عقد الخميس ببرشلونة ، بمبادرة من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الاسبانية ، وبتعاون مع منظمة الاتحاد من أجل المتوسط ، اجتماع رفيع المستوى حول الحوار بين الأديان والثقافات. وترأس حفل افتتاح الاجتماع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الاسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغايو ، والأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فتح الله السجلماسي ، ورئيسة مؤسسة أنا ليند إليزابيث غيغو ، والممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ناصر عبد العزيز النصر ، وفيصل بن عبد الرحمن بن معمر الأمين العام لمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. ويدخل هذا الاجتماع رفيع المستوى في سياق الأهمية المتزايدة التي يحظى بها الحوار بين الثقافات والأديان في المنطقة الاورو- متوسطية ، باعتباره واحدا من الروافد القوية من أجل تحقيق الاستقرار والسلم ومحاربة التعصب والتطرف، مع احترام قيم التعايش السلمي . وحضر هذا الاجتماع الذي عقد بمقر الاتحاد من أجل المتوسط، بمناسبة الذكرى ال 20 لمسلسل برشلونة، شخصيات دينية مرموقة من مختلف أنحاء العالم ، من أجل مناقشة وتقييم الآليات المستعملة من أجل تعزيز الحوار بين الأديان ضمن مقاربة سياسية متعددة الأطراف ومتجددة في الفضاء المتوسطي. وقال فتح الله السجلماسي في افتتاح الاجتماع إن الحوار بين الثقافات والاديان يتطلب جهدا جماعيا من أجل الوصول الى أهداف ملموسة تتجلى في إيجاد حلول لظاهرة التطرف والعنف والعنصرية . وأضاف أنه يتعين إعادة تنشيط مسلسل برشلونة بعد عشرين سنة من إطلاقه سنة 1995 لتعزيز الشراكة الأورو-متوسطية مضيفا ، أن التحديات التي تواجه الفضاء الاورو متوسطي ، بما فيها مكافحة الإرهاب والهجرة التي تجتاح منطقة البحر الأبيض المتوسط، تؤكد على ضرورة مواجهة هذه الظواهر من أجل تنشيط الفضاء الأورو-متوسطي. وأشار الى التحديات الكبرى التي اصبحت مطروحة على المنطقة الاوروبية والمتوسطية، أولها قضية الهجرة التي أصبحت تشكل الحدث الدرامي كل يوم بسبب المآسي التي تخلفها . وذكر في هذا السياق أن الاستقرار يمكن الحصول من خلال وضع ،ليس مجرد سياسات للتنمية المشتركة، ولكن شراكات حقيقية وسياسة استباقية مبرزا أنه يتوجب تعزيز التكامل والتآزر وتشجيع المشاريع الاقتصادية والصناعية الملموسة لخلق ديناميكية حقيقية ما بين بلدان الحوض المتوسطي وشركائهم الأوروبيين. وأشار في هذا الصدد، الى المشروع الاستراتيجي للجامعة الأورومتوسطية في مدينة فاس داعيا الى استلهام هذه التجربة في مجال حوار الثقافات والاديان. اما اليزابيث غيغو رئيسة مؤسسة انا ليند المتوسطية، فأكدت على ضرورة تضافر الجهود بين السياسيين والمجتمع المدني ورجال الدين من أجل دعم قضايا التسامح وقبول الآخر ونبذ العنف بكافة أشكاله. وشددت على ضرورة التنسيق بين المؤسسات الرسمية وهيئات المجتمع المدني من أجل نشر ثقافة الحوار بين جميع مكونات المجتمعات في الجنوب والشمال. وذكرت بمرور 20 سنة على مسلسل برشلونة مشيرة الى انه حان الوقت من أجل وضع شراكة حقيقية بين بلدان الجنوب والشمال مبنية على الحوار المشترك كطريق أمثل لمكافحة الإرهاب وانعدام الاستقرار والأزمات الاقتصادية وما يترتب عنها من مظاهر الفقر. ودعت إلى تسهيل عمليات التبادل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط ، وابتكار أساليب جديدة لتشجيع التعاون الثنائي وكذلك تيسير تنقل الأشخاص في المنطقة مشيرة إلى ضرورة وضع مقترحات ملموسة في هذا المجال وإحالتها على السياسيين لاعتمادها. أما غارسيا مارغايو وزير الخارجية الاسباني ، فركز على مسألة المصالحة والتعايش بين الديانات الثلاث مستعرضا تجربة إسبانيا بعد وفاة الجنرال فرانكو منتصف السبعينات. وأوضح أن الأطراف المتصارعة في إسبانيا اتخذت قرار التصالح في ما بينها حيث عقدت عدة اجتماعات تمخض عنها اتفاق مكن في ما بعد من إرساء مسلسل ديمقراطي مكن الجميع من التعايش في احترام كامل للمبادئ الديمقراطية. وركزت باقي التدخلات على خطورة الأوضاع في بعض البلدان خاصة سوريا والعراق وليبيا ، وكذلك على ضرورة تشجيع الحوار بين الثقافات والأديان دون إهمال الشق الاقتصادي الذي يتجلى في إرساء تعاون اقتصادي بين بلدان الجنوب والشمال من خلال اتفاقيات ملموسة من شأنها المساهمة في تنمية بلدان الجنوب.