يجد الموظفون أنفسهم مضطرين لشراء السكن الاقتصادي في ظل المضاربة التي تضرب سوق الأراضي . إلا أن هؤلاء الموظفون يجدون أنفسهم ضحية الابتزاز حيث يفرض عليهم دفع مبالغ مالية مسبقة تعرف ب « النوار Noir « يصل قدرها حوالي نصف الثمن الإجمالي ، فالمنعشون العقاريون يتعاقدون مع هؤلاء الموظفين بعقد مبدئي بثمن ، ثم يغير العقد النهائي بثمن آخر يتحدد في 250000 درهم بعد أن يكونوا قد استلموا من المشتري ثمنا مسبقا متفاوت يصل أحيانا إلى 150000 درهم وهذا دون احتساب الفوائد التي ستأخذها المؤسسات البنكية التي يلجا إليها الموظفون لاقتراض ثمن السكن حيث في المجمل يصل ثمن السكن إلى 650000 درهم مما يفقد هذا السكن اية قيمة اقتصادية فيتحول إلى كارثة بالنسبة لهؤلاء الموظفين الذين يجدون أنفسهم غارقين إلى الأعناق داخل جحيم القروض ، فاغلب هؤلاء الموظفين البسطاء لا تتعدى رواتبهم 4000 درهم . وتقف الدولة متفرجة على هذا الاستغلال البشع الذي يتعرض له المواطنون الباحثون عن سكن مما يرفع من معاناتهم بدل أن تتدخل الدولة لحمايتهم من الاستغلال خصوصا وان الدولة لم تلجا إلى السكن الاقتصادي إلا للتخفيف عن المواطنين . صمت الدولة عن هذا الاستغلال لا يعفيها من المسؤولية في حماية المواطنين خصوصا وأنها تقدم شروط تفضيلية للمنعشين العقاريين . المشكل أن هذا البناء لا يخضع لمراقبة صارمة حيث يجد المستفيدون أنفسهم ضحية سكن رديء من جميع المستويات ، فقد صرح مهندس بناء أن شركات البناء لا تنضبط لمعايير الجودة وكثيرا ما يتغاضى بعض المهندسون او التقنيون المتابعون لعملية البناء عن التجاوزات مقابل رشاوى حيث تلجأ هذه الشركات إلى التقليص والتلاعب في المواد المستعملة من اجل توفير هامش واسع للربح . وأكد مواطنون استفادوا من هذا السكن أن بعض الجدران عرفت شقوق ولم يمر على بناء هذا السكن إلا سنة واحدة كما أن بعض السقوف تسمح بتسرب المياه اضطروا إلى إصلاحها من جيوبهم احتجاج البعض من هم لم ينفع بعد تهرب المنعشين من تحمل المسؤولية . الذي يستغرب له المواطنون أين تتحدد مسؤولية الدولة ، ومن يتحمل مسؤولية حماية الموطنين في ظل هذه تجاوزات التي تهدد المواطنين في أرواحهم أمام بناء رديء ، وكيف تتحول الدولة إلى شريك في هذا الاستغلال الفاحش من خلال السكوت على هذا النهب المفضوح ولا تضع القوانين الصارمة لحماية الموطنين كما هو معمول به في العديد من الدول التي تفرض مراقبة وتتبع صارم فيما يخص البناء . وما هو مصير المواطنين الذين وجدوا أنفسهم ضحية بعد أن خسروا كل شيء من اجل سكن لا يساوي قيمة ما انفقوا ، وما هو مصير الشكايات التي توجه إلى وزارة الإسكان بصفتها المشرفة على هذا القطاع ، وهكذا تتحول الشعارات التي يقدمها بعض الوزراء فارغة ولا معنى لها في ظل هذه الفوضى العارمة . حيث يجد المواطنون أنفسهم داخل غابة من النهب من طرف المنعشين والابناك وبعض الإدارات ... باسم سكن اقتصادي ليس له من ذلك إلا الاسم ، وأمام حقيقة صادمة هي حقيقة سكن ابتزازي تشرعنه الدولة بصمتها وتجاهلها . الأكيد أن القيادة الفلسطينية اليوم في وضع لا تحسد عليه بعدما تركت لمصيرها المجهول و الذي ما هو إلا نتاج لسياسة الهرولة نحو العدو الصهيوني ووضعت في كماشة الإدارة الأمريكية التي لا يهمها سوى مصلحة و امن إسرائيل،فلا المجموعة العربية ممثلة في جامعة الدول العربية استطاعت التحرك و التوحد حول موقف عملي بعيدا عن أسلوب الإدانة و الاحتجاج و لا الرباعية خرجت عن إطارها الروتيني الذي لا يتعدى حدود أعضائها و لا الأممالمتحدة استطاعت أن تتحدى الفيتو الأمريكي الذي ظل على طول عمر الأممالمتحدة نفسها سيفا مسلطا على رقاب أبناء فلسطينالمحتلة و لا مشروع المصالحة الوطنية وجد طريقه إلى الحل رغم كل المجهودات التي تم بذلها في هذا الشأن.