لم تعمل الجريمة الإرهابية، التي ارتكبها المتطرفون الإسرائيليون، بحرق رضيع فلسطيني، في نابلس، إلا تأكيد حقيقة المستوطنين الصهاينة أمام العالم، الذين يتزايد عددهم باستمرار، في إطار المخطط الإسرائيلي، الذي يشجع الاستيطان، كإستراتيجية توسعية، تتقاسمها كل الحكومات الإسرائيلية. جريمة إحراق الرضيع الفلسطيني، ليست سوى الوجه البشع، للوحش الهمجي، الذي يمثله الإستيطان، والذي أصبح زعماؤه ممثلين في الحكومة الحالية، التي يتزعمها بنيامين ناتانياهو، في إطار تحالف يميني فاشي. ويبدو واضحا أن زيادة عدد الهجمات التي يقوم بها المتطرفون من المستوطنين على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم ورموزهم الدينية، يدخل في إطار خطة إرهابية، تهدف إلى مواصلة ارتكاب العمل المؤامرة الصهيونية من أجل القضاء النهائي على الشعب الفلسطيني والاستحواذ على أراضيه. ورغم أن الحكومة الإسرائيلية كانت مضطرة، إلى الاعتراف ببشاعة جريمة إحراق الرضيع، تحت ضغط الرأي العام العالمي، فإن ما حصل ليس سوى النتيجة الحتمية لكل السياسات التي قادها الكيان الصهيوني، عبر تاريخه الذي ليس سوى تاريخ الاستيطان والإرهاب. كم من رضيع مات تحت القصف الإسرائيلي للفلسطينيين في غزة، كم من طفل فلسطيني مات برصاص الجنود الإسرائيليين، كم من منازل هدمت فوق رؤوس سكانها الفلسطينيين؟ أليس تاريخ الكيان الصهيوني سوى مسلسل من الذبح والقتل واغتصاب الأراضي والاحتلال، والتعذيب والسجن والاغتيالات... ما تبين من التطورات الأخيرة هو أن القناع أخذ ينكشف بشكل أكثر وضوحا على دور المستوطنين، الذين شكلوا عصابات مسلحة، أخذت تهاجم الفلسطينيين، بتشجيع من ناتانياهو، الذي لايخفي تشدده وتطرفه الصهيوني. لذلك، فإن الجرائم الإرهابية التي ترتكبها هذه العصابات لاتختلف عن تلك التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، ضد السكان العزل، ولايمكن إلا اعتبار كل هذه الأفعال، جرائم حرب، من الضروري أن تعرض على المحكمة الجنائية الدولية، كما أعلن عن ذلك الرئيس الفلسطيني، محمود عباس أبومازن. وماعلى الدول التي أدانت هذه الجريمة، والتي اعتبرتها عملا إرهابيا، إلا أن تكون منطقية مع هذا الوصف، وتدعم التوجه الفلسطيني، لمحاكمة الكيان الصهيوني، على جرائم الحرب التي يرتكبها. الآن هناك محاولة من طرف ناتانياهو، لاحتواء الجريمة، وتصريف تفاصيلها على المستوى الداخلي، من أجل إسكات أصوات الاحتجاج، التي عبر عنها حتى بعض الإسرائيليين في الداخل، من اليساريين ودعاة السلام، على أقليتهم، لذلك لابد للضغط أن يتواصل حتى تسير الأمور إلى مداها، لأن توجه الكيان الصهيوني يتعمق ضد الحقوق الفلسطينية، ورقعة الإستيطان تزداد اتساعا يوما عن يوم، والغلو الإسرائيلي، يلقى تشجيعا رسميا، والمستوطنون يتسلحون ويشكلون ميليشيات لن تتوقف عن ارتكاب مثل هذه الجرائم. إن المواجهة مع هذا الكيان الإرهابي، لابد أن تتخذ أوجها متعددة، من أهمها اللجوء إلى كل الآليات الدولية المتاحة من أجل عزله كدولة عنصرية استيطانية، تغتصب وتحتل أراضي شعب آخر، غير هذا ليس سوى كلام فارغ وتواطؤ دولي، يؤدي الأطفال والشعب الفلسطيني ثمنه.