تتسلق فعاليات مهرجان «موازين إيقاعات العالم»، الذي تحتضنه العاصمة الرباط إلى غاية الأحد 6 يونيو الجاري، سلم التألق العالمي بثقة كبيرة. فقد تمكنت فعاليات مهرجان «موازين إيقاعات العالم»، التي أقبلت على برمجتها العربية والمغربية و الدولية الملايين من الجماهير التي أثثت، في جو آمن متشبع بقيم التسامح والتنوع والتعددية والإيمان بالاختلاف وحرية الإبداع، منصات العاصمة الرباط التي تحولت إلى قبلة للفن والإبداع لحوالي أسبوع. تجدد فعاليات مهرجان «موازين إيقاعات العالم»، يومه السبت وغد الأحد للجمهور المغربي و الأجنبي صلته بأبرز الأسماء الفنية والوطنية والعربية والعالمية التي تمثل تيارات وألوان مختلفة في المشهد الموسيقي والغنائي كما فعلت طيلة أيام الدورة الرابعة عشرة. فقد تابع جمهور غفير بمنصة السويسي في إطار الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «موازين .. إيقاعات العالم»، أمس الجمعةعرضا فنيا متميزا للمغني البريطاني ستينغ الذي ألهب الآلاف من المتفرجين بأدائه الفني الرائع جعل من مشاركته الثانية في موازين تجربة مثيرة. كما أتحف «بلبل الخليج» نبيل شعيل، الذي أدى أغاني ببصمة إيقاعية مغربية منذ بداياته في اليوم السابع من فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان «موازين .. إيقاعات العالم»، وغير بعيد عن منصة النهضة كان لجمهور منصة أبي رقراق موعد مع سفراء الفن الإفريقي ساليف كيتا، تيدان وأمادو كرووف الذين قدموا روائع من ريبرتوار الموسيقى والغناء الإفريقي، كما كان للجمهور لقاء مع الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط صاحب الصوت الأصيل، الذي حظي بتكريم من «جمعية مغرب الثقافات» في شخص مدير البرمجة المغربية حسن النفالي الذي منحه جائزة المهرجان اعترافا لما قدمه للفن المغربي. فيما أحيت حفل قاعة النهضة الفنانة التونسية نجاة عطية التي لفتت الأنظار بأدائها وصوتها المتميزين، أما منصة سلا فاستقبلت جديد نجوم الشباب، فيما حط جمهور مهرجان (موازين)، الرحال بمالاغا، ليجوب عوالم الطانغو، مع الفنان الاسباني لويس دولاكاراسكا، في إطار الحفلات التي تقدم ضمن هذا المهرجان (29 مايو - 6 يونيو) تحت شعار «موسيقى في كل ميناء»، لاكتشاف الفلامينكو. عاش جمهور موازين إيقاعات العالم مساء يوم الأربعاء 3 يونيو 2015 لحظات ممتعة مع التركي مسعود كرتس، وهو الفنان التركي المعروف بإنشاده باللغة الإنجليزية والتركية والعربية. مسعود كرتس شاب وسيم المحيي، حركي الحضور، ونشيط في تقديم أغانيه ذات الطابع الخاص. صفق جمهور موازين طويلا لهذا الفنان التركي المقدوني، وهو يغني طوال ساعتين بفضاء المسرح الوطني محمد الخامس، غناءه عرف تفاعلا كبيرا مع الجمهور، غنى مسعود كرتس أغاني متنوعة من قبيل: عيد سعيد، بسم الله، كل ليلة.. كما حرص الفنان التركي عبر أغاني كثيرة قدمها للجمهور الحاضر على تنويع لغة الأغاني المقدمة بين الإنجليزية والعربية والتركية.. مسعود كرتس فنان مرهف الإحساس، ولد سنة 1981، حصل على الباكالوريا في معهد أوسكوب، ثم استكمل