هو واقع مر و اليم في الوقت نفسه ،هي اللعنة التي أصابت الجسم الفلسطيني الذي لم يأخذ العبر و الدروس من التاريخ النضالي و السياسي الطويل و المرير،كل الخيارات فشلت في ردع العدو الصهيوني و لجمه عن مواصلة اعتداءاته على أبناء شعبنا في فلسطينالمحتلة و في إطلاق تهديداته للدول العربية و الإسلامية في لبنان و سوريا و إيران. نعيد اليوم طرح مأساة فلسطين في ظل هذا الواقع المر في محاولة اعتبرها-كواحد من أبناء هذا الوطن المكلوم ? عبثية كباقي القراءات التي لم تقارب للأسف الشديد مأساة فلسطين التي استبيحت بشكل كبير و أمام صمت عالم سلم بمقولة جيش إسرائيل الذي لا يقهر و ترك ليعبث بالأمن و السلم العربي يهدد من يشاء وقت ما شاء دون رادع و في غياب تام للمنتظم الدولي الذي انتفض من اجل حسن وترة ووثائق ويكيليكس و غيرها من التفاهات و انكمش و هو يرى و يشهد القذائف و الصورايخ تعاود السقوط على أبناء غزة في إشارة قوية ببدء عدوان جديد عليها تنذر باندلاع مواجهة غير متكافئة بالمرة على اعتبار الترسانة العسكرية التي يمتلكها العدو الصهيوني عبر هذا الدعم المادي و العسكري المتواصل الذي تقدمه الولاياتالمتحدةالأمريكية. في حقيقة الأمر أصاب بكثير من الدهشة و الاستغراب و أنا أقف على تصريحات بعض الإخوة في القيادة الفلسطينية التي لا تزال تمنى النفس باللجوء إلى الأممالمتحدة و هي تعي أكثر من غيرها أن لجوئها هذا لا يقدم و لا يؤخر من واقع الحال الممارس على أرض الواقع، كما أنها تعي أن الفيتو الأمريكي لها دائما بالمرصاد، فلماذا إذن هذه الهرولة و هذا المجهود و الذي من المفروض استثماره في تثبيت مشروع المصالحة بين فتح و حماس،إن الولاياتالمتحدةالأمريكية و من خلال سياستها الخارجية الثابت مع إسرائيل و المتغيرة مع الدول العربية و الإسلامية لا يمكنها فعل أي شيء سوى المزيد من الضغوطات على القيادة الفلسطينية في محاولة حثيثة لجرها إلى مفاوضات دون شروط مسبقة حتى في ظل التهديدات بشن حرب جديدة على غزة التي تدخل عامها الثاني و هي تحت حصار غاشم و ظالم حجب أبسط شروط الحياة اليومية للمواطن الغزوي.ما يؤلمنا حقا كمواطنين عرب هو أن هذا الكرم الحاتمي الذي خرج من بلاد الجزيرة قطر بمليارات الدولارات على فريق اسباني ساند لاعبوه عدوان إسرائيل على لبنان معتبرين أطفال لبنان مشروع إرهابي في حين ترك أطفال غزة دون دواء دون تمدرس و دون أكل إلا من الفتات ، و نقف في كنانة العرب على الانتهاء من بناء جدار فولاذي يحول دون تمرير السلاح إلى مقاومة أرى أنها دخلت لعبة التأمر على شعب يحاول أن يستمر في ممارسة فضيحة الحياة بوسائله الخاصة التي تبقيه كريما أبيا دون أن يمد يده إلى الآخرين ، هكذا مر عامنا في فلسطين أليما و ندخل آخر بزيادة الم دون أن يلوح في الأفق أمل بقرب انتهاء المأساة فلتستمروا في المفاوضات و ليستمر البناء و الاستيطان و كل عام و فلسطين بكل الجراح و الألم.