الصباح مبلل بالمطبات وصباحي لا تكفيه تلك الأوراق المبعثرة ... وهذا الصباح لي أنا، ليس لأنه مشمس والأصوات الأخرى التي تأتي متتابعة تسكن حدائق الروح ..بل لآني حلمت البارحة بشوك وردة في يدي وبصورة ما منفلتة من جذر الريح ، كأني أنتقل الى جبل ما أو إلى شيء في جب غارق . استيقظت إثرها على صراخ انخلعت له الزوجة وهبت فزعة .. - أمالك أهذ الراجل...؟ فغر فاهي وكأن الأمر لا يعنيني البتة ، أن أظل شاردا لحظات ، أرخي عضلات ظهري من تعب مكان قاهر يكاد لا يفارقني ... - الصباح لله ... حلمت أني في نفس المكان النائي الذي كنت فيه سابقا هكذا أو خيل إلي.. كان التلاميذ قد دخلوا وملأوا القسم هرجا ، أزعج باقي الأقسام التي تعيش نفس الوتيرة ، ولجت الحجرة عابسا متوترا طلبت من أحدهم أن يكتب التاريخ ويمسح جناح السبورة الأيمن المملوء من درس البارحة .. أشار بعضهم الى زجاج النافذة المكسور والى ،،لم أعر للأمر اهتماما في الأول ، كثيرا ما تقع أمور مثل هذه او أكثر ..ابتسمت قليلا وأنا ألمح صديقي الذي وقف جنب باب القسم . - هل تعرف ما حدث البارحة بالفرعية ..؟ -...ههه - كسرت النوافذ وبعثرت الجذاذات وهناك بقايا من القاذورات وقنينات خمر وخضر و... الظاهر أن الحجرة كانت طول الليل في أحضان بعض السكارى..سأكتب تقريرا لإخبار المدير ونوقع ذلك.. لم أشأ أن أعطي الأمر أكثر من اللازم أعرف أنه عازم على استباق الأمور ومعالجتها بالتي يريد ويرتاح له والأمر خارج من يدي، قلت.. ليس عندي ما يسرق وان أعجبته الصور فليأخذها او ليقرأ بعض القصص أو ما دون في السجل اليومي أما الدفاتر الغير المصححة فهي مرمية أسفل القاعة.. لحظات ، آلمني منظر الحجرة والتلاميذ يكنسون ويجمعون كل ذلك في القمامة بتقزز.. قلت لنبدأ الدرس ودرسنا اليوم بعنوان- آداب.. وقفت جنب النافذة المكسرة أداريها لكي ينفلت مني غضب على الحثالة الذين يعيثون فسادا في الأرض وعن الواجب والمسؤولية والاحترام.. كان ثمة خط عريض وبالأحمر كتابة موجهة الى الأساتذة فقط ، مكتوبة بخط واضح قرأتها بتمعن ..ضحكت ..قلت .الأكيد أن أحد التلاميذ القدامى الحاقدين الذي فشلوا في متابعة الدراسة وأراد الانتقام بكتابة تعابير وجمل دنيئة و...مسحتها دون أن أخبر أحدا. بي سخط داخلي وتأسف واضح على ما آلت إليه الأوضاع.. فتحت الخزانة لكي أفاجأ بثعبان ، نعم ثعبان منطو ينظر الي بلهفة وأنظر إليه،،،بابتسامة خجولة ..مفزعة وصرخات تخرج متقطعة ..أأآيا ايااي أي. وهرعت هاربا والتلاميذ يتضاحكون.. حينها أطل برأسه المدور الصغير، كثر الهرج في القسم وصراخ الإناث أما الذكور فأحاطوا به ، كل يضرب ويضرب ويضرب..حتى سقط المسكين مضرجا بدمائه تحت السبورة ، حمله أحدهم بعصاي مرتخيا كحبل غسيل يخيف به الآخرين ..ورماه فوق الصبار الاخضر المتناثر قرب المدرسة بنشوة الكبار الذين فازوا عليه وعلي.. فيما أنا أبدو متعثرا ، خجولا لا يقوى على الخطو ..