إبراهيم أولتيت, باحث من جيل الأكاديميين الشباب الذين التحقوا بالجامعة المغربية في السنوات الأخيرة .. همهم المشترك هو البحث عن أجوبة موضوعية لما يمور به الحقل السياسي الوطني من أسئلة عميقة و متقاطعة .. أسئلة السلطة والدولة .. الدستور و الدستورانية .. الدمقرطة والتحديث .. الحق والقانون و التأصيل العالم لمثل هاته المفاهيم .. استدعينا معه بعضا من كلام في عجالة حول التيار السلفي، الإدماج و الاحتواء .. ماذا وقع و ماذا سيقع .. ؟ بشكل واضح, يتم اللجوء لعملية إدماج تيار سياسي أو دعوي في حزب معين.. هل هذا الخيار مفيد في الحقل السياسي المغربي ..؟ هناك شق أول لابد من استحضاره في هذا النقاش .. هذه التيارات المتحدث عنها هل تملك القدرة على تكوين أحزاب سياسية باسمها.. أم أنها تخشى من رفض القانون لتأسيس أحزاب على أساس ديني، و لذلك تجد نفسها أمام إعادة إحياء تجربة العدالة و التنمية مع عبد الكريم الخطيب. هناك شق ثان .. هل تملك هاته الأحزاب المستقبِلة القدرة على تذويب هذه الفعاليات داخلها أم ستكون عرضة لنفس تجربة الخطيب ، بحلول حزب جديد محله .. على اعتبار أن حجة الخضوع لقوانين التنظيم الحزبي تبقى حجة مردود عليها، لأن القانون يمكن تعديله على أساس الأغلبية.. و من زاوية أخرى، هل هناك اتفاق ضمني بين الحزب المستقبِل و الوافدين الجدد على أساس الالتزام بالانتماء كأفراد بعيدا عن صفتهم السابقة.. ثم هل حركة عرشان بخيارها هذا تحكمت فيها الحسابات الانتخابية أم الأبعاد الاستراتيجية لهذا الاختيار . يقول المتتبعون ..إنه وحي يوحى و أوحي به لحزب عرشان لاستقبال جزء آخر من التيار السلفي ..؟ الجواب مرتبط باستقلالية القرار الحزبي أولا .. و علاقته بالتوجه العام لإدماج هاته الفئة من الفاعلين و تأطيرهم داخل حزب يصنف تقليديا بأنه حزب الإدارة .. إذن لا يمكن أن يتصرف بدون توجيه ، فالأمر تحضر فيه السياسة الدينية للدولة .. ؟ بالتأكيد .. ذلك يقع في تماس مع الاستراتيجيات الموضوعة للحقل الديني ، علما وهذا ما يزكي تحليلنا .. أن الخطاب الإسلامي بصفة عامة أفقه الاستراتيجي هو الخلافة و يخاطب الأمة الإسلامية .. و لا يخاطب الدولة ، فهل يعقل أن يستقبل حزب وطني بين قوسين ، ليبرالي بين مزدوجتين أيضا، أفرادا يعلنون صراحة عن توجهاتهم الدينية السلفية . هناك من وصف هذا الخيار بالعقلانية .. ؟ في نظري المتواضع ، قد يكون خيارا عقلانيا يحافظ على مقتضيات النص القانوني الذي يمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني و في نفس الوقت يضمن مشاركة من يحمل تصورات دينية لبوثقته داخل حزب معترف به .. من ناحية ثانية السلطة تبحث عن الاستمرارية و عن الاستقرار ، و بالتالي إدماج هؤلاء في الفعل السياسي «الرسمي» ستكون له نتائج سياسية أكثر مردودية من إقصائهم و بحثهم عن انتماءات أخرى أو حتى الابتعاد عن الشأن العام .. في انتظار تحقق ما يسمح لهم بالاشتغال وفقا لتوجهاتهم .. في هذه الحالة.. الانتظارية لها كلفتها السياسية بالنسبة إليهم .. و هذا أيضا غير ممكن في ظل نظام تحتكر فيه الملكية الشأن و الحقل الديني . أستاذ أولتيت .. ماهو العائد السياسي من هذه الدينامية .. ؟ تقودنا محاولة الجواب إلى نظرية «السياسي المستثمر» ، فمن ناحية .. السلطة تسعى إلى توسيع فضاء المشاركة و إمكانيتها ، ثانيا .. محاولة خلق منافسين يقبلون بالمشاركة في ظل شروط محددة مسبقا ، هذا من شأنه التقليل من إمكانية استغلال حزب وحيد أو حزبين لما هو ديني على الأقل في خطابهما الدعوي، مما يمكن اعتباره موردا سياسيا يتم تخزينه و يمكن تفعيله في لحظة من لحظات الممارسة السياسية . هل ستنجح هذه التوليفة ؟ إمكانية النجاح أو الفشل ترجع إلى التالي.. ماذا يريد حزب عرشان من استقطابهم.. هل أخذ بعين الاعتبار دروس تجربة الخطيب من جهة، و من ناحية أخرى طبيعة اندماج السلفيين، هل هو على أساس تنظيمي مخطط له أم فقط إرادة أفراد.. في الظن السليم .. لكل تجربة خصوصيتها..؟ هذا أمر مفروغ منه و محسوم فيه .. القائمون وراء هذه التجربة هم من يملكون مفاتيح و حقائق هذا الخيار .. أقصد المخططون لهذا الاندماج ، علما أن السياسة في جزء منها تُصنع في الخفاء .