وكالات حل رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، بعد ظهر يوم السبت بمدينة طنجة، في زيارة صداقة وعمل رسمية للمملكة المغربية، بدعوة من جلالة الملك، يرافقه وفد هام يتكون من لوران فابيوس وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، وسيغولين روايال وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة، ونجاة فالو بلقاسم وزيرة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث، ومريم الخمري وزيرة العمل والتشغيل والتكوين المهني والحوار الاجتماعي، وجون ماري لوغن كاتب الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وإليزابيث غيغو نائبة برلمانية عن منطقة السين- سان دوني رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية، وميشيل فوزيل نائب برلماني عن منطقة بوش دي رون نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية. كما يضم الوفد جاك لانغ وزير سابق، رئيس معهد العالم العربي، والجنرال دارمي بونوا بوغا رئيس الأركان العامة الخاص لرئيس الجمهورية الفرنسية، و جاك أوديبير المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي ومسؤولين آخرين وبعد وصوله الى مطار طنجة ابن بطوطة أكد رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، أنه تحدوه رغبة كبيرة في أن يدخل المغرب وفرنسا "مرحلة جديدة من الشراكة". وقال هولاند، في تصريح للصحافة " قدمت إلى طنجة في إطار زيارة عمل وصداقة تم الاعداد لها منذ عدة أشهر، وتحدوني الرغبة في أن يدخل البلدان مرحلة جديدة من الشراكة". وأضاف أن "المغرب وفرنسا تجمعهما العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، الاقتصادية منها والثقافية واللغوية، كما يجمع البلدان ليس فقط تاريخ طويل مشترك بل وايضا المستقبل المثمر جدا". وقال الرئيس الفرنسي بالمناسبة "منذ زيارتي للمغرب قبل سنتين حقق البلدان معا تقدما كبيرا بعد مرحلة صعبة، ونسعى معا إلى أن نعطي لهذه الزيارة بعدا دوليا، لأن المغرب وفرنسا يمتلكان إرادة للعمل سويا في إفريقيا ومكافحة الإرهاب، الذي لا يزال يشكل بالنسبة لنا مصدر قلق كبير". كما أبرز الرئيس الفرنسي أن المغرب وفرنسا يجمعهما "رابط خاص وذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر حول التغييرات المناخية (كوب)، الذي سينعقد بباريس في دجنبر القادم، والذي سيستضيفه مجددا المغرب بعد فرنسا"، مضيفا أن "ما سيتم انجازه والقيام به في باريس سيكون قد تم التحقق منه ارتباطا بالالتزامات التي تم التوقيع عليها في مراكش". وبعد أن أعرب الرئيس الفرنسي عن ثقته الكبيرة في أنه، بعد هذه الزيارة للمملكة والزيارة التي سبقتها قبل نحو سنتين، فإن الروابط التي تجمع المغرب وفرنسا "ستتقوى أكثر فأكثر وستزداد تماسكا وقوة"، أشار الى أن "العلاقات الانسانية القائمة بين البلدين "أمر واقع وقائم ، خصوصا وأن الكثير من الفرنسيين يقيمون في المغرب سواء للعمل به أو لقضاء عطلهم، كما أن العديد من المغاربة يستقرون في فرنسا". وكانت الرئاسة الفرنسية، أكدت أن المغرب يعتبر فاعلا أساسيا في تعبئة القارة الإفريقية، في أفق المؤتمرين الدوليين حول المناخ اللذين ينظمان، على التوالي، بكل من باريس (دجنبر 2015) ومراكش في 2016. وقالت الرئاسة الفرنسية، في بيان نشر بالمناسبة إن المغرب يضطلع بدور إيجابي في ما يتعلق بهذا الموضوع بإفريقيا. كما أكدت الرئاسة الفرنسية أن المغرب يعتبر فاعلا أساسيا على مستوى الاستقرار الاقليمي. وأضافت في وثيقة نشرتها بالمناسب أن هذه الزيارة ، تمثل فرصة لتأكيد التزام البلدين في مجال مكافحة الارهاب. واعتبرت الرئاسة الفرنسية أن دعم المغرب للمبادرات التي تنهجها فرنسا على المستوى الدولي ، يكتسي طابعا أساسيا. وبعد