يكشف الأستاذ لحسن كرام صاحب مؤَلف «الذئاب الملتحية، الخديعة الكبرى«« في هذه الحلقات ألاعيب ومكر جماعة التوحيد والاصلاح وذراعها السياسي حزب العدالة والتنمية، وقدرتها على المناورة والتقية وتوزيع الأدوار بشكل متقن، خبرها لحسن كرام الذي كان مسؤولا عن تسويق صورة هذا التنظيم الذي يوظف الدين والاشخاص والظروف لمآرب شخصية. يكشف الاستاذ عن تحكم ما يسميه بجماعة التوحيد والإصلاح في كل شاذة وفاذة أو ما يسميه بالطابور الخامس، الذي يستبد ويدير كل شيء من وراء حجاب. كرام، العضو السابق في العدالة والتنمية، المتعدد المواهب، يروي في هذه الحلقات الرمضانية بأسلوب مضمخ بالافادة والتشويق والذهول، كيف حذر إخوان بنكيران في اجتماع رسمي من تداعيات الخطاب المتشدد الذي يروجونه والهوية التي رسمها الحزب في قانونه الأساسي وما يمكن أن ينتج عن ذلك من تشجيع للارهاب، إلا أن هذا التحذير لم يؤخذ بعين الاعتبار، قبل أن ترتفع الأصوات بعد أحداث 16 ماي 2003 مطالبة بحل هذا الحزب .. لم يخف المؤلف تحسره على الالتحاق بهذا الحزب، حيث قدم اعتذارا واضحا للشعب المغربي في مصنفه، كما حذر بالمثل من خديعة هؤلاء الذين يعملون على التحكم في مفاصل الدولة واستغلال الدين في السياسة، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا يهدد المجتمع المغربي ككل. وماذا عن حرية العمل الاجتماعي داخل الحقل الديني؟ {{ هذه المسألة في غاية الحساسية، ويشترط أن نراعي شيئين اثنين: الشيء الأول، وهو احترام الاشتغال دون تضييق، لكن في نفس الوقت، نعمل ونحرص على حماية المجتمع من استغلال العمل الجمعوي لأغراض تحيد عن ثوابت الأمة المغربية، وهي الاسلام السني المالكي المعتدل. وبطبيعة الحال، فالوصي على هذه القضية هي إمارة المؤمنين طبقاً للدستور المغربي، وأي خلل في هذه المعادلة سيهدد أهم عنصر للاستقرار في المغرب منذ أكثر من 1200 سنة، أي أن تخلق مؤسسات ربيبة لإمارة المؤمنين، وهو ما نراه في جماعة التوحيد والاصلاح، من خلال بعض الأشخاص، والأسماء التي تحدثت عن الفتوى كسلطة، وليس من حقها ذلك. إذ أن الذي من حقه الوحيد ممارسة الإفتاء هي مؤسسة إمارة المؤمنين عبر المجلس العلمي. هذه الأسماء هي أسماء وزعت عليها الأدوار، وهناك من ينفخ النفخ الساخن، وهناك من ينفخ النفخ البارد، وهي في آخر المطاف، مجرد توزيع للأدوار. فليعد المرء إلى التصريحات والقرارات التي تتخذ من طرف هؤلاء، ليعرف أن الأمر هو مجرد توزيع للأدوار، وإرسال إشارات سياسية للتفاوض والابتزاز وما إلى ذلك. ويختلط في هذا الابتزاز السياسي بالديني، إلى غير ذلك. ويصعب على الإنسان تركيب الصورة بشكل واضح، إن لم يكن ملماً بميكانيزمات تفكيرهم؟ ما هي الغاية التي تبتغيها جماعة «التوحيد والاصلاح» من وراء هذا التنازع حول إمارة المؤمنين؟ {{ العديد منهم يمارسون التقية، والتصريح بالموالاة لإمارة المؤمنين، لكن في الواقع، يتخفون، وهذه هي طبيعة جميع الحركات التي تستغل الدين، بل نجد هذه الجماعات هي انقلابية حتى على بعضها البعض. إذ جميع الجماعات والكيانات ذات التوجه الاستغلالي للدين هي انقلابية بطبيعتها. ولنعد إلى التاريخ الذي هو شاهد على ذلك، كما هو الحال بالنسبة للفتنة سنة 39 هجرية التي حدثت مع علي بن أبي طالب ومعاوية. وبعد ذلك، بين الأمويين أنفسهم، وبين الأمويين والعباسيين، والعباسيين وبعضهم البعض إلى الوصول إلى التاريخ الحديث، السودان نموذجاً وباكستان، إلى الجزائر ومصر. كيف صاغ الإخوان مشروعاً أخرجهم من القطرية إلى العالمية، في الستينيات يتم الانقلاب عليهم ويؤسس البعض جماعة الهجرة والتكفير، وقتل وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية في السبعينيات في مصر دائماً. وفي المغرب، كيف انقلب بنكيران على الشبيبة الاسلامية ثم انقلب على الجماعة الاسلامية، إلى آخره، وصولا إلى التوحيد والاصلاح، ومازال يتقلب في مواقفه وأفكاره. وبالتالي، فإن الفكر الانقلابي لهؤلاء هو فكر ثابت، عندما ينتهون من الانقلاب على الآخر، ينقلبون على بعضهم البعض.