا إن هم تشابهوا مع محيطهم أنهم لن يعودوا بنفس الجاذبية. رجاء، لا تشبهوا ولا تتشبهوا بهذا الفراغ القاتم حولكم، لا تتشبهوا باليتم الشامل، وبتناسل الفجيعات.. إن الفخاخ اليوم كثيرة الأسماء: فخ لا يسمى فخا حتى لا يفضح، وفخ يتقدم متنكرا في أشياء تحبونها. وفخ يتقدم كالسم في الدسم. لأنكم عقلانيون وبسطاء وحقيقيون، لا تنسوا أنكم مزعجون، لهذا لن يتركوكم، لن يتركوكم، وسيجتهدون كثيرا في نصب الفخاخ، فلا تحبونهم واحفظوا أضلاعكم واحفظوا أرواحكم من الزكام الذي يلوث هواءنا المشترك منذ مدة.. حافظوا على مناعتكم حتى لا نصاب بالنزيف.! إن التجارب علمتنا أن اندلاع أزمة يفتح الباب لمتوالية من الأزمات التي تزيد من استفحال العجز والانفصال عن المجتمع، وتكسير الصورة المتعاطفة لدى الرأي العام. ليس هناك من فضاء محصن بالتعددية والتدبير الخلاق للتنافس، وبالانتماء الجماعي الى الفكرة النقابية الحداثية الديموقراطية، إلا الفيدرالية. وهذا معناه أنه لن يغفر لنا ما تبقى من الرأي العام المنشغل بالعمل التطوعي والإرادي أن نفسد عليه الأمل في الارتقاء بما هو موجود، إلى مكانة أسمى.. الاستراتيجيات الفردية ليست الخطيئة الوحيدة التي بدأت تنخر الأمكنة التقدمية والمناطق المواطنة، لكنها الأخطر وهي الوباء.. وهي امتثال الروح إلى الجثة وهي مقدمة الخروج من النبل إلى الأنانية.. إن الاستراتيجية الفردية هي الحركية المناهضة لتوجه التاريخ، والتيار المعاكس لمطامح الجماعات .. الشرط الضروري لاشتغال المجتمع المتحضر هو التجمعات التي تسير بدون الحاجة الى أزمة لكي تتطور. مازالت النقابة الوحيدة التي تستقطب الاهتمام من طرف الأجيال السابقة ومن طرف الأجيال اللاحقة، وتتسع لتيارات فكرية لا يجمعها سوى الانتماء الواضح الى معسكر المدافعين عن مصالح نقابة لا تخشى أن تخضع للقانون، كما لو أنه أصبح بطولة أن يطالب أحد بقانون للنقابات، وآخر للإضراب وثالث للتنظيم. أعرف أنكم أحرص منا جميعا على أناقة الروح الفيدرالية، أعرف أنكم أنظف من كل المصحات المفتوحة اليوم في المغرب للموت بمساعدة الأطباء المغشوشين، أعرف أنكن وأنكم حماة ما فينا من جميل، لكن من يحميني من اليأس إلا حبكم؟ ومن يحمينا من الخوف إلا الخوف عليكم؟ أعرف، لكن مناضلا بلا قلب يكون كائنا خطيرا. أيها القادمون من تخوم الفؤاد، ومن جغرافيا الوطنية، أيتها الحارسات الأمينات لنارنا، والواقفات على جبهة التحديث بلا مواربة، أيها الأمناء الصادقون، وأيتها الأمينات الصادقات، أنتم، أنتن اليوم على جبهة محفوفة بوجلنا، فكونوا كما أنتم، عظماء كما أنتم. إن كرامتكم وعزتكم شرطنا للوجود الكبير لكي تبقى الفكرة الجماعية، قائمة.. وسط الشك لنا ابتهال واحد، أن تنتصروا . تلك صلاة النقابيين على ما يحيط بهم ..! دوموا رائعين ورائعات. لنا وللبلاد السعيدة! 11/27/2010