أن ذكرت بالروابط التي تجمع المغرب ببلدان غرب إفريقيا ،والبلدان العربية ، خاصة بلدان الخليج، أكدت الرئاسة الفرنسية أن منطقة غرب افريقيا تحظى بالأولوية في السياسة الخارجية المغربية ، مشيرة الى أن المملكة تقيم مع دول هذه المنطقة علاقات تتميز بالقرب الثقافي واللغوي والديني. وتابعت الرئاسة الفرنسية أن العلاقات الاقتصادية جد قوية على اعتبار أن المملكة تعتبر أول مستثمر بإفريقيا الغربية ، حيث تتواجد عدة مقاولات مثل اتصالات المغرب، والخطوط الملكية المغربية والتجاري وفا بنك ، مشيرة الى أن المغرب يحتضن العديد من المهاجرين والطلبة من المنطقة. وأضافت الوثيقة من ناحية أخرى ان المغرب تجمعه علاقات قوية ومثمرة مع بلدان الخليج وخاصة مع المملكة العربية السعودية، والامارات العربية المتحدة. وأكدت الوثيقة أن المغرب الذي سيحتضن في مارس 2016 قمة الجامعة العربية ، يضطلع بدور هام على الساحة العربية وقد أجرى جلالة الملك بقصر مرشان بطنجة، مباحثات رسمية مع فرانسوا هولاند، وتناولت هذه المباحثات، الإرادة والطموح المتجدد، الذي يحذو البلدين ، في تقوية الشراكة الاستثنائية التي تربط المغرب وفرنسا. كما كانت مناسبة للإشادة بالمرتكز التاريخي القوي للشراكة المغربية الفرنسية، والتأكيد مجددا على الأفق الطموح والتوجه الريادي والطلائعي لهذه الشراكة على المستوى الأورو متوسطي و الأورو إفريقي. ويتعلق الأمر، على الخصوص، بالتطور النوعي للشراكة الثنائية التي جسدتها مشاريع ثنائية كبرى، تحمل دلالة رمزية كبيرة، وقوية من حيث مضمونها الاقتصادي ، كما هو الشأن بالنسبة للقطار فائق السرعة ، والشراكات الصناعية في قطاعات السيارات، وكذا في قطاع الطاقات المتجددة. وتقع أيضا في صلب هذه الشراكة الثنائية المواضيع المركزية للشباب والتكوين، وهي المجالات التي تم فيها إحراز تقدم هام في إطار هذه الشراكة. وقد تجسدت محاربة الارهاب والتطرف، كبعد هام في الشراكة بين البلدين، خاصة من خلال التوقيع على اتفاقية ثنائية تتعلق بتكوين الأئمة الفرنسيين بالمغرب، الشيء الذي يعكس بشكل كبير نجاعة النموذج المغربي في تدبير الحقل الديني. وقد وقعت هذه الاتفاقية من طرف لوران فابيوس، وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، وأحمد التوفيق وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية. وفي ما يتعلق بإشكالية التغيرات المناخية، جدد البلدان، اللذان سيترأسان المؤتمران المقبلان للأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 21 و كوب 22) عزمهما العمل على توحيد جهودهما حتى يتمكن المجتمع الدولي من إيجاد الأجوبة الملاءمة والمناسبة لهذا الرهان العالمي. كما يشكل لقاء القمة بطنجة فرصة لمواصلة الحوار الاستراتيجي بشأن القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز وضع المملكة المغربية كفاعل اقليمي محوري، وشريك ذي مصداقية ومسموع، بخصوص كافة القضايا والتحديات التي تعترض الفضاء العربي المتوسطي وإفريقيا. وفي هذا الصدد، فإن ضرورة التوصل بشكل سريع من طرف المجموعة الدولية من أجل مواكبة و دعم مسلسل الصخيرات بين الفرقاء الليبيين على أساس ما تم إحرازه من تقدم مشجع على الحوار الليبي - الليبي، يشكل انشغالا مشتركا للبلدين. كما أن التحديات المرتبطة بظاهرة الهجرة بين افريقيا وأوروبا، و التجربة النموذجية للمملكة في هذا المجال، تشكل عوامل ينبغي أن يكون معها التحكم في حركات الهجرة، إدماجيا، ومتعدد الابعاد، و يولي الاهتمام التام و الضروري لبعد تنمية افريقيا. وشكلت الزيارة الحالية للرئيس الفرنسي مناسبة لقائدي البلدين لاستعراض شامل حول الأزمات التي تهز بلدان منطقة الشرق الاوسط وبلدان منطقة الساحل والصحراء في افريقيا. وكان اللقاء مناسبة