يبدو قطعا أن مويس بوتان المحامي الفرنسي للشهيد المهدي بن بركة لم يتعب ولن يتعب أبدا من قضية اختطاف واغتيال عريس الشهداء المغاربة التي اعتبرها طول حياته منذ أول محاكمة في باريس سنة 1966 إلى يوم الجمعة 21 نونبر 2014 الذي جاء فيه للمغرب من أجل توقيع كتابه ?الحسن الثاني..ديغول بن بركة ما أعرف عنهم?، وذلك بنادي المحامين بالرباط. وخلال الستة أشهر الأولى من سنة 1964، توالت التجمعات الاحتجاجية والإضرابات في الجامعات ومظاهرات تلامذة الثانويات بالرباط والدار البيضاء وفاس وغيرها من المدن المغربية 367، أعقبتها موجة من الاعتقالات في صفوف الطلبة. وأغلقت بعض مقرات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في كثير المدن، واحتلت الشرطة البعض الآخر. ومع ذلك ظلت المنظمة قوية ثابتة في وجه القمع، ولم تتوان غداة صدور أحكام الإدانة في ?مؤامرة يوليوز? عن التنديد بالمحاكمة الجائرة مجددة تضامنها مع إبطال المقاومة، الفقيه البصرى ورفاقه. وفي فاتح ماي، تظاهروا إلى جانب العمال احتفالا بعيدهم السنوي، رافعين شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وعودة رئيسهم، ولكن دون جدوى. وفي مستهل شهر شتنبر، أخبر محمد الحلوي، الرئيس الجديد للإتحاد الوطني لطلبة المغرب، في أعقاب مؤتمر المنظمة التاسع المنعقد بالرباط 368، مجموعة من الصحفيين بمضمون رسالة وجهها إلى المؤتمرين الرئيس السابق حميد برادة الذي عين رئيسا شرفيا للاتحاد الطلابي. وقد رأى النظام في ذلك ذريعة كافية لاعتقال محمد الحلوي في 14 شتنبر على يد ثلاثة أفراد من الفرق الخاصة، اقتحموا مقر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب نفسه شاهرين سلاحهم، ودون أي أمر بالاعتقال! وفي الغد، صدر أمر بتفتيش المقر، قبل إغلاقه وبقائه تحت حراسة الشرطة. حظي محمد الحلوي بالسراح المؤقت يوم 16 شتنبر، ولكنه اعتقل من جديد في 18 شتنبر، أو بالأحرى اختطف في الطريق العام برفقة عضو من أعضاء المكتب التنفيذي، عمر الفاسي، من قبل مجهولين عمدا إلى تعصيب عينيهما قبل أن يقتاداهما إلى مكان مجهول، ثم إلى مفوضية الشرطة. وقدم الحلوي وحده للمحاكمة أمام محكمة عسكرية وأودع سجن الرباط. وفي 24 شتنبر بدأ قاضي التحقيق العسكري التحقيق ?المفصل? في القضية. ولم يصلني الخبر حتى الساعة الحادية عشرة صباحا! وكان زميلي الصديقي قد نصب أيضا محاميا إلى جانبي في هذه القضية، مساء ذلك اليوم! والحال أن كل الاستدعاءات التي توصلنا بها تؤكد أن التحقيقات ستبدأ في الساعة التاسعة (كذا !) والحال أن عمليات تفتيش مقر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لم تسفر عن أي أدلة تدين المنظمة ورئيسها. لهذا فصك الاتهام الذي وضعه القاضي للأمر بالمتابعة يبين تهافت القضية وعدم استنادها إلى أساس قانوني: ?قام قاضي التحقيق (...) بتفتيش مقرات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعثر فيها على كومة رماد و أوراق محروقة، مما يثبت أن وثائق مفيدة تتضمن معلومات مهمة قد أحرقت. وكان من الممكن أن تشكل الرسالة المعنية والوثائق المحروقة أدلة إضافية، وتتضمن معلومات هامة متعلقة بقضية برادة?. هكذا يتهم الحلوي ب? المشاركة في مؤامرة المس بالأمن الخارجي للدولة ?استنادا إلى?كومة رماد? وقد أخذته الشرطة على عدم تسليم رسالة برادة إلى السلطات، وتتهمه بالتالي بالتواطؤ معه.