دراساته العليا ببريطانيا. عرف ألبومه الأول «صلوات» نجاحات كبرى في عدد من الدول، واستمر في الإصدار بإنتاج ألبوم ثان بعنوان « Beloved» ثم ألبوم ثالث بعنوان: « تبسم» سنة 2013. وكل من تابع هذه التجربة الموسيقية ذات الخصوصية يتأكد أن مسعود كرتس ظاهرة فنية بامتياز. وبقاعة سينما النهضة بالرباط، حج جمهور غفير ليتابع الفنان المغربي حايم بتبل، الشخصية الفنية التي ساهمت في إثراء ريبيرتوار الأغنية الشعبية على مدى عقود سنوات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، من خلال السهرات المنظمة بفاس أو من خلال الأغاني المبثوثة في الإذاعة والتلفزة المغربية. غنى حاييم بوطبول أغاني مغربية جميلة، تمزج بين الكلمة المختارة والإيقاع المتميز، غنى عناوين من ريبيرتواره الفني كما من تراث الأغنية الشعبية المغربية، من قبيل: «أنا سانتيمونتال» و «آيلي سيدي احبيبي فين هو» و « صدرك على صدري حتي يبان فجري وزينك هبلني» و»كولي علاش طولت الغيبة، لحبيبة راه بيناتنا العهد والمحبة» و « أنا قليبي بيد كويتو وجرح ما صاب دوا» و «أنا وأنا شوفو حالتي أنا وزين كبالتي» وخذ زين ولا تعدبوشي» و»غني معاي غني على الفرحة».. حرص الفنان حاييم بوطبول ، رغم تقدم سنه، على تقديم جملة من الأغاني التي طلبها الجمهور الحاضر، كما حرص التجاوب مع الحضور الذي ظل معه في حوار مفتوح طيلة ساعات السهرة. طوال ساعة ونصف غنت فرقة حايم بتبل المكونة من 13 عضو بين عازفين وكورال أغاني مغربية طرب لها الجميع. وفي منصة الطرب، استطاع الفنان اللبناني ملحم زين جذب جمهور بأعداد مهمة لمنصة الطرب الشرقي بحي النهضة، ملحم زين هو الفنان المعروف بأسلوبه الخاص في تقديم أغاني عربية لقيت نجاحات كبرى منذ ألبومه الغنائي الأول «أنت مشيتي» سنة 2004 وصفق الجمهور الكثيف لمجموع أغاني الفنان ملحم زين، وصفق بالأخص لأغنيته الناجحة «علواه» ، كما أنصت الحضور لمجموع إنتاجاته كما جاءت في ألبوم «بدي حبك» ثم ألبوم «ممنون لك أنا». أطرب ملحم زين الجمهور بحفله الساهر وأغاني على إيقاع الدبكة رقص على إيقاعاتها الكثير. ملحم زين أو كما يلقّبه المعجبون «الريس» أتحف الجميع أيضا بصوته الرنان وحضوره الوازن على الخشبة. وعلى ضفاف نهر أبي رقراق، حيث المشهد شاعري للناظرين، التف حول المغني الفرنسي يانيك نوا أعداد غفيرة من الجمهور من مختلف الجنسيات. الفنان يانيك نوا، الشهير سابقا كلاعب لكرة المضرب، استطاع أن يكون في حجم انتظارات عدد كبير المعجبين. غنى يانيك نوا أغاني متنوعة تمزج بين الأغاني الرومانسية وأخرى إيقاعية، كما تنوع جمهوره من جميع الأعمار والفئات. ورغم أن المغني يانيك نوا يلتقى أول مرة بالجمهور المغربي بشكل مباشر، فقد تفاعل معه الحضور بشكل كبير، حيث نزل يحيي الحضور ويغني فرحا وسط آلاف المعجبين.. غنى يانيك نوا جديده كما غنى من ألبومه « métisses « و«charango « و «combas ordinaires» . ولعل ما ينتظره منه الجمهور مستقبلا كبير جدا، خاصة وأنه بدأ تعاونا مثمرا مع فنانين عمالقة من حجم جون جاك كولدمان وكرون كورد مالاد وجون