خصصت «قناة الجزيرة» بابا جديدا في بوابتها الإلكترونية أسمته ب «كشاف الجزيرة» و عمدت إلى نشر محاضر بعض جلسات المفاوضات التي قام بها موظفون فلسطينيون من الصف الثالث أو الرابع مع نظرائهم الإسرائيليين ما بين مارس 2008 و يناير 2010 على أن تعود إلى نشر باقي الوثائق تباعا، وهي محاضر محررة باللغة الانجليزية وموثقة المكان والزمان والمدة. يبدو أن حمى تسريبات الوثائق السرية و نشرها على أوسع نطاق ، قد وصلت العالم العربي. فعلى غرار «ويكيليكس» شرعت قناة الجزيرة القطرية الليلة قبل الماضية في نشر وثائق قدمتها على أنها «أكبر تسريب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي». وتتمثل هذه الوثائق في آلاف الصفحات من السجلات السرية الفلسطينية التي تغطي أكثر من عقد زمني من المفاوضات مع إسرائيل و الولاياتالمتحدة ، و هي الوثائق التي تقاسمتها حصرا مع صحيفة «غارديان» البريطانية. وقد نشرت الصحيفة البريطانية مضمون بعض هذه الوثائق في عددها لنهار أمس واعدة قراءها بنشر الباقي في الأيام المقبلة، مما سيكشف حجم التنازلات السرية التي قدمها المفاوضون الفلسطينيون في عدة قضايا بما في ذلك حق العودة للاجئين الفلسطينيين، و قضية القدس التي قال عنها المفاوض الفلسطيني صائب عريقات حينذاك - حسب الصحيفة و استنادا إلى تلك الوثائق- إننا أعطينا إسرائيل « أكبر أورشليم (و هو الاسم العبري للقدس) في التاريخ» من أجل حل أكثر النزاعات المستعصية في العالم. وذكرت الصحيفة البريطانية عن هذه الوثائق أن القادة الإسرائيليين بمساندة من الحكومة الأمريكية رفضوا هذا العرض قائلين أنه غير كاف. وفي نهاية المقال - الذي عنونته ب «رسالة الانتحار الأطول في التاريخ» - تعرض الصحيفة صورة متشائمة بشأن المستقبل قائلة: «ربما ستواصل السلطة الفلسطينية البقاء ك»مشغل» ولكن بدءا من اليوم فإن شرعيتها قد انتهت في الشارع الفلسطيني كمفاوِضة، ومن الممكن أن يختفي معها حل الدولتين أيضا». وبحسب الصحيفة فإنه من أجل إنقاذ فكرة حل الدولتين، يجب أن تحصل ثلاثة أمور: «الأول أن تزيل الولاياتالمتحدة الفيتو عن محادثات المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية والموافقة على اقتراح حركة حماس بوقف إطلاق النار لمدة سنة؛ والثاني تشكيل طاقم فلسطيني يمثل كافة الفصائل؛ والثالث على إسرائيل أن توافق على إقامة دولة فلسطينية في حدود 67 وليس حولها». وتخلص الصحيفة إلى القول إن البديل هو «إفساح المجال للورم السرطاني للدولة الواحدة غرب نهر الأردن أن يتوسع ويستعد للحرب القادمة». أما قناة الجزيرة القطرية فقد خصصت بابا جديدا في بوابتها الإلكترونية أسمته ب «كشاف الجزيرة» و عمدت إلى نشر محاضر بعض جلسات المفاوضات التي قام بها موظفون فلسطينيون من الصف الثالث أو الرابع مع نظرائهم الإسرائيليين ما بين مارس 2008 و يناير 2010 على أن تعود إلى نشر باقي الوثائق تباعا، وهي محاضر محررة باللغة الانجليزية وموثقة المكان والزمان والمدة. كما بدأت التذييع في برنامج «حصاد اليوم» حيث أفادت «الوثائق» أن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أعلن رفضه لأي علاقة للأردن بالقدس وتأكيده على حرص الجانب الفلسطيني على التنسيق مع الأردن ومصر حول القضايا المطروحة للتفاوض. وأشارت «وثائق الجزيرة» الى أن المفاوض احمد قريع، رئيس وزراء السلطة الأسبق، عرض التخلي عن المطالبة بإزالة المستعمرات باستثناء مستعمرة جبل ابو غنيم، وشدد قريع على أن هناك مصلحة فلسطينية - إسرائيلية مشتركة للإبقاء على بعض المستعمرات. وبالنسبة للعلاقة والخلافات بين السلطة الفلسطينية وحماس التي تسيطر على قطاع