للإشادة بمساهمة المغرب الايجابية تحت قيادة جلالة الملك من أجل إحلال السلم والأمن في هذا الفضاء الجيوسياسي. وبمناسبة هذه الزيارة أشرف جلالة الملك ورئيس الجمهورية الفرنسية ، يوم السبت بحي مغوغة بطنجة، على تدشين ورشة صيانة القطارات فائقة السرعة، المشروع المهيكل الذي يحفز تبادل التكنولوجيات والخبرات بين المغرب وفرنسا. وتشكل هذه الورشة، المنجزة باستثمار إجمالي قدره 640 مليون درهم، جزء من مشروع الخط فائق السرعة طنجة- الدارالبيضاء الذي يشمل، أيضا إنجاز خط حديدي جديد طنجة-القنيطرة بطول 200 كلم مزدوج وموصول بالتيار الكهربائي، وبناء قاعدتين للأشغال بكل من القنيطرة واثنين سيدي اليماني، وتهييئ منشأتي محطتين (محطتي السكة الحديدية بالقنيطرةوطنجة)، واقتناء 12 قطارا فائق السرعة، وبناء محطات جديدة للخط فائق السرعة بكل من طنجة، والقنيطرة، والرباط- أكدال، والدارالبيضاء المسافرين. وكمرحلة أولى سيعمل المركز الجديد للصيانة، المنجز على بعد بضع كيلومترات من محطة نهاية السير طنجة، على إعادة تركيب عناصر القطار فائق السرعة المستقدمة من مصانع "ألستوم" بلاروشيل (فرنسا)، وذلك عبر ميناء طنجة المتوسطي. وسيتكفل بعد ذلك، في مرحلة ثانية، لاسيما عند مرحلة الاستغلال، بعمليات المراقبة وإصلاح القطارات فائقة السرعة. وقد استقبلت ورشة مغوغة قطارين فائقي السرعة، أولهما في يونيو الماضي وثانيهما بداية الشهر الجاري. حيث تم الشروع في تركيب مكونات هذين القطارين مباشرة بعد الاستلام. وقد جهزت هذه الورشة، التي انجزت طبقا للمعايير الدولية من طرف تجمع للمقاولات الوطنية، بمعدات وتجهيزات متطورة ، للقيام بمختلف مستويات الصيانة التي يمكن أن تشمل في نفس الوقت عمليات المراقبة خلال الاستغلال ، وعمليات الصيانة الدورية للمكونات ، والفحوصات الميكانيكية المنتظمة وتعويض القطع. وتشتمل الورشة (14 هكتار)، التي تقدر طاقتها ب 30 قطارا، بالخصوص، على بنايات تقنية وإدارية (20 ألف متر مربع)، و14 سكة مكهربة بطول 10 كيلومترات مع تشوير مركزي مزود بمركز معلوماتي للتحكم، ومحطة للغسل، وورشات متخصصة. وبالنسبة لاستغلال الورشة والقيام بصيانة القطارات فائقة السرعة، دخل المكتب الوطني للسكك الحديدية في مشروع مشترك مع الشركة الوطنية للسكك الحديدية (فرنسا)، حيث يتمثل هدف الشريكين في استثمار خبرة الشركة الوطنية للسكك الحديدية، والمساهمة في ضمان استغلال آمن ومنتظم للقطارات فائقة السرعة، وتمكين المكتب الوطني للسكك الحديدية من التعزيز المتدرج لقدراته في هذا المجال. وفي متم شهر غشت 2015، بلغت النسبة الإجمالية لتقدم الأشغال بمشروع القطار فائق السرعة 75 بالمائة، وينتظر الشروع في الاستغلال التجاري للخط عند النصف الأول من سنة 2018. ويندرج هذا المشروع الضخم في إطار المخطط التوجيهي للخطوط فائقة السرعة الذي يروم إنجاز شبكة بطول يناهز 1500 كلم، والتي تتألف من المحور "الأطلسي" طنجة- الدارالبيضاء- أكادير، والمحور "المغاربي" الرباط- فاس- وجدة. ويشكل مشروع خط القطار فائق السرعة طنجة- الدارالبيضاء، الذي رصدت له استثمارات هامة، الشطر الأول من المخطط التوجيهي ، حيث يروم تحسين عرض الخدمات من خلال تقليص مدة الرحلات وتوفير أكبر قدر من الراحة والأمن لمستعملي القطار. وهكذا، سيتيح خط القطار فائق السرعة طنجةالدارالبيضاء، تقليصا هاما في مدة الرحلة (طنجة- الرباط في ساعة و20 دقيقة عوض 3 ساعات و45، وطنجة- الدارالبيضاء في ساعتين و10 دقائق عوض 4 ساعات و45 دقيقة)، والرفع من عدد المسافرين على هذا الخط من ثلاثة ملايين حاليا إلى 6 ملايين مستقبلا، والتقريب والجمع بين الجهتين الأكثر دينامية في الاقتصاد المغربي، وهما القطب التاريخي الدارالبيضاء- الرباط والقطب الصاعد حول مدينة طنجة.