لوي أوبير. بالموازاة، ظهر النجم العالمي «إيكون» محلقا في سماء منصة السويسي، هذا الفنان الذي استطاع بيع 35 مليون ألبوم على المستوى العالمي بالإضافة إلى إحرازه على 5 جوائز «غرامي» و45 أغنية مصنفة بترتيب Billboard Hot 100. وخصّص له الجمهور احتفالا يليق بنجوميته ويليق بأسلوبه الغنائي الفريد الذي يمزج بين ألحان عصرية وإيقاعات إفريقية، بحيث استمتع كل الحضور بحفل استثنائي لمدة أزيد من 90 دقيقة. وأهدت منصة سلا الجمهور موعدا فنيا مغربيا بامتياز، مع سهرات متميزة استهلتها فرقة «بابل» الفائزة بمسابقة جيل موازين سنة 2011، تلاها الفنان فريد غنام الفائز بالجائزة الأولى لمسابقة جيل موازين سنة 2007. وتبع هذا سهرة الفنان حسن المغربي الذي يمتلك أغان شهيرة اكتسحت الساحة الموسيقية المغربية، ثم فرقة «مازاغان» الشهيرة وكذا فرقة «روابا كرو» الفائزة بمسابقة جيل موازين سنة 2011 في فئة «الراب». أما حفل « Bleus Every where I Go «فقد كان هو عنوان سهرة مساء الثلاثاء.. حيث لم يكن موعدا فنيا عاديا.. فقد أطلت على جمهور الدورة الرابعة عشر من مهرجان «موازين إيقاعات العالم» شخصية متفردة في عالم الفن والموسيقى، إنها الأمريكية الممثلة والمؤلفة والعازفة والمنتجة الفنية باربارا هاندريكس، التي بوأتها الأممالمتحدة مسؤولية وصفة «سفيرة النوايا الحسنة»، ولالتزامها في شأن القضايا الإنسانية وعطاءاتها المتواصلة وإبداعاتها الفنية الغزيرة نالت هذه الصفة بشكل منفرد في العالم كسفيرة النوايا الحسنة مدى الحياة، وبذلك استحقت هذه الفنانة جميع الصفات الاستثنائية الإيجابية بعد نيلها هذا الشرف العالمي. حج كثير من المعجين وعشاق موسيقى البلوز لمتابعة إحدى أكبر نجمات هذا الفن عالميا، حج مواطنون من كل حدب وصوب من مدن خارج مدينة الرباط. امتلأت جنبات المسرح الوطني محمد الخامس عن آخره، بحيث يصعب أن تجد مقعدا بعد التأخر عن موعد الافتتاح. أهدت الفنانة العالمية باربارا هاندريكس الجمهور الحاضر بطاقة سفر روحي، للارتقاء بالمتلقي من ضنك اليومي إلى مراتب عليا في الإندماج الروحي. غنت ورقصت وعزفت إيقاعات متنوعة ممتعة. بابارا هاندريكس الفنانة الأمريكية الشهيرة في جميع بقاع العالم، ذات البشرة السمراء، طويلة القامة، بنية جسدية ممتلئة، تملك تجربة في الحياة كما في المجال الفني، مبدعة من طراز رفيع، تتوسط فرقة موسيقية من كبار العازفين والفنيين، منهم ماتياس ألكوتسون (البيانو والرغن) وماكس شولتز (الغيثارة) وكريس مونتيغمري (البطاريات) وكلاس لاسبو (الكونترباس) وأولف إنجلند (الإضاءة) وجليان فيري (الصوت) أوليفيي كاسياس (الإنتاج). جمعت الفنانة الأمريكية باربارا بين التمكن والخبرة وبين الإبداع الراقي في الأغاني المقدمة هذه السهرة، فأبحرت بيقين في مناطق موغلة من سفر فني ممتع جذاب، ومن اليسر أن تتحول بصوتها من مقام إلى مقام، تصعد تارة وتنزل تارة، بالموازاة شكلت نغمات القيثارة الكهربائية حضورا قويا ومكثفا في تشكيل التعبيرات الموسيقية المنتجة. مع تلك الأجواء أضحت جنبات المسرح الوطني محمد الخامس