غزة، تشير الوثائق إلى دعوة السلطة الفلسطينية إسرائيل إلى تشديد الحصار على قطاع غزة وتضييق الخناق على حماس. كما تضمنت «وثائق الجزيرة» معلومات تفيد بان قريع دعا وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيفي ليفني الى احتلال محور فيلادلفيا بقطاع غزة. وبحسب إحدى الوثائق فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان على علم بنية إسرائيل شن عدوان الرصاص المصبوب على قطاع غزة في نهاية عام 2008. من جانبه انتقد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات خلال حديثه لقناة «الجزيرة»، لعدم اطلاعه على الوثائق وسؤاله عن صحتها قبل عرضها ومناقشتها معه ومع ضيوف البرنامج الآخرين. وقال: «إننا لم نتخل عن أي من مواقفنا». وتساءل عريقات: «لماذا لم توقع إسرائيل على اتفاقية مع السلطة الفلسطينية إذا قدمت لها كل تلك التنازلات التي تشير إليها الوثائق». ولم ينف أو يؤكد صحة تلك الوثائق بشكل مباشر وصريح، مشيرا إلى تقديم الوثائق لمصر والسعودية والأردن وقطر ومناقشتها والخرائط مع تلك الدول العربية. وأكد على أن القدسالشرقية عاصمة لفلسطين، والقدسالغربية عاصمة لإسرائيل. ومن جهتها اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية حماس أمس الاثنين وثائق المفاوضات الاسرائيلية- الفلسطينية بال»خطيرة» وتدل على «تورط» السلطة الفلسطينية في محاولات تصفية القضية الفلسطينية. وقال سامي ابو زهري الناطق باسم حماس في تصريح صحفي إن هذه «الوثائق السرية خطيرة للغاية وتدلل على تورط سلطة فتح في محاولات تصفية القضية الفلسطينية خاصة في ملفي القدس واللاجئين». وأشار الى ان الوثائق تدل ايضا على «التورط ضد المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة والتعاون مع الاحتلال في الحصار المفروض على غزة والتورط في الحرب في نهاية 2008 وبداية 2009. من جهة أخرى، نفى مسؤول اسرائيلي كبير الاثنين ان يكون وجه تحذيرا محددا عام 2008 للسلطة الفلسطينية بخصوص شن اسرائيل هجوما على غزة، مكذبا بذلك ما أوردته قناة الجزيرة القطرية نقلا عن وثيقة «سرية». وقال الجنرال الاحتياطي عاموس جلعاد مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الاسرائيلية «هذا مثال على عدم الدقة. لم يتم نقل أي تحذير ملموس بخصوص هجوم الى السلطة الفلسطينية». وتؤكد إحدى الوثائق ال1600 التي كشفت عنها قناة الجزيرة ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبلغ من قبل جلعاد «بنية إسرائيل شن هجوم على غزة» في نهاية 2008 كما ذكرت المحطة. وأضاف جلعاد الذي كان آنذاك مساعد منسق الأنشطة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية «لم اقل شيئا للرئيس عباس لم اقله للعالم اجمع: إنه ليس بإمكاننا التسامح مع استئناف إطلاق الصواريخ وهجمات إرهابية أخرى ضد أراضينا». ومعلوم أن التهديدات الإسرائيلية ضد قطاع غزة كانت متواترة في تلك الفترة ، لدرجة أن أصغر متتبع للوضع كان يتوقع أن تعمد إسرائيل إلى شن هجوم كاسح ضد غزة حتى أنه من بين الانتقادات التي وجهت لقيادة حماس آنذاك هو مساءلتها عن السبب الذي دفعها إلى تنظيم استعراض عسكري في مكان مفتوح بغزة، رغم توالي التحذيرات و الإنذارات الإسرائيلية، مما جعل الاستعراض هدفا سهلا للطائرات الإسرائيلية وخلف عددا كبيرا من القتلى و الجرحى. وفيما توالت ردود الفعل المختلفة ما زالت الحكومات المعنية تدرس الوثائق المسربة و المنشورة للحكم بصحتها أو عدمه، بينما يتساءل الكثير من المتابعين و القراء عن مصدر هذه الوثائق وعن توقيت نشرها في هذا الوقت بالذات وأنها «لا تخدم سوى الأجندة الإسرائيلية».