يعد وجود قاعدة قوية من لاعبي كرة القدم، الذين يتم تنشئتهم محليا، وتوفير الرعاية اللازمة لهم أحد الأسباب وراء الانتصارات الضخمة، التي حققتها بعض المنتخبات الوطنية مؤخرا، مثل منتخبي إسبانيا وألمانيا، ولكن الوضع يبدو مغايرا بالنسبة لإيطاليا، في ظل تفوق عدد اللاعبين الأجانب على اللاعبين الإيطاليين في معظم الأندية الكبيرة بهذا البلد. وأصبح أكثر من نصف عدد لاعبي دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم (كالتشيو) من الأجانب، وقد يبدو هذا مؤشرا إيجابيا لهؤلاء الذين يرغبون في مشاهدة كرة القدم وهي تتحول للعبة أكثر عالمية. ولكن أنطونيو كونتي، مدرب المنتخب الإيطالي (الآزوري)، والذي يراه البعض مغاليا بشكل أكبر في النزعة الوطنية، يرى الأمور بشكل مختلف وهو ما يتضح من اختياراته لقائمة فريقه، والتي ضمت 28 لاعبا استعدادا لمباراتيه أمام مالطا أمس الخميس في فلورنسا وأمام بلغاريا يوم الأحد المقبل في باليرمو، ضمن التصفيات المؤهلة لبطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2016) . وأصبح اللاعبون الإيطاليون بمثابة أقلية في فرق الدوري الإيطالي حاليا، وهو ما قد يثير غيرة وحسد كونتي تجاه مارشيلو ليبي، مدرب المنتخب الإيطالي، الفائز بلقب كأس العالم 2006 بألمانيا، حيث أحرز ليبي اللقب عندما كان ثلثا لاعبي الدوري البارزين إيطاليين . وعندما شاهد كونتي مباريات الدوري الإيطالي، التي أقيمت مطلع هذا الأسبوع لاختيار قائمة فريقه، كان عليه اختيار القائمة من بين 45 لاعبا فقط، حسبما أفاد المركز الدولي للدراسات الرياضية، والذي يتخذ من نيوشاتل في سويسرا مقرا له. ووجدت الشكاوى المتكررة لكونتي من ضيق مساحة الاختيار المتاحة أمامه دعما وتأييدا من الاتحاد الإيطالي للعبة، والذي وضع في نوفمبر الماضي قواعد جديدة تقضي بتحديد عدد اللاعبين في قائمة كل فريق بدوري الدرجة الأولى الإيطالي ب 25 لاعبا فحسب، كما حدد الاتحاد أربعة لاعبين ترعرعوا في إيطاليا وأربعة من قطاع الشباب بالنادي في قائمة كل فريق. وفي ظل آماله بأن تكون هناك آثار إيجابية لهذه القواعد الجديدة، قد لا يجد كونتي رغبى كبيرة في مشاهدة مباريات أنتر ميلان ولاتسيو وفيورنتينا، التي تعتمد دائما على تشكيلة أساسية تخلو تماما من اللاعبين الإيطاليين، وكان نحو 80 بالمائة من التشكيلة الأساسية لهذه الفرق في 2014 من اللاعبين الأجانب. واقتصرت نسبة اللاعبين الإيطاليين الأصليين في تشكيلة يوفنتوس، حامل لقب الدوري الإيطالي في الموسم الماضي، على 50 بالمائة فقط، في حين ارتفعت هذه النسبة في سبعة فقط من الأندية العشرين في الدوري الإيطالي. ونتيجة لهذا، افتقد الآزوري للدماء الجديدة مما دفع كونتي إلى استمرار الاعتماد على ثلاثة من اللاعبين المخضرمين الفائزين مع الآزوري بلقب مونديال 2006. ولم يقترب أي حارس إيطالي حتى الآن من مستوى جانلويجي بوفون 37 عاما، نجم يوفنتوس وقائد الآزوري كما لا يجد كونتي منافسا حقيقيا في وسط الملعب لكل من لاعبيه المخضرمين أندريا بيرلو، المتخصص في تسديد الركلات الحرة، ودانييلي دي روسي. وقال كونتي: "في مباراتي الفريق أمام كرواتيا والبرتغال خلال يونيو الماضي، كان بيرلو من أفضل اللاعبين في الملعب". ورحل بيرلو 36 عاما، عن صفوف يوفنتوس في يوليوز الماضي بعدما فاز مع الفريق بلقب الدوري الإيطالي في المواسم الأربعة الماضية، لينتقل إلى ناديه الحالي نيويورك سيتي الأمريكي. وينتظر أن يكون بيرلو ضمن صفوف الآزوري في يورو ، 2016 إذا تأهل الفريق للنهائيات بفرنسا. ومع غياب النجوم العالميين عن صفوف الآزوري خاصة في خط الهجوم، قد يفتح هذا الطريق أمام عودة ماريو بالوتيللي(25 عاما) إلى صفوف الفريق. وعاد المهاجم بالوتيللي ذو السلوك الجامح إلى صفوف ميلان الإيطالي هذا الصيف، بعد موسم مخيب للآمال في صفوف ليفربول الإنجليزي. وقاد بالوتيللي هجوم الآزوري في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، ولكنه خرج مع الفريق تحت قيادة المدرب تشيزاري برانديللي من الدور الأول للبطولة. وتتشابه آمال كونتي في وجود مزيد من اللاعبين الايطاليين، لتوسيع قاعدة الاختيار للمنتخب قبل المباريات والمعسكرات مع المشكلة التي واجهها برانديللي على مدار السنوات الأربع، التي تولى فيها قيادة الفريق. ورغم هذا، قال كونتي في برنامج حواري بالإذاعة الإيطالية يوم الاثنين، إنه ليس من المرجح بقوة أن يحظى المنتخب بأهمية. وقال برانديللي: "الأندية لديها قدرات فائقة، لديهم مصالح مالية حصرية وليس لديها اهتمام بالرياضة، ولهذا، أشعر بالتشاؤم الشديد، مررت بهذه التجربة بنفسي". وأضاف: "يكون الاهتمام فقط خلال فعاليات بطولة كأس العالم أو كأس الأمم الأوروبية، ولكن ليس هناك تخطيط، وليس هناك رغبة لاستعادة مكانة كرة القدم التي أرى أنها تتردى، من الصعب تصور المستقبل". وقال برانديللي، الذي أقيل من تدريب غالطة سراي التركي في نوفمبر الماضي، إنه يود رؤية برامج لمتابعة اللاعبين الشبان الواعدين على مدار فترات تتراوح من أربع إلى ثماني سنوات.