يغيم عليها سحر الصمت الجميل، المستهدف تركيزا وتأملا في الموسيقى والوجود، قبل أن تحول باربارا هاندريكس الإيقاعات ويصبح الجمهور في مهب تغييرات موسيقية عاصفة. غنت بارابا ورقصت، لكنها أيضا قدمت موسيقى وأصوات بفمها من دون عزف آلاتن مما دفع الجمهور ليصفق بشكل قوي بالمسرح لسيدة تروض كل الأعضاء وكل الأحاسيس من أجل أن تنتج فرحا فنيا من نوع خاص. غنت بابارا أغاني ريبيرتوارها الشهيرة، من ذلك: «جاست لايك أو رين» و «داون أند كروس أو راود» و « أادار مان» وأغاني كثيرة جميلة. فاستطاعت جذب الجمهور لمدة تزيد عن الساعتين. وفي ختام هذا الحفل الفني الكبير، تأكد للحضور أن بابارا هي فنانة من نوع خاص، بفضل قدراتها وإبداعاتها التي مكنتها من تسجيل أكثر من 80 أسطوانة، مع كبار الشركات العالمية مثل «سوني» و»ديكا»، قبل أن تتفرغ لتطلق تسجيلاتها الخاصة تحت اسم « أرت فيروم». وبفضاء مسرح النهضة التف جمهور مهم لمتابعة تجربة «إخوان العكاف»، التي جاءت هذا المساء لتقدم أحلى ريبيرتوارها الموسيقى، المعروف بتميزه وخصوصيته في استعمال الآلات المغربية وإنتاج الإيقاعات، خاصة آلة الرباب والسنتير والبندير. تحلق حول فرقة «إخوان العكاف» جمهور من نوعي خاص، طالب بتقديم أغاني محددة، رقص على إثرها فرحا وتفاعلا مع هذه التجربة المغربية. تقدم فرقة «إخوان العكاف» جل أعمالها بأسلوب البلوز.. وبلعيد العكاف هو الأخ الأكبر للمجموعة، التي التحق بها عدد من الأبناء الشباب. وبالمنصة الشرقية، حضر عشاق الفنانة اللبنانية إليسا لمتابعة سهرة بدت مغرية منذ لحظاتها الأولى.. غنت النجمة اللبنانية أجمل أغانيها، الحديثة والسابقة، غنت: «تغيب بتروح» و «ضاع العنوان» و «مين بيلوم» و»من قلبى غنيت» و«سهرني» و«سالنا» و»واخرتها معاك» و»حياة الحب» و«حيلم الاحلام»، و«بدي دوب» و«ده لولاك» و «ده لولاك» و « غالي» .. تفاعل معجبون كثر مع أغاني اللبنانية إليسا ورددوا كثيرا من الكلمات والمعزوفات.. تحولت منصة الطرب الشرقي إلى فضاء مفتوح للسهر واستعادة المغنى الجميل. وبمنصة الأغنية المغربية بسلا، شارك في حفل موازين لليوم الخامس عدد من الفنانين المغاربة، فجمعت منصة سلا عددا من النجوم ، حيث توالى على الخشبة مجموعة كناوة ستون ومجموعة إيليكتريك جلابة ومجموعة كناوة كليك، ومجموعة المعلم محمود. و تجاوب الجمهور الحاضر بقوة على الألوان الموسيقية المقدمة، حيث تفننت الفرق الموسيقية المغربية في تقديم إبداعاتها ذات الطابع الذي يزاوج بين الحديث والتراثي. وشكلت منصة شالة هذا اليوم منعطفا من أجل التوقف في ميناء لشبونة في البرتغال، حيث التقى الجمهور «ماريا بيراسارتس التي مزجت صوتها بعزف قيثارة الفلامينكو لمنح لوحة غنائية بزخم شعري حميمي. وفي هذا اليوم الخامس من المهرجان، رقصت مدينة الرباط على إيقاعات عروض الشوارع. إذ استمتع الحضور بعروض شيقة مع فرقة «سو كي ماغش دوبو» التي قدّمت احتفالا رائعا، علاوة عن عروض فرقة «دانس دي باون» القادمة من الهند وفرقة «كولوكولو» وفرقة «بيت ذات درام» التي تنهل من التعبيرات الفنية المتعددة.